- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
شرح دعاء اليوم السابع والعشرين من شهر رمضان المبارك
بقلم: الشيخ محمود الحلي الخفاجي
(اللّهُمَّ ارْزُقني فيهِ فَضْلَ لَيلَةِ القَدرِ، وَصَيِّرْ أمُوري فيهِ مِنَ العُسرِ إلى اليُسرِ، وَاقبَلْ مَعاذيري وَحُطَّ عَنِّي الذَّنب وَالوِزْرَ، يا رَؤُفاً بِعِبادِهِ الصّالحينَ).
- تناول الدعاء أموراً أربع سنتناولها تباعاً بعون الله وتوفيقه:
- الأمر الأول: سوف لا نتكلم في هذا الموضوع بل سنفرد له موضوعاً خاصاً إن شاء الله تعالى.
- الأمر الثاني: تحويل الأمور من العسر الى اليسر: (وَصَيِّرْ أمُوري فيهِ مِنَ العُسرِ إلى اليُسر). إن عالم الدنيا هو عالم الأزمات والعقبات، بل أن الحياة الإجتماعية لا تخلوا من المشاكل والعقبات، وهذه سنة من السنن الإلهية تحكم وجود الإنسان، وقد تكون هي الباب الأصلح للإنسان في بعض الموارد، لأنه بالشدائد قد يكون صلاح الإنسان. لكن مهما توالت الأزمات على الإنسان فإنه لابد أن يفتح له باب آخر وهو الفرج والخروج منها، وفتح الباب هذا أصبح قاعدة اجتماعية أقر مبدايتها القرآن الكريم بقوله (إن بعد العسر يسرا).
إذن.. عالم الدنيا عالم مليء بالإبتلاءات والعقبات التي يواجهها الإنسان، والدعاء يعلمنا منهجاً تربوياً للخروج منها من خلال تغيير مسار هذه الأزمات وتذليل الصعاب بمنهج تربوي من خلال اللجوء إلى الله عزوجل وبالمداومة على العمل الصالح، وهذا من شأنه أن يحدث إثاراً وتحولات في حياة الإنسان ومنها تحولها من حال الى حال وتغيير مسارها من العسر والمشاكل الى اليسر والطمأنينة والاستقرار.
حتى أن طلب تيسير الأمور هو أمر يدخل في أساليب الحوار والتبليغ في أداء الرسالة الإلهية على احسن سبيل لكي تحقق نجاحاتها في الساحة الإجتماعية وهذا ما نلحظه في حياة الأنبياء عليهم السلام وأصحاب التغييرات الكبرى والتحولات الفكرية التي تغير ثقافة الأمة نحو الصلاح الحقيقي، والأخذ بها نحو الخير، فيقول عليه السلام: (رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي* وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي* وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي).
- الامر الثالث: طلب قبول العذر (وَاقبَلْ مَعاذيري) المعاذير جمع معذرة، من العذر الذي يأتي به الإنسان للتأسف بها ورفع لوم الآخرين عنه، والمعاذير هي ماكانت مانعة من إتيان العمل. ويوم القيامة يوم انكشاف الحقائق: (فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى) و(وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ ۚ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ)، وهنا يحتاج الإنسان إلى إخفاء سيئات أعماله وإسدال الستر عليها، وهنا يقدم اعتذاره، ويبدأ بخلق اعتذارات لأعماله هناك، فيسأل الله تعالى أن يقبل اعذاره هذه وستر ما خفي منها وأن لا يفضحه بها أمام الملأ، فيعلمنا أمير المؤمنين (عليه السلام) في دعاء كميل ذلك بقوله عليه السلام: (اَللّـهُمَّ فَاقْبَلْ عُذْري وَارْحَمْ شِدَّةَ ضُرّي وَفُكَّني مِنْ شَدِّ وَثاقي).
- الأمر الرابع: حط الأوزار والذنوب: (وَحُطَّ عَنِّي الذَّنب وَالوِزْرَ)، معنى الذنب واضح وببناه سابقاً. أما الوزر فهو لغة الحمل الثقيل، أما بحسب الإصطلاح: فهو الذنب والمعصية. وقد عبر عنهما بالوزر كناية لما يحمله الذنب من معنى أنه عبئ وحمل ثقيل ألقاه صاحبه على كاهله هو بنفسه، لذا فإنه هو بنفسه سيواجه نتائج وآثار هذا العبئ الثقيل يوم القيامة، لأنه أسس الأساس الذي تشيدت عليه أعماله سواء الصالحة منها أو السئية.
والدعاء يعلمنا غرضاً تربوياً وهو أن نطلب من الله تعالى أن يحط هذه الأحمال الثقيلة التي حملناها على ظهورنا من غير حق، بل علينا أن نجتهد بقدر المستطاع أن لا نؤسس أعمالاً وسنناً خاطئة ومناهجاً باطلة وسلوكيات منحرفة للآخرين يعملون وفقها أو من خلال كلمة تترك أثرها السيء ببن الناس أو عملاً سيئاً تبقى تبعاته بعد الممات وتلحقنا أوزارها يوم القيامة، وهذا ما يؤدبنا القرآن عليه بالإجتناب عنه: (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ)، فالدعاء يعلمنا أدب الإلتجاء إلى الله تعالى بأن يحط عنا أوزار ذنوبنا وتبعات أعمالنا قبل نفتضح بها يوم القيامة.
أقرأ ايضاً
- شهر محرم نقطة الشروع إلى التحرر - الجزء الثاني
- شهر محرم نقطة الشروع إلى التحرر - الجزء الاول
- شهر محرم نقطة الشروع إلى التحرر