- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
خطبة الامام زين العابدين في مجلس يزيد
بقلم: محمدعلي ابو هارون
بعد الامام الحسين (ع) ونهضته الكبرى في كربلاء انتصار الدم على السيف كان لركني النهضة الخالدة الدور الأساس في تعبئة الجماهير وكشف زيف الحكام وكذب مدعياتهم وتبيين الحقائق للأمة المغفلة المضللة بتضليل الحاكمين.
أعني الامام علي بن الحسين زين العابدين وعمته زينب الكبرى بطلة كربلاء بنت علي (عليهم السلام)، خطبا الاثنان في مجلس يزيد بالشام وكان لوقع كلامهما العلوي المحمدي أبلغ الأثر في كشف مخططات التضليل والتجهيل .
كانت كلمات الامام زين العابدين وعمته زينب (عليهما السلام) بمثابة زلزال هز اركان نظام السلطة المتغطرسة وحرك ضمير الناس الذي تم شرائه بالمال والترغيب والترهيب والمطامع الزائفة.
نقف عند كلمات الامام علي بن الحسين (عليه السلام) صاحب الصحيفة السجادية ورسالة الحقوق ومدرسة الدعاء والعبادة والولاء.
في خطبة الامام زين العابدين في الشام أكثر من عبرة وأوسع من بيان إنها كلمات سليل النبوة والامامة .
كلمات تسترعي الإنتباه والتأمل والتوقف عندها لأنها تحمل مداليل واسعة .
نص الخطبة:
قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عليه السلام: "يَا يَزِيدُ ائْذَنْ لِي حَتَّى أَصْعَدَ هَذِهِ الْأَعْوَادَ، فَأَتَكَلَّمَ بِكَلِمَاتٍ لِلَّهِ فِيهِنَّ رِضاً وَ لِهَؤُلَاءِ الْجُلَسَ.
ثُمَّ قَالَ: "أَيُّهَا النَّاسُ، أُعْطِينَا سِتّاً وَفُضِّلْنَا بِسَبْعٍ، أُعْطِينَا الْعِلْمَ وَالْحِلْمَ وَالسَّمَاحَةَ وَالْفَصَاحَةَ وَالشَّجَاعَةَ وَالْمَحَبَّةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ، وَفُضِّلْنَا بِأَنَّ مِنَّا النَّبِيَّ الْمُخْتَارَ وَمِنَّا الصِّدِّيقُ، وَمِنَّا الطَّيَّارُ، وَمِنَّا أَسَدُ اللَّهِ وَأَسَدُ رَسُولِهِ، وَمِنَّا سِبْطَا هَذِهِ الْأُمَّةِ، مَنْ عَرَفَنِي فَقَدْ عَرَفَنِي وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْنِي أَنْبَأْتُهُ بِحَسَبِي وَنَسَبِي.
أَيُّهَا النَّاسُ، أَنَا ابْنُ مَكَّةَ وَمِنَى، أَنَا ابْنُ زَمْزَمَ وَالصَّفَا، أَنَا ابْنُ مَنْ حَمَلَ الرُّكْنَ بِأَطْرَافِ الرِّدَا.
أَنَا ابْنُ خَيْرِ مَنِ ائْتَزَرَ وَارْتَدَى، أَنَا ابْنُ خَيْرِ مَنِ انْتَعَلَ وَاحْتَفَى، أَنَا ابْنُ خَيْرِ مَنْ طَافَ وَسَعَى.
أَنَا ابْنُ خَيْرِ مَنْ حَجَّ وَلَبَّى، أَنَا ابْنُ مَنْ حُمِلَ عَلَى الْبُرَاقِ فِي الْهَوَاءِ.
أَنَا ابْنُ مَنْ أُسْرِيَ بِهِ مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى، أَنَا ابْنُ مَنْ بَلَغَ بِهِ جَبْرَئِيلُ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى.
