بقلم: عادل الموسوي
احب الاثار جدا، واتأمل في المواقع الأثرية صورة متحركة لحياة مَن عاشوا تلك الحقب الزمنية البعيدة، وكأنها قرى خاوية قد بُعثت، بل وكأني ارجع عبر الة الزمن لاعيش تلك الفترات من حياتهم، وهي كأنها نسخة اصلية لتجربة حياتنا الحالية.
لست اميل الى المتغنين بالحضارة، المتشدقين بامجاد الاسلاف دون ان يكون لهم تاثير او حضور -ولو يسير- في المشهد العام بين دول العالم، فالحضارة ارقام متقدمة في المؤشرات العالمية، ولابد من الخجل قليلا لتراجع تلك الارقام إلى نسب متدنية مؤسفة في عصرنا الحالي لبلد "الحضارة"، ولابد ان تُحظر من قاموسنا مترادفاتها ك (الازدهار، التطور، التمدن، الرقي، التقدم..) وتستبدل بمضاداتها من (البداوة، التخلف، التراجع، التقهقر، الجاهلية..)، وخصوصا الجهل والجهلة والعودة الى جاهلية عبادة الاصنام.
لكل متضادة لمعنى الحضارة ستجد مصداقا لها في "بلدنا الحضاري"، فالبداوة -مثلا- تذكرك بالصحراء وهي تذكرك بشحة المياه وانخفاض المناسيب، وتجرك الى البحث في الاسباب والموجبات، فتجدها جلية واضحة يمكن تلخيصها: بسوء الادارة والسياسة الداخلية والخارجية، وضعف المفاوضة مع الخصوم في الداخل والخارج..
ومع انخفاض مناسيب المياه، ينحسر دجلة عن مدينة أثرية في محافظة دهوك "شمال البلاد" تعود الى المملكة "الميتانية"، وهي: إحدى أقوى أربع ممالك في المنطقة، إلى جانب مصر ومملكة الحيثيين وكاردونياش، يسميها الاشوريون بـ"الهانيجالبات"، والمصريون بـ "ميتاني"، امتدت حدودها من شمال العراق وصولا إلى سوريا وتركيا، وحكم الميتانيون المنطقة بين شمال نهري دجلة والفرات بين عامي ١٤٧٥ و١٢٧٥ قبل الميلاد، العاصمة "واشوكاني" تقع على منابع الخابور وهو أحد روافد نهر الفرات، من اثار المملكة اقدم كتيّب لتدريب الخيل في العالم، يعود تاريخه لعام ١٣٤٥ قبل الميلاد، كُتب عليه: "هكذا تكلم كيكولي سيد مدربي الخيل في أرض ميتاني".
امتد حكم "ميتاني" الى خارج حدودها، كان سكانها "الحوريون"، وحكامها اقلية من "الهندواوربيون" يعبر عنهم بالالهة..
نسخة اصلية يمكن مطابقتها بنسخة نظام فارقنا حديثا..
وانحسر الفرات ايضا، لكن ليس عن جبل من ذهب كما ذكرته الروايات السُنيّة كواحدة من علامات القيامة الصغرى، واعتبرته الروايات الشيعية كواحدة من علامات الظهور -بل عن مدينة تسمى: "تلبس" ١٢ كم جنوب مدينة "عانة" القديمة في محافظة الانبار.
و"تلبس" مدينة تابعة لمملكة يهودية، والاسم نسبة الى حاكمتها القاسية المستبدة "تلبس"، اطلقه والدها الملك على تلك المدينة محبة لابنته.
ما تبقى من اثار المدينة "سجون الموت" التي يسجن فيها من يخالف قانون المملكة.
زنزانة الاحكام الثقيلة المنحوتة في الجبل عبارة عن حجرة صغيرة ارتفاعها ١١٥ سم، وعرضها ٥٠ سم تقريباً حيث يمكث السجين جالساً ومنحنياً ويترك على حاله ايام وليالي حتى يموت، وفوق الجبل توجد قبور كثيرة مبنية من الحجر والرصاص.
يقابل هذا السجن -على الضفة الاخرى للنهر- سجن اخر للاحكام الخفيفة.
نسخة اصلية يمكن مطابقتها بنسخة حديثة واثار قريبة في بادية المثنى..
لا داعي للاستطراد في الحديث عن نسخة "نگرة السلمان" في تلك البادية فالاسم لوحده مثير للرعب، و"العالم گلوبها خلصانه".
أقرأ ايضاً
- آخر نسخة من "طالبان" قد تكون أكثر وحشية !
- نسخة منه إلى كل عملاء السفارة الأمريكية في بغداد
- نسخة منه الى الدكتور عادل عبد المهدي