- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
موازنة ما يطلبهُ المُستمِعون العامّة الإتّحاديّة
بقلم: د. عماد عبد اللطيف سالم
هذه الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2023 بترليوناتها الـ 198 دينار، أو بملياراتها الـ 152 مليار دولار.
أو الموازنة العامة لثلاث سنوات، بترليوناتها الـ 594 ترليون دينار، أو بملياراتها الـ 456 مليار دولار (بسعر الصرف الرسمي).. هي موازنة "ما يطلبهُ المُستمِعون" العامة الإتّحادية.
وإذا لم تتمّ تلبية طلبات "مُستمِع" معيّن من خلالها، فإنّهُ سيُغلِق راديو "التوافق" وقنوات "التخادُم" في وجه "الآخرين"، أو سيعمل على مناكفتهم، ويبقى يُغنّي أو يُولوِّل خارج الموازنة.. وكُلٍّ حسب "مقامه" ووزنه المناطقي، ولكلٍّ حسب ثقلهِ السياسي و"البنادقي".. ولكلِّ منطقةٍ أغانيها وبنادقها، حيثُ لا تتشابهُ لا الأغاني ولا الدبكات ولا الأهازيج ولا البنادق، في بلادِ الهرَجِ والمَرَجِ هذه.
تصفّحوا مشروع القانون المُقتَرَح لهذه"الموازنة العامة للدولة" بعينِ العراقيّ "الفصيحة" و"المفتحَة باللَبَن"، وستجدونَ وراء كلّ بندِ من بنودها، وكلّ فقرةٍ من فقراتها، وكلّ مادةٍ من موادها.. أُغنية.
وفي المُحصِّلة النهائية، وبالضرورة السياسيّة "التوافقيّة – المُكوِّناتيّة"، سيتم تقاسم الفائض الإقتصادي"الفعلي" و"المُحتمَل" في هذا العراق المسكين، كما تمَ تقاسمهُ طيلة عشرين عاماً، من خلال هذا النمط المتخلِّف والبائس للموازنة العامة، الذي لم يتغيّر إلاّ تغيرات طفيفة منذ عام 1921، ولغاية عام 2023.
تصفّح أيها العراقيُّ.. وأقرأ.. وبمجرد قيامك بقراءة أيّة مادة، أو فقرة من فقرات مشروع الموازنة العامة للدولة، ستعرِفُ بكلّ سهولةٍ و وضوح، من قامَ بطلب هذه "الأغنية"، ومن قامَ بطلبِ تلك.. وستتعرَّفُ على دورٍ جديدِ للدولة، لا سابق له بين الدول، هو دور الـ DJ .
الـ DJ هذا، يُفتَرَضُ بهِ أن يقومُ بتنسيق الإيقاع بين هذه "الأغاني" كُلّها، فإذا بهِ يُظهِرُ لنا في نهاية المطاف، مدى وحجم "النشاز" فيها، وفي"الدولة" التي ارتضَت لها دوراً كهذا.
هذا الدور، الذي هو (بالمناسبة) الدور الإقتصادي (والسياسي) الوحيد المُتاح، والمُمكِن، لدولة هشّة اقتصاديّاً وسياسيّاً، كدولة العراق الحاليّة.