بقلم:طالب عباس الظاهر
ربما ليس من العسير على إي مهتم بالثقافة ومتتبع لمسيرتها في البلد؛ تأشير ظاهرة الانحسار المؤسف في فعل القراءة الورقية بين أوساط واسعة من المجتمع بشكل عام، وابتعاد الأجيال الجديدة عن الكتاب.. لاسيما فئة الشباب بشكل خاص، من خلال عزوفه عن التعاطي مع الشأن الثقافي عموماً والأدبي خصوصاً. إن هذا الواقع – رغم مرارته - ينبغي الاعتراف به، والتعامل معه كمسلمة حياتية وقد فرضتها مجمل ظروف استثنائية لا نريد هنا الدخول إلى تفاصيلها في هذا الحيز الضيق، بقدر الإشارة إليها والتعامل معها كواقع حال مفروض ويتطلب ايجاد الحلول، بيد انه لا يبغي التوهم بأنه إفراز طبيعي لواقعنا، وحتمي لتكويننا النفسي والتاريخي وكما يحاول أن يروج لذلك الانهزاميون من أعداء الثقافة، وأدعياء الحضارة والتقدم والناعقون مع كل ناعق رغم اعترافهم بالقول المشهور: (مصر تنتج ولبنان تطبع وبغداد تقرأ) كون ما مر على العراق من محن وكوارث إنسانية، ومحاربة ممنهجة للثقافة على وجه الخصوص على مدى عقود من الزمن، ربما لم يمر على شعب وبلد آخر سوانا. لذا كان لزاماً على مثقفي البلد تحمل مسؤوليتهم التاريخية، والعمل حثيثاً من اجل المحاولة بأسلم السبل الناجعة في المعالجة وأسرعها، والوضع لأسهل الخطوات العملية في عملية البدء بالإصلاح الثقافي من البيت والمدرسة من خلال: أولا: الاهتمام وقبل كل شيء بالنشء والشباب وإعطاءهما أولوية استثنائية في برامجنا التنموية ثقافياً، وبدء العمل من رياض الأطفال ومراحل الدراسة الأولية، وما إليها من مراحل دراسية لاحقة وصولا إلى الجامعة واستحداث مناهج حديثة تستجيب لهذا الغرض، من اجل إعادة بريق القول المأثور في تاريخنا الثقافي: ( خير جليس في الزمان كتاب) والآن أصبح (الموبايل) من خلال زيادة الاهتمام بالمكتبة المدرسية والبيتية، ورفدها بالجديد النافع من الكتب التي تتناسب والمستوى الثقافي للمتلقين عموماً صغتر وكبار. ثانياً: محاولة تبني المشاريع الثقافية الهادفة التي من شأنها أن تلفت نظر الشباب إلى أهمية الثقافة في الحياة، ودورها في رفعة الإنسان والأوطان، ومن ثم التركيز على مواد الأدب واللغة والمطالعة والخط .. واقامة المسابقات الفنية فيها خاصة وبتنا نلمس بروز الكثير من الانحرافات الأخلاقية، والتقاليد الاجتماعية الهجينة، والإمراض العصرية كالتوحد وغيرها بين أوساط شبابنا وهم عماد المستقبل. ثالثاً: إن تقنيات العصر الحديثة وعالم الثقافة الإليكتروني عبر مواقع التواصل الاجتماعي فيس بوك وغيره، مثلما لها مضاره على الشباب له منافعه أيضاً في سهولة الوصول إليهم والتأثير عليهم، من اجل الترويج للأفكار والممارسات الإيجابية على مستوى الأسرة والمجتمع، وهذه المواقع للتواصل الاجتماعي هي بالتالي سلاح ذو حدين، لذا ينبغي ان لا نغفل نهائياً الجانب الإيجابي ونغض النظر عنه.