بقلم:عباس الصباغ
الاقتصاد العراقي يعاني من جملة اختلالات بنيوية مزمنة فهو اقتصاد ريعي مزمن وذو قطاع صناعي وزراعي متعثر ، وستحدث الكارثة ان استمر الحال فلا مستقبل مشرقا مع هذه الاختلالات وهي كثيرة تأتي الريعية على راسها وهي ام المصائب ، والمصيبة الاكبر هو ان المعالجات المطروحة بقيت دون الطموح وداخل الديباجات الانشائية للبرامج الحكومية التي يطرحها رؤساء الحكومات، وضمن السفسطات الاقتصادية للمحللين الاقتصاديين من على منابر الفضائيات ، اضافة الى سرديات بعض الكتاب والمهتمين بالأمور الاقتصادية والمالية وكل ماتقدم ذكره لم يخرج عن افق التمني وان كانت النوايا صادقة في الطرح ـ كما يفترض ـ ولكن بقيت المعالجة حبرا على ورق فالتمني شيء والواقع الملموس شيء اخر وشتان بينهما . من يتابع المؤشرات والبيانات الواردة في حيثيات وسائل الأعلام كافة يجد انها تذهب هباء منثورا او كأنها "حشو" اعلامي لاطائل منه فلم تلقَ النصائح والارشادات التي يدلي بها الكتاب والباحثون ورجال الاقتصاد والمال آذانا صاغية من قبل اصحاب القرار الاقتصادي او السياسي اضافة الى التحذيرات والنصائح والاستشارات المبثوثة في متون سردياتهم ، فما زالت هوية الاقتصاد العراقي تراوح مكانها كشبح ما بين الاشتراكي وبين المفتوح (اقتصاد السوق) فبقي تائها بين امرين في وقت مازال يعاني من الريعية المزمنة ومن شبح نضوب النفط في غضون عقود مقبلة الامر الذي سيعرض الموازنات العامة للإفلاس في حال النضوب او تقليص الاعتماد عليه ، خاصة ان استمر التوجه الاحادي (الريعي) للاقتصاد العراقي واهمال تفعيل بقية القطاعات كالزراعة والصناعة والسياحة (الدينية خاصة) ، مجموعة وود مكينزي أعلنت في تقرير لها بأن الطلب على النفط سيبدأ بالانخفاض الحاد اعتبارا من عام ٢٠٢٣ متوقعة بأن سعر برميل النفط لن يتجاوز الـ ٤٠ دولار ابتداء من عام ٢٠٣٠ ليصل الى ١٠ دولار في ٢٠٥٠، وبالفعل بدأت كبريات مصانع السيارات بالتوجه نحو السيارات العاملة بالطاقة الكهربائية، ويزيد الطين بلة ان استمر زخم التوجه الوظيفي على القطاع العام مع استمرار اهمال القطاع الخاص ماسيؤدي الى ذهاب اكثر موارد الدولة الى الجانب التشغيلي لسد فواتير التعيينات مع استمرار سياسة الاستيراد المفتوح دون عوائق فالعراق يستورد كل شيء ، ومازال العراق يعتمد النموذج الأسواء في استخدام النفط كمورد للدخل القومي عكس معظم الدول النفطية المتقدمة. فالعراق يستخرج النفط ويبيعه في الأسواق العالمية ويصرف الإيرادات على النفقات التشغيلية التي تحتل حصة الاسد من تلك الايرادات ، وغالبا ما يتأثر الدخل المتحقق بهبوط وارتفاع أسعار النفط، برغم إنها تتجه نحو الهبوط جراء توجه دول العالم المتقدمة والمستهلكة للنفط الى الطاقة المتجددة،وبقى القطاع الخاص مهملا وهامشيا. في واقع الحال أي تفعيل حقيقي لأي اقتصاد لن يكون دون تفعيل القطاع الخاص فهذه حقيقة يدركها الجميع للاسف ولكن .
أقرأ ايضاً
- كيف السبيل لانقاذ البلد من خلال توجيهات المرجعية الرشيدة ؟
- ما دلالات الضربة الإسرائيلية لإيران؟
- ما هو الأثر الوضعي في أكل لقمة الحرام؟!