وقفت المجموعة المتجانسة واعمارهم مختلفة في شارع السعدون ببغداد ونصبوا مجموعة مناضد وقلاية فيها عشرات من قطعة اللحم المسماة (الهمبرغر) وصناديق مملوءة بالصمون الدائري الخاص بتلك الاكلة واوني وضعت فيها الطماطم والبصل المقلي وخلطة الجبن والخس وعبوات مملوءة بالصاص، ووقف طابوران احدهما من النساء والآخر من الرجال يتسلمون السندويجات التي تظاهي ما تقدمه ارقى المطاعم الفاخرة، كل هذا يجري يوميا بوجبتين دون خيمة او سماعات تبث قصائد حسينية او اي اكسسوارات تستخدمها المواكب الحسينية، موكب تعاقبت على الخدمة فيه خمسة اجيال، يتنقل بين المدن ليحيي مناسبات الائمة الاطهار (عليهم السلام) وفي كل ليلة جمعة واينما حلوا اصطحبوا معهم معدات اعداد الوجبات السريعة ووزعوا الاف منها على الزائرين.

من الاجداد والآباء
في خضم عملهم وتجمع الزائرين عليهم اشار مسؤول موكب (مظلوم يا حسين) اسعد السلطاني في حديثه لوكالة نون الخبرية ان"آبائنا واجدادنا كانوا خداما للامام الحسين (عليه السلام) في منطقة حي المعلمين ببغداد الجديدة ودأبوا على اقامة مواكب الخدمة الحسينية منذ سبعينيات القرن الماضي بل قبله، وتميزوا باحياء كل المناسبات الدينية المتعلقة بوفيات وولادات الائمة الاطهار (عليهم السلام) وكانوا يقيمون مجالس العزاء، وحتى عندما منعت الشعائر الدينية واتذكر كيف قام جلاوزة النظام المباد بسكب قدور الطعام في التراب وانهاء المجلس الحسيني استمر اجدادنا وآبائنا بطبخ الطعام وتوزيعه بالسر على البيوت واقامة مجلس حسيني على اضيق نطاق، وبعد زوال النظام المباد وانفراج الامور باشرنا بنصب الموكب في جميع المناسبات الدينية الخاصة بوفيات وولادات ائمة الهدي من اهل البيت (عليهم السلام) ونوزع فيها تلك الوجبات السريعة لان الزائر يحب هكذا وجبات وهي تحاكي ذائقته، وكثيرا ما يرغب بعدم التوقف عن المسير فيأخذ تلك الوجبة ويستمر بمسيره، والكثير من المواكب تصنع وجبة التمن والمرق والكثير منها يزيد عن حاجة الزائر، ونركز على الاكلات الغربية حيث نصنع كذلك اكلات الفنجر (اصابع البطاطا) والريزو (الدجاج والرز) والفاهيته (اللحم والبصل والفلفل الاخضر) والكنتاكي (الدجاج المحمص)على غرار ما يقدم في مطاعم الدرجة الاولى".

في كل المدن
ويكمل (ابو كرار) حديثه بالقول "يعمل في الموكب بحدود خمسة عشر خادما من مختلف الاعمار وخالي هو الشخص الوحيد الذي ينفق على الموكب ويموله لشراء كل احتياجاته وعلى مدار السنة وفي كل المناسبات، وينتقل الموكب بين مدن سامراء حيث خدمة الامامين العسكريين (عليهم السلام) في مناسباتهم والكاظمية عند ذكرى استشهاد الامامين الهمامين محمد الجواد وموسى الكاظم (عليهم السلام) وفي مدينة النجف الاشرف حيث مناسبات وفاة امير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام) وولادته، وكذلك في آخر شهر صفر نقيم موكبا بمناسبة ذكرى استشهاد النبي الاكرم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وفي يوم المبعث المبارك، وفي كربلاء الشهادة حيث زيارة العاشر من المحرم والاربعينية والنصف من شعبان ولادة منقذ البشرية الامام المهدي (عجل الله تعالى فرجه) نقوم بنصب موكبنا في شارع باب العباس (عليه السلام)، وايضا في قضاء بلد عند مرقد السيد محمد وعند مرقد اولاد مسلم في قضاء المسيب ولا يقتصر نصبنا لموكبنا في المناسبات الدينية فقط، بل كل زيارة نقوم بها الى هذه المدن والمراقد المقدسة ليلة الجمعة ننصب موكبنا ونقدم الخدمة نفسها التي نقدمها الآن، ولدينا سيارات حمل خاصة ننقل بها معدات اعداد الطعام ومناضد التوزيع والمواد الغذائية والمياه التي نحتاجها، وكانت بدايتنا صعبة للحصول على الموافقات من العتبات المقدسة ووجباتنا بعدد اقل من الوضع الحالي ثم اضفنا مكائن اخرى وقدمنا اعداد كبيرة من وجبات الاطعمة السريعة، ولدينا الان مخزن متكامل من كل شيء، وخدام الموكب تعاقبوا على الخدمة من الاجداد الى الآباء الى الاولاد الذين ربيناهم على عمل تلك الاكلات واصبحوا اسطوات متمرسين في صناعتها".

ايام ووجبات
ويحدد السلطاني عدد الايام واعداد الوجبات خلال اقامة موكبهم في المناسبات الدينية بالقول "نبقى في زيارة استشهاد الامام الكاظم (عليه السلام) خمسة ايام نقدم خلالها بحدود (10) الاف وجبة سريعة، اما في الزيارة الاربعينية فنستمر بالخدمة لمدة خمسة عشر يوما ونقدم خلالها بحدود (100) الف وجبة سريعة، ثم ننتقل الى النجف الاشرف لتقديم الخدمة في مناسبة استشهاد النبي الاكرم لمدة اربع ايام، ونتعمد ان نصطحب أبنائنا معنا وندربهم على الخدمة ونعرفهم بالقضية الحسينية واهدافها، لنحصنهم من الأفكار المنحرفة التي باتت تروج بشكل مخيف وتستهدف فئة الصبيان والشباب واصبحوا حريصين على تنظيم واجباتهم الحياتية الدراسية او العملية للتفرغ الى الخدمة الحسينية ولو بالتناوب، وقد لاحظنا ان البركات تتضاعف عندنا كل عام والخير من خدمة الحسين (عليه السلام) لمسناه في حياتنا الاعتيادية وخدمتنا الحسينية".

قاسم الحلفي ــ بغداد