بعد مرور 10 أعوام على مصادقة مجلس النواب العراقي على اتفاقية الملاحة في خور عبدالله مع الكويت، قررت المحكمة الاتحادية، عدم دستورية تلك المصادقة، ما يعني إلغاءها من طرف واحد، لتعلن بذلك عن خطوة باتجاه "استعادة" الحقوق المائية للبلاد، وفتح الباب مجددا إلى تدخل أممي للفصل بين البلدين.
اتفاقية 2012، التي تحولت إلى قانون رقم 42 لسنة 2013، تعد من أبرز الاتفاقيات التي تسببت بضياع حق العراق في خور عبدالله المشترك مع الكويت، ومنحت الجارة الجنوبية، مساحة كبيرة على حساب المياه العراقية.
قرار المحكمة الاتحادية، الذي صدر يوم الإثنين الماضي، شكل نقطة فارقة في مسألة ترسيم الحدود المائية بين العراق والكويت، حيث يعلق الخبير في الشأن الدستوري والقانوني علي التميمي، على القرار وحيثياته بالقول إن "المحكمة الاتحادية لها السلطة والصلاحية في مراقبة دستورية القوانين، والقانون رقم 42 بشأن اتفاقية خور عبدالله، غير دستوري حسب ما فسرته المحكمة الاتحادية".
وكانت المحكمة الاتحادية، قررت الحكم بعدم دستورية قانون تصديق الاتفاقية بين حكومة جمهورية العراق وحكومة دولة الكويت بشأن تنظيم الملاحة البحرية في خور عبدالله رقم 42 لسنة 2013، وذلك لمخالفة احكام المادة 61/ رابعاً من دستور جمهورية العراق التي نصت على تنظم عملية المصادقة على المعاهدات والاتفاقيات الدولية بقانون يُسَّن بأغلبية ثلثي اعضاء مجلس النواب.
ويضيف التميمي، أن "قرار المحكمة الاتحادية بشأن قانون اتفاقية خور عبدالله ملزم وبات لجميع السلطات، فقد اعتبر القرار تصديق هذه الاتفاقية داخل البرلمان أمرا غير دستوري، وهذا الأمر ملزم لكل السلطات، ولا يمكن عدم تنفيذه من قبل أي جهة".
ويوضح أن "القرار ألغى هذه الاتفاقية، بمعنى أنها قد ألغيت من جانب واحد (من طرف العراق فقط)، وفي هذه الحالة سيتم اللجوء إلى محكمة البحار، وهي محكمة دولية وأي قرار يصدر منها سيكون ملزما للعراق والكويت معا".
ويؤكد الخبير الدستوري والقانوني، "بهذا القرار يعتبر أن العراق الآن قد خرج من اتفاقية خور عبدالله، وأصبح غير ملزم بها، وهنا يحق للكويت اللجوء إلى محكمة البحار، وكذلك العراق يحق له اللجوء لهذه المحكمة، ليكون قرارها هو النافذ على الطرفين".
يشار إلى أنه بين عامي 2008- 2010، أعدت وزارة النقل خطة "المبادلة" مع الكويت لغرض ترسيم الحدود البحرية، وبموجب هذه الاتفاقية، فإن العراق منح الكويت السيطرة التامة على أغلب المياه.
وأواخر العام 2021، أثيرت قضية إنشاء الكويت لجزر اصطناعية بغية تقريب حدودها والسيطرة على مدخل خور عبدالله، وهو ما لم يتحرك بشأنه العراق دوليا، بل قدمت الكويت حدودها الجديدة للأمم المتحدة لغرض إقرارها، دون تحرك ضدها من قبل العراق.
وبموجب القرار 833 لسنة 1993، الصادر عن مجلس الأمن الدولي، قام بتقسيم خور عبد الله مناصفة بين العراق والكويت، فالحدود تبدأ من العلامة 107 إلى 110 وتمثل خط الساحل بين الجانبين، أي تكون المياه للعراق واليابسة للكويت، ومن النقطة 111 إلى 134 هو خور شيطانة، وتمثل خط التالوك لمجرى الينابيع العذبة، وبالتالي أصبح المجال البحري للعراق أكبر من مجال الجانب الكويتي، ومن النقطة 134 إلى 162 هو خور عبد الله، ويكون مناصفة بين العراق والكويت، أي الجزء الشمالي للعراق والجنوبي للكويت. فيما ترك القرار، ما بعد العلامة 162، ولم يرسمها، ورهن تحديدها بمفاوضات بين العراق والكويت.
من جهته، يبين النائب عن كتلة صادقون أحمد الموسوي، أن "قرار المحكمة الاتحادية بإلغاء الاتفاقية بين العراق والكويت، هو قرار شجاع، وأعاد حق العراق من جديد بالخور".
ويضيف الموسوي، أن "المرحلة المقبلة ربما تشهد حوارات بين العراق والكويت من أجل الوصول إلى اتفاقات جديدة بشأن الملاحة البحرية ما بين الطرفين، ونحن في مجلس النواب سيكون لنا رأي وقول من أي اتفاقية تعقد بشأن حقوق العراق، ولن نصوت على أي اتفاقية فيها أي ضياع لحقوق البلاد".
ويلفت إلى أن "مجلس النواب مع بدء جلساته بعد انتهاء زيارة الأربعين، سيعمل على استضافة الجهات الحكومية ذات العلاقة بهذا الخصوص، لمعرفة ما هي الإجراءات والقرارات التي سوف تتخذ بشأن اتفاقية خور عبدالله بعد قرار المحكمة الاتحادية، الذي ألغى الاتفاقية".
وأواخر العام الماضي، سلم السفير الكويتي في بغداد طارق الفرج، وزارة الخارجية العراقية، مذكرة احتجاج بشأن قيام ثلاث قطع بحرية عراقية بتجاوز المياه الإقليمية لدولة الكويت، ومطالبتها بسحب هذه القطع فورا خارج المياه الإقليمية.
وجاء التحرك الكويتي آنذاك، بعد أن كشف وزير النقل الأسبق عامر عبد الجبار، عن تجاوز خفر السواحل الكويتي على الحفارة العراقية "ذي قار" داخل خور عبدالله.
يذكر أن الكويت وإيران، عقدتا في 14 من آذار الماضي، اجتماعا مشتركا في طهران لبحث مسألة ترسيم الحدود البحرية بين الدولتين، والتأكيد على ضرورة حسم هذا الأمر بالشكل الذي يتوافق مع قواعد القانون الدولي، بحسب ما أوردت وكالة الأنباء الكويتية في حينها، دون أن يتم إشراك العراق، لاسيما وأنه يتوسط الدولتين.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- "بحر النجف" يحتضر.. قلة الأمطار وغياب الآبار التدفقية يحاصرانه (صور)
- بينهم عروس تستعد ليوم زفافها :قصف وحشي في بعلبك يخلف (19) شهيدا منهم (14) طفلا وأمرأة
- سعر النفط بموازنة 2025.. طبيعي أم يؤدي لأزمة؟