فيديو:رضع الشهادة من ثورة العشرين..احمد مكصد الكريطي... قائد ترجل من صهوة الجهاد ليرتقي منصة الشهادة
وكأن اهزوجة المرأة العراقية التي استشهد ولدها في ثورة العشرين وهو يقارع الاحتلال الانكليزي..
( ابني المضغته البارود مفطوم اعلى سركيها....
وغم راي التجيب هدان وتكمطه اعلى رجليها)..
تنطبق قلبا وقالبا على قصة الشهيد احمد علي مكصد الكريطي آمر فوج مالك الاشتر في لواء علي الاكبر، فهذا الشبل من اسود استشهد اثنان منهم في ثورة العشرين الخالدة، ومن عائلة ترضع ابنائها الشجاعة والبسالة والتضحية والايثار والبارود في سبيل الله والوطن من عائلة يقاتل فيها الاب وخمسة من ابنائه في جبهات القتال منذ سبع سنين ومنذ اعلان المرجعية الدينية العليا لفتوى الجهاد الكفائي المباركة، اعطت عشيرته الشهداء تلو الشهداء والجرحى بعد الجرحى، لم يستكين او ينهزم في سنوات القتال وهو الشاب القائد المحنك، الذي فك الحصار عن فوجه اكثر من مرة واوقع مرارة الهزيمة في صفوف الارهابيين، وبين زئير الاسد في سوح القتال وصافرة الحكم العادل في مباريات كرة القدم حيث يعمل فيها حكما اتحاديا، ينبري احمد الكريطي بسمو الاخلاق والطيبة والتواضع والحرص على رفاقه المجاهدين وعلى العائلات التي يفكون اسرها من ايدي الدواعش الارهابيين وحتى على الاسرى الذين يقعون بين ايديهم لانه تربى على الاخلاق الحسينية، وآخر ما نطق به الكريطي قبل استشهاده وقد تقطعت اوصاله هو " اتركوني واسعفوا رفاقي الجرحى"، انه ايثار لا يوجد الا عند من ترجل من صهوة الجهاد وارتقى منصة الشهادة ليلتحق بركب ابي عبد الله الحسين (عليه السلام).
أرث الشهادة
ينحدر احمد من عشيرة كريط الاصيلة التي سجلت عبر تاريخها المشرف اروع قصص البطولة والجهاد والشهادة وعن ذلك يشرح المجاهد في الحشد الشعبي علي مكصد مجبل والد الشهيد احمد لوكالة نون الخبرية عن تاريخ عشيرته الجهادي بالقول " ان عشيرتنا قدمت اثنان من الشهداء في معركة ثورة العشرين في سدة الهندية والجهاد والشهادة ارث في عشيرتنا تتناقله الاحفاء عن الاباء والاجداد وقدمنا في معارك تحرير المحافظات من ايدي عصابات "داعش" الارهابية شهيدين من عائلتنا ومنهم ابن اخي علاء عبد اليمة في قاطع بيجي وعندي بحدود (25) مقاتلا من فخذ آل بو شلوح من عشيرة كريط الآن في صفوف لواء علي الاكبر (عليه السلام) والحشد الشعبي وانا اولهم، ونفتخر بهذه الميزة، ولبينا نداء المرجعية الدينية العليا وفتوى الجهاد الكفائي التي اعلنها المرجع الديني السيد علي السيستاني واجتمعت بهم وانا رئيس الفخذ واعطيتهم الامر على الفور بالالتحاق بالمعارك، وذهبت انا واولادي الخمسة الى المعارك، وشاركنا في القتال من معركة جرف النصر في العام 2014 الى تحرير الموصل في العام 2018 وفي مختلف القواطع، وسبق ان جرح احد اولادي (حسن) واصيب بجروح بليغة جدا وفقد عينه وكاد الاطباء ان يبتروا يده لولا لطف الله وتكفل العتبة الحسينية المقدسة التي ارسلته الى لبنان وايران وعلاجه واعادة يده".