أَنَا ابْنُ مَنْ دَنا فَتَدَلَّى فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى، أَنَا ابْنُ مَنْ صَلَّى بِمَلَائِكَةِ السَّمَاءِ، أَنَا ابْنُ مَنْ أَوْحَى إِلَيْهِ الْجَلِيلُ مَا أَوْحَى.
أَنَا ابْنُ مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَى، أَنَا ابْنُ عَلِيٍّ الْمُرْتَضَى، أَنَا ابْنُ مَنْ ضَرَبَ خَرَاطِيمَ الْخَلْقِ حَتَّى قَالُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ.
أَنَا ابْنُ مَنْ ضَرَبَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ بِسَيْفَيْنِ، وَطَعَنَ بِرُمْحَيْنِ، وَهَاجَرَ الْهِجْرَتَيْنِ، وَبَايَعَ الْبَيْعَتَيْنِ، وَقَاتَلَ بِبَدْرٍ وَحُنَيْنٍ، وَلَمْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ، أَنَا ابْنُ صَالِحِ الْمُؤْمِنِينَ، وَوَارِثِ النَّبِيِّينَ، وَقَامِعِ الْمُلْحِدِينَ، وَيَعْسُوبِ الْمُسْلِمِينَ، وَنُورِ الْمُجَاهِدِينَ، وَزَيْنِ الْعَابِدِينَ، وَتَاجِ الْبَكَّائِينَ، وَأَصْبَرِ الصَّابِرِينَ، وَأَفْضَلِ الْقَائِمِينَ مِنْ آلِ يَاسِينَ رَسُولِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
أَنَا ابْنُ الْمُؤَيَّدِ بِجَبْرَئِيلَ الْمَنْصُورِ بِمِيكَائِيلَ، أَنَا ابْنُ الْمُحَامِي عَنْ حَرَمِ الْمُسْلِمِينَ وَقَاتِلِ الْمَارِقِينَ وَالنَّاكِثِينَ وَالْقَاسِطِينَ، وَالْمُجَاهِدِ أَعْدَاءَهُ النَّاصِبِينَ، وَأَفْخَرِ مَنْ مَشَى مِنْ قُرَيْشٍ أَجْمَعِينَ، وَأَوَّلِ مَنْ أَجَابَ وَاسْتَجَابَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَوَّلِ السَّابِقِينَ، وَقَاصِمِ الْمُعْتَدِينَ، وَمُبِيدِ الْمُشْرِكِينَ، وَسَهْمٍ مِنْ مَرَامِي اللَّهِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ، وَلِسَانِ حِكْمَةِ الْعَابِدِينَ، وَنَاصِرِ دِينِ اللَّهِ، وَوَلِيِّ أَمْرِ اللَّهِ، وَبُسْتَانِ حِكْمَةِ اللَّهِ، وَعَيْبَةِ عِلْمِهِ.
سَمِحٌ سَخِيٌّ بَهِيٌّ بُهْلُولٌ زَكِيٌّ أَبْطَحِيٌّ، رَضِيٌّ مِقْدَامٌ هُمَامٌ صَابِرٌ صَوَّامٌ، مُهَذَّبٌ قَوَّامٌ، قَاطِعُ الْأَصْلَابِ، وَمُفَرِّقُ الْأَحْزَابِ، أَرْبَطُهُمْ عِنَاناً، وَأَثْبَتُهُمْ جَنَاناً، وَأَمْضَاهُمْ عَزِيمَةً، وَأَشَدُّهُمْ شَكِيمَةً، أَسَدٌ بَاسِلٌ يَطْحَنُهُمْ فِي الْحُرُوبِ إِذَا ازْدَلَفَتِ الْأَسِنَّةُ وَقَرُبَتِ الْأَعِنَّةُ طَحْنَ الرَّحَى، وَيَذْرُوهُمْ فِيهَا ذَرْوَ الرِّيحِ الْهَشِيمِ.
