كشف قرار إلغاء الاستثناءات في القبول بالكليات العسكرية والأمنية، الذي اتخذه القائد العام للقوات المسلحة ورئيس الوزراء، عن حجم تلك الاستثناءات الباعث على التدخل من أعلى المستويات، وفيما شكك خبير أمني بتطبيق هذا القرار نظراً لتغلغل الفساد داخل تلك المؤسسات، دعمت لجنة الأمن والدفاع النيابية هذا التوجّه، مؤكدة متابعتها لهذا الملف.
ويقول الخبير في الشأن الأمني أحمد الشريفي، إن "توجيه رئيس الوزراء، بإلغاء الاستثناءات الخاصة بالقبول في الكليات والمعاهد العسكرية والأمنية من الضوابط المعمول بها واعتماد التنافس حسب القانون، يكشف عن حجم الاستثناءات الخاصة بهذه الكليات والمعاهد، ولذا جاء تدخل السوداني بشكل مباشر".
ويوضح الشريفي، أن "هناك تدخّلاً كبيراً من قبل شخصيات وجهات متنفذة بعمل الكليات والمعاهد العسكرية والأمنية، وهذا هو سبب تراجع تصنيفات تلك المؤسسات، إذ تعمل جهات سياسية على جعل المؤسسة العسكرية أو الأمنية مؤسسة اقتصادية تابعة لها كحال باقي الوزارات".
ويضيف أن "نظام المحاصصة هو سبب فتح الباب أمام التدخلات السياسية بعمل المؤسسات الأمنية والعسكرية، بل إن الأمر وصل بالمحاصصة إلى التدخل بقبولات هذه الكليات والمعاهد، وهذا سبب جديد للتراجع في هذه المؤسسات".
وكان رئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة محمد شياع السوداني، قد وجّه أمس الثلاثاء، بإلغاء كافة الاستثناءات الخاصة بالقبول في الكليات والمعاهد العسكرية والأمنية، مؤكداً على ضرورة أن يعتمد التنافس حسب القانون والضوابط والمعايير ضماناً لتحقيق العدالة والمساواة بين المتقدمين، كما تضمن أمر السوداني أيضاً أن تتبنى الجهات الرقابية والتفتيشية وهيئة النزاهة الاتحادية تعقيب أي حالة تقع خارج ما ورد في قراره.
ودعت وزارة الدفاع، السبت الماضي، المتقدمين للدورة التأهيلية رقم 87 لإجراء الفحص الطبي في الكلية العسكرية في الرستمية.
وكشفت وسائل اعلام محلية عن تقرير نيابي "خطير" حول شبهات فساد بقبولات الكلية العسكرية، ومزوَّد بتفاصيل دقيقة عن أماكن اجتماع الضباط الذين اتهمهم التقرير بأخذ الرشى لقبول الطلبة، ما دفع خبراء بالأمن إلى التأكيد أن هذا الفساد بالقبول سينتج ضباطا فاسدين أيضا، وهو ما أدى لظهور قوات غير قادرة على القيام بمهامها بشكل صحيح.
من جهته، يشير الخبير الأمني والعسكري عدنان الكناني، إلى أن "الفساد والمحاصصة وصلا إلى الكليات والمعاهد العسكرية والأمنية، فللأسف هناك استثناءات خاصة تتعلق بالقبولات في هذه الأكاديميات، تباع بمبالغ كبيرة جداً من أجل الحصول عليها".
ويشكك الخبير الأمني والعسكري بـ"قضية إلغاء الاستثناءات الخاصة بالقبول في الكليات والمعاهد العسكرية والأمنية من قبل رئيس الوزراء، لأن هناك جهات وشخصيات بكل تأكيد ستفرض ضغطا حتى على رئيس الوزراء من أجل بقاء بعض المستثنين، فالدولة العراقية تدار حالياً وفق المصالح السياسية والشخصية".
ويكشف الكناني، أن "جهات وشخصيات سياسية متنفذة تفرض أوامرها للحصول على الاستثناءات الخاصة بالقبول في الكليات والمعاهد العسكرية والأمنية، خصوصاً أن تلك الجهات والشخصيات هي من أوصلت بعض الضباط لبعض المناصب العليا وهي من تحمي ضباطا آخرين، إذ تتحكم بالمؤسسة الأمنية والعسكرية بحسب مصالحها الشخصية والحزبية".
وتشهد المؤسسة الأمنية والعسكرية، خروقا كبيرة، فيما يخص بقاء الضباط بمناصبهم العليا لسنوات طويلة، متجاوزين السقف الزمني المحدد لكل منصب، وكشفت وثيقة عن توجه رئيس الحكومة والقائد العام للقوات المسلحة إلى معالجة المسألة، لكن جميع التوجيهات التي أصدرها وزير الدفاع استجابة لهذا التوجه لم تنفذ.
وبرزت ظاهرة تقاسم المناصب العليا في الوزارات، بما فيها الأمنية، على أساس المكونات الرئيسة (الشيعة والسنة والكرد)، تحت مسمى "التوازن"، وغالبا ما توزع الحصص حسب الثقل السياسي للكتل الممثلة لكل مكون، ومدى نفوذها وقوتها في كل دورة نيابية.
في المقابل، يتحدث عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية كريم المحمداوي، عن أن لجنته "تدعم قرار وتوجيه السوداني الخاص بإلغاء الاستثناءات الخاصة بالقبول في الكليات والمعاهد العسكرية والأمنية، فهو من الضوابط المعمول بها، فاعتماد التنافس حسب القانون يخلق تنافسا حقيقيا وعادلا بين جميع أبناء الشعب العراقي".
ويبين المحمداوي، أن "لجنة الأمن والدفاع البرلمانية سوف تتابع وتراقب تنفيذ قرار رئيس الوزراء، إذ لا يمكن التدخل بعمل هذه المؤسسات التي تصنع الرجال لقيادة المؤسسات الأمنية والعسكرية المتكفلة بحماية العراق والعراقيين".
ويضيف أن "الجهات العسكرية المختصة في الكليات والمعاهد العسكرية والأمنية، عليها الكشف للجهات العليا لديها في حال واجهت أي ضغوطات أو عمليات ابتزاز تتعرض لها من قبل أي جهة أو شخص للحصول على الاستثناءات الخاصة، ونحن سوف نعمل على متابعة هذا الأمر بشكل ميداني من خلال الزيارات المفاجئة لتلك الكليات والمعاهد، وعمل استضافات بشكل دوري للمسؤولين عن تلك المؤسسات".
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- هل ستفرض نتائج التعداد السكاني واقعا جديدا في "المحاصصة"؟
- هل تطيح "أزمة الدولار" بمحافظ البنك المركزي؟
- انتخاب المشهداني "أحرجه".. هل ينفذ السوداني التعديل الوزاري؟