وعن الشهيد احمد يقول " لا يخرج او يدخل الا ويقبل يدي وايدي والدته وكان حنونا علينا وكان محل ثقة لآمر لواء علي الاكبر المجاهد علي الحمداني ويكلفه باصعب الواجبات لانه يعرف جيدا شجاعته وعقليته وبسالته، قبل ذهابه الى ديالى في آخر واجب طلب مني ومن والدته الدعاء له، واخبرني ابني محمد ان احمد جرح في المعركة وكانوا لا يريدون ابلاغي بالخبر لمعرفتهم بتعلقي باحمد، ولكن العشيرة هب ابنائها وسافروا الى ديالى لجلب جثمانه دون معرفتي، وقام احد اقاربنا بالنشر في حسابه على مواقع التواصل الاجتماعي خبر استشهاد احمد واطلع عليه ولده مصطفى فضج بالبكاء وضجت النساء بالبكاء وعلمت بالخبر وحمدت الله وشكرته لاننا جميعا مشاريع استشهاد في سبيل الله والوطن ووقفت على جثته وقبلته وقلت والله لقد رفعت رؤوسنا وشرفت العشيرة بهذه الشهادة، ولم تشهد كربلاء المقدسة مثل مجالس العزاء الذي اقيمت له لما له من سمعة طيبة في حياته وجهاده وعمله في مجال الرياضة".
قائد رحيم
تجتمع في الشهيد احمد صفات قل نظيرها فهوا القائد الشرس الشجاع المحنك الذي لا يهاب الصعاب ويتقدم الى القتال قبل جنوده ولا يبالي بالعدو وينزل اقسى الخسائر في صفوف الارهابيين، وبنفس الوقت فهو ارحم من الام على ولدها بتعامله مع رفقاه المقاتلين ويحرص اشد الحرص على سلامتهم وحياتهم وراحتهم، ونفس الامر مع العائلات التي كانت تهرب من قبضة الارهابيين وتلجأ الى المجاهدين الابطال، ويصف "حيدر الكريطي" شقيق الشهيد احمد ورفيقه في المعارك شخصية احمد المقاتل لوكالة نون الخبرية بالقول ان " الشهيد احمد التحق بالقتال فور سماعه للفتوى المباركة للجهاد الكفائي التي اعلنها السيد علي السيستاني والتحق بقطعات لواء علي الاكبر (عليه السلام) في جرف النصر ثم شارك في قواطع الكرمة والخالدية وتكريت وبيجي وبسبب بسالته وشجاعته وعقليته القيادية وتواضعه تدرج بالمناصب العسكرية حتى تسنم منصب آمر السرية الاولى في اللواء ثم معاون آمر فوج مالك الاشتر وبعدها اصبح آمرا للفوج، وكان يعامل جميع المقاتلين باللين والمحبة والعطف، ونفس الامر كان يعامل به النازحين وحتى الاسرى الذين يقعون بايدي اللواء وكان انسانيا بالتعامل، وفي احدى المرات شاهد العائلات الفارة من قبضة الارهابيين في حالة يرثى لها فاخذ (ارزاق) الفوج ووزعها على العائلات لاطعامهم وسد جوعهم، وقاد الكثير من المعارك في قواطع جبال مكحول والخالدية والكرمة وهو آمر فوج وجرح مرتين في قاطع بيجي وبحنكته العسكرية تمكن من فك اكثر من حصار تعرض له الفوج في المعارك".
ويستمر "حيدر" بسرد قصة اخيه المقاتل بالقول "كان يستبط الخطط وهو داخل المعركة ويخرج باقل الخسائر بل ينزل الخسائر بالعدو اما المعركة التي استشهد بها احمد فكان في تلال حمرين والتحقنا بالمعركة وكان هو آمر المحور وهو من يقود المعركة وفي المعركة ثلاث محاور محورين على اليمين واليسار تمسكها الوية من الحشد الشعبي والقلب يقوده احمد في المنتصف واثناء التقدم كان الارهابيون قد زرعوا الارض بالعبوات في محيط معسكر "عائشة" الخاص بالدواعش الارهابيين وهذه المنطقة وحسب ما نقل لنا انهم يتمركزن فيها من مدة طويلة ولم تحرر ويربط ثلاث محافظات هي ديالى وكروك وصلاح الدين ويعتبر خط امداد لهم وتمويل وفرار بنفس الوقت وكانوا ينشرون عناصر الرصد والقناصة وعندهم انفاق للانسحاب والاختباء والتضاريس المكونة من الوديان تساعدهم على التمركز، والمحور الاول مساحته بحدود اثنى عشر كيلومترا وتمكنا من تحرير اكثر من عشر كيلومترات وفجرنا وفككنا الكثير من العبوات وكان للهندسة العسكرية دور فعال في ذلك وهاجمنا مضافتهم واوقعنا بهم خسائر جسيمة، وقبل ان ننهي الطريق بكيلومتر واحد لم يتمكن عنصر الهندسة او الشفل المخصص لازالة الالغام من كشف عبوة ناسفة مزروعة على الطريق، ولشجاعة احمد نزل من السيارة ومشى راجلا قبل جنوده وانفجرت عليه العبوة وكان له موقف بطولي ورجولي مشرف في لحطات حياته الاخيرة، فرغم بتر ساقة واصابته البليغة باجزاء من جسمه الا انه كان يصرخ على الاسعافات " انقذوا الجرحةى...اتركوني واخلوا المصابين...اسعفوا الجرحى" ثم وصلت اليه وقال لي " دير بالك على امي وابوي..وخلي ابوي يدير باله على ابني مصطفى" ثم نطق بالشهادتين ولفظ انفاسه الى العلياء شهيدا ملتحقا بركب الامام الحسين (عليه السلام)".
