- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
التنوع السكاني في إطار المواطنه
بقلم: سعاد حسن الجوهري
من المفيد ان ابدأ :بأن التبرعم الاسري أدى ويؤدي الى نشوء تجمعات سكانية تنتمي الى أصل واحد هو الاب الاعلى لتلك التجمعات ..والحقبة الزمنية من تاريخ البشرية ابتداءا بأول انسان وانتهاء بالوقت الحاضر مرت بمراحل من التطور والتدهور، رافقتها غزوات وحروب ولم يكن ليستمر ذلك الوضع بسبب الميل الانساني إلى الالتزام بمجموعة من العادات والتقاليد تحولت الى قيم واخلاق وتعاون افرز اعرافا وتشريعات وقوانين كانت لبنات اساسية بُنيت عليها دول وحكومات كما هو مشهود بالعصر الحديث.ولم يكن التاريخ هو العامل الفاعل ،بل كانت الجغرافية لاتقل عنه بفرض تقاليد وسلوكيات تختلف من بيئة الى اخرى ..ولا اريد ان استبعد تأثيرات الطبيعةمن تقلبات المناخ وتفاوت تأثيراته من قارة الى اخرى او من اقليم الى آخر .
إن كل ماتقدم طرحه أدى الى نشوء دول ضمن حدود سياسية وادارية تعارف عليها الناس ثم تأطرت بقوانين محلية ودولية ،فضمت تلك الدول أممآ ولدت من رحم الاسر الانسانية الاولى ،ولكنها وقعت تحت تاثيرات اجتماعية وسياسية ودينية مختلفة انعكست فيما بعد على التنوع بين مواطني تلك الدول إذ لم تتمكن الحدود ان تحد من تنقل الافراد والأسر من منطقة الى اخرى ضمن الاقاليم العالمية المختلفة .
وقد عاشت بعض تلك العوائل والتجمعات كأقليات ضمن شعوب دول اخرى ربما تختلف في عاداتها وتقاليدها ومعتقداتها واعراقها ،ومع انه تم تأمين تلك التنوعات السكانية بقوانين وتشريعات عالمية (كقانون حقوق الانسان) ألا ان تعرض الدول الى فترات من الضعف والتراجع بسبب الحروب والعدوان او تردي الاوضاع السياسية خلال السيطرة الاجنبية او الاحتلال أدى الى ان يصاحب تلك الفترات نوع من الظلم قد لا يكون مرتبط بالغزو الاجنبي او من نتائجه بل قد يكون بسبب عدم بلوغ مواطني تلك الدولة درجة من الوعي تجعلهم يرتقون فوق النعرات والحزازات والمصالح الشخصية او الفئوية الضيقة .
لقد تعرضت بعض الاقليات على مدى التاريخ الى الكثير من الظلم والاضطهاد العرقي او المذهبي او الطبقي كان اغلبها يستمد ديمومته من استمرارية التسلط وتنوع اشكاله واساليبه والذي تغذيه دول ذات مصالح معينة ... وليس بعيدا عن الاذهان ماجرى اثناء الهجمة الارهابية خلال العقدين الاخيرين من هذا القرن على أيدي (جماعات القاعدة ودواعشها) إذ ارتكبو من الجرائم بحق الاقليات العرقية والمذهبية مايندى له جبين الانسانية في عصر ترفع فيه الأمم المتحدة راية حقوق الانسان بالحرية بكل ماتعنيه سواء بالمعتقد او العيش بكرامة و أمان .
والعراق واحد من البلدان الذي تعرض الى واحدة من اخطر الهجمات البربرية على ايدي إرهابيي العصر الحديث في مجازر سنجار التي سجلت لطخة لصفحة التاريخ الانساني لايمحوها الزمن وأن اصبح بإربعة ابعاد !!
وليس الآيزيديون وحدهم بل تحمل الكورد الفيليون من قبل الملاحقة والتغرب والتهجير أما الصابئة المندائيون فقد تركوا بلدهم وحطت رحالهم في استراليا واوربا، ولم تشفع بطاقات سكن الآشوريين من تثبيت انتماءهم الى ارض آشور ووادى الرافدين وانهم اول من سكن مابين النهرين الخالدين .
وختاما اقول: إن الله خلق الطبيعة وزينها بالزهر والشجر .. تلك الطبيعة عنوان المحبة والتسامح والسلام، فهل عجز انساننا ان يكون كالشجر يتفيأ بظلاله ورد يزدهر .. وعطر ينتشر ؟