- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
بداية افول عصر الدولار - الجزء الثالث
بقلم: د. بلال الخليفة
تكلمنا في المقالين السابقين عن أفول عصر الدولار وبزوغ عصر عملات أخرى وكما بينا سابقا الخطوات التي اتخذتها الصين في هذا المجال من اعتماد عملتها في بعض التعاملات التجارية وكما أسست أيضا بورصة شانغهاي النفطية التي تتعامل بالبترو-يوان، والان جاء الدور لاكمال استعراض الدول الأخرى التي انتهجت نفس النهج بعدم التعامل بالدولار الأمريكي.
ب – ايران
بعد نجاح الثورة في إيران، في إسقاط نظام الشاه، استبدلت إيران الوحدة الحسابية المعمول ﺑﻬا (الدولار) بالمارك الألماني لتقييم صادراﺗﻬا (قبل ظهور اليورو)، وهو ما أثار مشاكل مع البنوك. ففي عام 2007، صرح نائب رئيس الشركة الوطنية الإيرانية للنفط أن 65% من النفط يباع باليورو و20% بالين، بينما يباع 15% فقط بالدولار. وهي خطوة متقدمة جدا في مجال إيجاد بديل عن التعامل بالدولار.
مثلما قلنا سابقا في ان الصين أسست بورصة وبنك شانغهاي تتعامل باليوان بدل الدولار وهذه كانت فسحة للجانب الإيراني في ان يتحرر من القبضة الامريكية وقبضة الدولار فاستطاعت إيران ان تبيع النفط في بورصات لا سلطة أميركية عليها، ولا تتعامل بالدولار مثل بورصة شنغهاي الصينية التي تتعامل باليوان.
في اتفاق المجموعة الدولية (5 +1) اتفاقية رفع الحظر عن إيران، شركة النفط الوطنية الإيرانية، طلبت في عقود مبيعاتها الأوروبية التي صيغت بعد رفع الحظر، على أساس أن تسلم قيمة النفط المباع باليورو وليس بالدولار. كما إن إيران طلبت أيضا ان يتم تسلم أموال النفط التي كانت محتجزة في البنوك الأجنبية باليورو وليس بالدولار.
وكان مندوب طهران لدى منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) قد قدم طلباً بالتخلي عن الدولار في بيع نفط دول المنظمة في العام 2007.
وخلاصة الموقف الإيراني هو ان لها السبق في المضي تأسيس التعاملات النفطية والتجارية خارج العملة الأمريكية والتعامل باليوان الصيني او اليورو الأوربي وحتى الدرهم الاماراتي.
ج – روسيا
في عام 2016، اقترح الرئيس التركي على الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين الابتعاد عن عملة الدولار في التجارة بين روسيا وتركيا، واعتماد إما الليرة التركية أو الروبل الروسي في الحسابات التجارية بين البلدين. للعلم ان حجم التبادل التجاري بين البلدين هو 30 مليار دولار والطرفين يأملان ان يصل حجم التبادل الى 100 مليار دولار.
اما في عام 2018، قرر الصين وروسيا ان يكون التبادل بينهما هو بدون العملة الامريكية أي بغير الدولار والاعتماد على العملات الوطنية، حيث ان موسكو وبكين تعتزمان استخدام الروبل الروسي واليوان الصيني في عقود كانت قد أبرمت بينهما بالدولار.
وتجاوز التبادل التجاري بين روسيا والصين لعام 2017 مستوى الـ 100 مليار دولار، منها 56 مليار دولار هي صادرات روسيا إلى الصين، مقابل واردات بقيمة 52 مليار دولار. وتربط موسكو وبكين علاقات تجارية واقتصادية وثيقة، ويسعى البلدان للارتقاء بالتجارة بينهما لتصل إلى مستوى 200 مليار دولار سنويا في الأعوام القادمة.
اما هذه الأيام وفي خضم العقوبات الغربية والمتحالفين معهم بفرض عقوبات على روسيا ومنعها من التعامل ببرنامج سويفت للتعاملات المالية ، هي عجلت ما كان يسعى اليه الشرق بإيجاد عملات بديلة عن الدولار و طلاق الدولار الأمريكي طلاق بالثلاث لا رجعة فيه، حيث إن تنسيقًا مُكثّفًا يجري حاليًّا بين الصين وروسيا ودول مُنظّمة شنغهاي، وهذا اشرنا اليه سابقا، والاتحاد الاقتصادي الأوراسي للتخلّي بشَكلٍ مُتسارع عن الدّولار في التعاملات الماليّة والتجاريّة، مُضافًا إلى ذلك تأكيد القيادة الصينيّة بأنها لن تدعم العُقوبات الغربيّة ضدّ موسكو، وهي تؤكد بانها ستظل شريكة قويّة لها (لموسكو) في المُعاملات التجاريّة، بل ستعمل على زيادة حجم التّبادل التجاري بين البلدين، خاصَّةً في مجالات الطّاقة والتكنولوجيا، ومن المعروف أن الصين أكبر مُستهلك للطّاقة في العالم ويُمكن أن تستوعب أسواقها غالبيّة إنتاج روسيا من الغاز والنفط.
الليلة الماضية وفي يوم 23/3/2022، قرر الرئيس الروسي اعتماد العملة الروسية الروبل بدل الدولار في بيع الغاز للدول الصديقو واوربا وبهذا يكون بداية النهاية للدولار.
د – السعودية ودول الخليج
بعض المؤشرات التي ظهرت مؤخرا ومنها ما نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية في هذا الشهر أي مارس اذار، حيث أشارت إلى أن السعودية تجري محادثات مع الصين لتسعير مبيعاتها النفطية إلى بكين باليوان الصيني بدلا من الدولار، في خطوة من شأنها أن تقلل من هيمنة الدولار على سوق البترول العالمي، بحسب مصادر الصحيفة.
للعلم ان ربع الصادرات النفطية السعودية تذهب الى الصين وبنحو 1.750 مليون برميل يوميا في حين ان صادراتها الى الولايات المتحدة اقل من نصف مليون برميل بعد ان كانت في عقد التسعينات مليوني برميل يوميا، وإذا تم تسعير النفط السعودي المصدر الى الصين باليوان، فإن هذه المبيعات ستعزز مكانة العملة الصينية".
للمقال تتمه ..
أقرأ ايضاً
- ماذا بعد لبنان / الجزء الأخير
- التكتيكات الإيرانيّة تُربِك منظومة الدفاعات الصهيو-أميركيّة
- ارتفاع سعر صرف الدولار .. استمرار الغلاء الفاحش