صافرة الشهادة
مثلما كان "الشهيد احمد" يطلق صيحاته كزئير الاسد الحسيني في المعركة ليرفع معنويات مقاتليه ويشحذ هممهم ويكر على العدو، كان له في سوح الساحات الرياضية صافرة عادلة تدرج بها ليصل الى مرتبة مسؤول في لجنة حكام كرة القدم في محافظة كربلاء يقول عنها صديقه ورفيق دربه الحكم حيدر جبار لوكالة نون الخبرية ان " احمد مكصد شخصية مثالية بكل ما تعنيه الكلمة وكانت علاقتي مع الشهيد من خلال ممارسة التحكيم في مباريات كرة القدم، فقد دخلنا في العام 2011 دورة تحكيمية اقامها الاتحاد الفرعي في كربلاء المقدسة وتميز بها احمد واصبح حكما اتحاديا مميزا وذو اخلاق عالية، واستمرت علاقتنا الى العام 2014 حيث سقطت عدد من المحافظات بيد العصابات الارهابية وصدرت فتوى الجهاد الكفائي من قبل المرجعية الدينية العليا والتحق احمد مكصد على الفور بهذه الاجواء الحماسية لانه ينحدر من عائلة مجاهدة وسليل عشيرة كتبت اسمائها بماء الذهب في مسيرة الشهادة، وترك عالم التحكيم وذهب ليقاتل في سبيل الله مع اخوته ووالده واستمر بالقتال في كثير من المعارك وتدرج حتى اصبح آمرا لفوج مالك الاشتر، وبعد تحرير المدن عاد احمد للتحكيم وقاد عدد من المباريات في دوري الدرجة الاولى والاشبال والناشئين وبعدها عين مدير دائرة للجنة الحكام في محافظة كربلاء ولم يأتي الترشيح اعتباطا بل لانطباق الكثير من المعايير عليه وجدها الاتحاد الفرعي فيه من خلال تواضعه وعلاقاته المميزة مع جميع الحكام واللاعبين من ابناء المحافظة ولانه سمح النفس واخلاقه عالية جدا، ومضياف يرحب بجميع ضيوف كربلاء المقدسة، ويحل جميع المشاكل التي تحصل بين الحكام او الرياضيين، وكان يستضيف الحكام الدوليين او حكام الدرجات الاخرى وكان يستقبلهم من مسافة كيلومترات قبل دخولهم الى محافظة كربلاء المقدسة، ويرافقهم في كل خطواتهم، وكان يحمل الاخلاق الانسانية والرياضية، ووقع خبر استشهاده علينا كالصاعقة وترك غصة في القلب والنفس لنا كرياضيين وفقده خسارة للعراق وكربلاء والرياضة".
قاسم الحلفي ــ كربلاء المقدسة
تصوير ــ علي فتح الله
أقرأ ايضاً
- في حي البلديات ببغداد: تجاوزات ومعاناة من الكهرباء والمجاري ومعامل تلحق الضرر بصحة الناس (صور)
- بينهم عروس تستعد ليوم زفافها :قصف وحشي في بعلبك يخلف (19) شهيدا منهم (14) طفلا وأمرأة
- (122) شهيد وجريح في قصف واحد.. سيدة لبنانية تروي قصة استشهاد شقيقتها و(5) ومن افراد عائلتها