- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
بداية افول عصر الدولار - الجزء الرابع
بقلم: د. بلال الخليفة
المقال الحالي سيختلف عن المقالات السابقة فسيكون التركيز على قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في استخدام الروبل في عمليات بيع الغاز والنفط لاوربا والدول الأخرى. ومما يبين إصراره على هذا القرار هو إن بوتين منح المصرف المركزي الروسي مهلة أسبوع لتطبيق تلك التغييرات وإيجاد طريقة لتحويل تلك الدفعات بعيداً عن العملات الأخرى.
كما أرسل رسالة فيها دبلوماسية إلى الاتحاد الأوربي حينما قال بأن "روسيا ستواصل تزويد الغاز بالكميات المثبتة في العقود السابقة".
وهنا يمكن انطرح عدة أسئلة عن تداعيات القرار الروسي، ومن اهم تلك القرارات:
1 – تداعيات القرار على اوربا؟
قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «إذا لم يرغب أحد ما بشراء الغاز بالروبل فلديه فرصة للحصول عليه من أماكن أخرى وبأسعار أخرى». وكما صرحت المانيا وفي أكثر من مره أنها لا تستطيع إن تستغني عن الغاز الروسي، هذا يعني أن الرئيس بوتين قد مسك المانيا واوربا من المكان الذي يؤلمهم والذي لا يمكن أن يستغنوا عنه ولذلك هم مجبرين بالتالي على العمل وفق أسلوب حدده الرئيس الروسي.
حيث ان اوربا الآن بين خيارين في مجال الغاز:
الخيار الأول: هو إن لا تتعامل مع روسيا وان تستورد الغاز من قطر أو غيرها ووضحنا ذلك في مقال سابق وبالأرقام إن الغاز القطري غير كافي وان الغاز القطري يصل إليهم بشكل سائل (LNG) وسيكون بأربع أضعاف السعر الواصل اليهم من روسيا عن طريق الأنابيب. وبالتالي سيكون خيار كارثي وغير قابل للتطبيق لعدم كفاية الغاز القطري أو غيره.
الخيار الثاني: هو ان تستمر بشراء الغاز من روسيا وبالطريقة التي رسمها بوتين أي بالعملة الروسية لكن هنالك احتمالين في هذا المجال، وهما:
الاحتمال الأول: التعامل المباشر: أن تشتري العملة الروسية الروبل من البنك المركزي الروسي وبصورة مباشرة وهنا الأمر ليس بالسهل بسبب العقوبات التي فرضت على التعامل المالي وكذلك وجود صعوبة أخرى وهي إن البنوك الأوربية تستخدم نظام سويفت المالي المصرفي وان روسيا استبعدت من هذا النظام " فكيف يكون التعامل:
أ – يتم استثناء التعاملات التي تختص بشراء الغاز من العقوبات
ب – إن يتم التعامل بالنقد (الكاش) وهذا صعب جدا ومستبعد.
ج – التعامل من خلال وسيط، أي بنوك وسيطة، وهنا أيضا يجب عدم فرض عقوبات على تلك البنوك الوسيطة من العقوبات لأنها تتعامل مع بنوك روسية.
د - الاحتمال الثاني: التعامل الغير مباشر: هو التعامل الغير مباشر مع روسيا عن طريق دولة وسيطة كالصين وعن طريق لان التحويلات المالية ونظام سويفت لا زال في العمل مع الصين رغم أنها تمتلك نظام خاص فيها لكن التعامل مع بقية العالم يكون أما بنظام سويفت أو نظامها المالي، وبعد ذلك يتم التحويل المالي إلى روسيا، أكيد إن هذه العملية تكلف مالا إضافيا وهي التحميلات الإدارية والمصرفية.
2 -تداعيات القرار على روسيا:
القرار الأخير للرئيس الروسي لا يخلو من مجازفة رغم إن المعطيات الحالية تؤكد نجاح قراره لان اوربا لا يمكن ان تستغني عن الغاز الروسي، للقرار إيجابيات وسلبيات، وهي كالاتي:
السلبيات:
1 - من الممكن إن يقلل الإيرادات المتحققة من بيع الغاز لصعوبة تحقيق ذلك الأمر في التحويلات المالية المعقدة التي يجب المرور فيها لتجاوز العقوبات الأوربية الأمريكية على روسيا،
2 – ان جميع العملات بالعالم عدا الدولار هو مغطى بالذهب أي إن العملة والنقد محدد بما يملكه من ذهب وبالتالي ان خروج العملة الروسية الروبل خارج الحدود الروسية، من الممكن أن تتسبب بقلة السيولة داخل روسيا.
الإيجابيات:
1 – ان القرار سيرفع من قيمة الروبل الروسي
2 – سيشجع ظهور أنظمة مالية موازية لنظام سويفت بالعالم
3 – سيعطي القرار مركزية وسلطة لروسيا في الاقتصاد العالمي
4 – ان القرار سيدخل الصين في المعترك الاقتصادي العالمي بصورة اكبر وخصوصا أنها متهيئة لذلك.
5 – سيعجل بظهور قطب أخر عالمي مقابل القطب الأوحد الأمريكي.
الخلاصة
1 - ان الحرب الأوكرانية تزداد ضراوة يوم بعد يوم وخصوصا إن بولندا ستدخل في أتون الحرب عما قليل.
2 – ان الصين لن تستمر بالموقف الحيادي وخصوصا انها في حلف مع روسيا في مؤتمر شانغهاي وان اقتصادها سينتفع من ذلك لان الأنظار تتوجه لها في وضعها كوسيط للتعاملات المالية بينها وبين الروس
3 – بدا العالم يعي وجود قطب اقتصادي اخر في بداية ظهورة ودليل ذلك هو توجه بعض الدول الى التعامل بالين أيضا وخير دليل هي السعودية.
4 – زيادة الضغوط الاقتصادية والحربية تعجل ظهور نظام مالي جديد بالعالم.
أقرأ ايضاً
- ماذا بعد لبنان / الجزء الأخير
- التكتيكات الإيرانيّة تُربِك منظومة الدفاعات الصهيو-أميركيّة
- ارتفاع سعر صرف الدولار .. استمرار الغلاء الفاحش