- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
جريمة سرقة واختلاس البيانات الإلكترونية للدولة
بقلم: القاضي أريج خليل
بعد أن تحولت تكنولوجيا المعلومات والاتصالات مؤخرا إلى واقع يلامس كل جوانب الحياة، وبعد أن أصبحت من أهم معالم التطور والتنمية فإن هذا التطور التكنولوجي افرز مجموعة من أصحاب النوايا الإجرامية والذين يبحثون عن معلومات لغرض اختلاسها وسرقتها ومن ثم بيعها أو التعدي على حقوق أصحابها وان أبرز الجرائم المعلوماتية الجديدة هي الجرائم المتعلقة بالأنظمة والبيانات والمعلومات ومن ضمنها جريمة الدخول غير المشروع إلى النظام المعلوماتي وجريمة التعدي على سلامة الأنظمة المعلوماتية للدولة وجريمة إعاقة عمل الشبكات الإلكترونية او جريمة التشويش والتعطيل المتعمد، فضلا عن الجريمة موضوع هذا المقال المتعلقة بسرقة واختلاس البيانات الإلكترونية للدولة ومؤسساتها.
إن الإشكاليات بدأت تظهر وبقوة في ظل الغياب المستمر لقانون مكافحة الجرائم الإلكترونية لاسيما وأنها تتسع يوما بعد آخر وتتشعّب بشكل كبير قد لا تتداركه النصوص النافذة، المشرع العراقي في قانون العقوبات العراقي رقم ١١١ لسنة ١٩٦٩ كان له أفق واسع في صياغة النصوص القانونية بحيث ما زالت تطبق هذا النصوص على الجرائم التي ظهرت بعد صدوره ومنها الجرائم الإلكترونية.
المادة ٢٦٤ من قانون العقوبات العراقي تعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سبع سنوات او بالحبس كل من سرق أو اختلس أو نزع او اتلف أوراقا او مستندات او أشياء او وثائق او سجلات او دفاتر متعلقة بالدولة او بإحدى السلطات العامة او أوراق إجراءات قضائية وكانت مودعة في الأماكن المعدة لحفظها أو مسلمة لشخص مكلف بحفظها ولو بصفة مؤقتة، وقد نصت المادة ٢٦٥ بأن العقوبة تكون السجن مدة لا تزيد على عشر سنين إذا كان مرتكب الجريمة هو حافظ الأشياء المذكورة او حارسها الأمين، أما المادة ٢٦٦ فقد جعلت العقوبة الحبس مدة لا تزيد على سنة اذا ارتكبت الجريمة من حافظ الأشياء او حارسها الأمين بإهماله او تقصيره، وحيث ان النصوص القانونية أعلاه واضحة وإنها تتعلق بمجموعة أفعال منها السرقة والاختلاس لبيانات الدولة المحفوظة في أماكنها المعدة لحفظها وتعتبر الأجهزة الإلكترونية والحواسيب التي اعدت لحفظ هذه البيانات هي وسيلة حفظ شأنها شأن المخازن التي تحفظ فيها الأضابير ورقيا.
إن جريمة سرقة واختلاس بيانات الدولة الإلكترونية تعد من الجرائم الخطيرة التي يجب العمل والحيلولة دون وقوعها بكافة الوسائل ومعاقبة مرتكبها لما لها من تأثير سلبي على تهديد أمن الدولة الداخلي والخارجي لاسيما أنها من الجرائم العابرة الحدود فقد يكون الاختراق والدخول غير المشروع وسرقة البيانات قد حصل من شخص خارج حدود الدولة.
هذه الجريمة لديها ركن مادي وركن معنوي وركن مفترض يتمثل الفعل المادي بالدخول غير المشروع على المواقع الحكومية للدولة او النظام المعلوماتي الخاص بجهة حكومية معينة واختلاس وسرقة المعلومات المتوفرة فيه اما الركن المعنوي المتمثل بقصد الاختلاس او السرقة بقصد إتلاف البيانات او بيعها او تعديلها مع توافر العلم والإرادة لدى الجاني بأن يعلم أن البيانات تخص مواقع حكومية لا يحق للجمهور الاطلاع عليها، والركن المفترض الذي يتمثل بافتراض وجود معلومات وبيانات على المواقع الحكومية غير متاحة للجمهور ومحفوظة في الشبكة المعلوماتية وتمس امن الدولة وسلامتها.
في الواقع العملي لا نجد نصوصا أكثر انطباقا مثل نصوص قانون العقوبات العراقي تنطبق على الجرائم الإلكترونية في ظل غياب غير مبرر لقانونها وان النصوص القانونية ٢٦٤ و٢٦٥ و٢٦٦ قد حددت العقوبة لكافة صور جريمة سرقة واختلاس البيانات الإلكترونية للدولة سواء وقعت عمدا او اهمالا وسواء كان الجاني لا علاقة له بحفظ هذه البيانات ام ان الجريمة وقعت من المسؤول عن حفظها او حراستها.
إن الخطورة الاجرامية لدى مرتكب هذه الفعل ومدى تأثير فعله على سلامة امن الدولة يجب أن يكون حافزا للإسراع بتشريع قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية كون ان هذه الجرائم أخذت تتشعب وقد نصل الى مرحلة عدم وجود نص في قانون العقوبات ينطبق عليها فيكون مرتكبها محميا دستورا وقانونا في ظل مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات (لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص).
أقرأ ايضاً
- جغرافية الجريمة
- ضرائب مقترحة تقلق العراقيين والتخوف من سرقة قرن أخرى
- جريمة عقوق الوالدين "قول كريم بسيف التجريم"