لَيْثُ الْحِجَازِ، وَكَبْشُ الْعِرَاقِ، مَكِّيٌّ مَدَنِيٌّ، خَيْفِيٌّ عَقَبِيٌّ، بَدْرِيٌّ أُحُدِيٌّ، شَجَرِيٌّ مُهَاجِرِيٌّ، مِنَ الْعَرَبِ سَيِّدُهَا، وَمِنَ الْوَغَى لَيْثُهَا، وَارِثُ الْمَشْعَرَيْنِ، وَأَبُو السِّبْطَيْنِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ، ذَاكَ جَدِّي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ.
ثُمَّ قَالَ: أَنَا ابْنُ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ، أَنَا ابْنُ سَيِّدَةِ النِّسَاءِ.
فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُ أَنَا أَنَا حَتَّى ضَجَّ النَّاسُ بِالْبُكَاءِ وَالنَّحِيبِ، وَخَشِيَ يَزِيدُ أَنْ يكُونَ فِتْنَةٌ فَأَمَرَ الْمُؤَذِّنَ فَقَطَعَ عَلَيْهِ الْكَلَامَ، فَلَمَّا قَالَ الْمُؤَذِّنُ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ.
قَالَ عَلِيٌّ بن الحسين : لَا شَيْءَ أَكْبَرُ مِنَ اللَّهِ.
فَلَمَّا قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ.
قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ: شَهِدَ بِهَا شَعْرِي وَ بَشَرِي وَ لَحْمِي وَ دَمِي.
فَلَمَّا قَالَ الْمُؤَذِّنُ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ.
التَفَتَ مِن فَوقِ المِنبَرِ إِلَى يَزِيدَ، فَقَالَ: "مُحَمَّدٌ هَذَا جَدِّي أَم جَدُّكَ يَا يَزِيدُ؟ فَإِن زَعَمتَ أَنَّهُ جَدُّكَ فَقَد كَذَبتَ وَكَفَرتَ، وَإِن زَعَمتَ أَنَّهُ جَدِّي فَلِمَ قَتَلتَ عِترَتَهُ؟!"
دماء كربلاء
الحسين
علي بن الحسين
اولاد الحسين
اصحاب الحسين
أيقونة الفداء
دماء صنعت النصر في كربلاء
سطرت ملحمة القيم
كتبت التاريخ ورسمت الجغرافيا .
فاقت تراجيديا الاساطير و القصص الملحمية .
دماء سقت شجرة الحرية والعدالة وزرعت بذرة الصمود والتصدي .
دماء ليست كغيرها من الدماء.
زاكيات طاهرات تستنشق البشرية منها نسيم الصدق وتنتهج خط الرسالة .
إنها لوحة ليست كباقي اللوحات ومعزوفة ليست كباقي الالحان .
وقع في الوجدان وحب في شغاف القلوب .
إنها ثقافة ومعرفة حقيقية ولادونها معرفة .
بصيرة وتبيين وتبيان.
منهج ولاء جسدت اخلاق الصالحين الأتقياء
اباء وفداء
دماء لن تجف أو تبرد قط .
إنها كحرارة الصيف وشمس الظهيرة .
نور المهتدين ونار على الاعداء
دماء سقطت على الأرض ونظرت إليها عيون السماء .
إنها موسوعة ومعجم وقاموس مفردات بافق مفتوح واسع الامتداد .
تجري في عروق كل ذي روح حية .
تحرك الثائرين التواقين لنصرة الحق .
دماء كربلاء سمفونية الحب الأزلي والعشق الإلهي الواعي هي ثمرة حب وليست أحقاد حرب .
إنها مزيج العقل والعقيدة والعاطفة .
إنها دماء كربلاء
وما ادراك ما كربلاء
هي كرب وبلاء
السلام على الحسين
وعلى علي بن الحسين
وعلى اولاد الحسين
وعلى اصحاب الحسين
في كل زمان ومكان