- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
بداية افول عصر الدولار - الجزء الثاني
بقلم: د. بلال الخليفة
تكلمنا في المقال السابق عن بزوغ عصر الجنيه الإسترليني (الباوند) وأفوله ومن ثم عرجنا على بداية التعامل وصعود ثم هيمنة الدولار الأمريكي على العالم والى الآن، لكن وكما بينا سابقا إن الفترة الحالية هي بداية لأفول أو تقلص دور الدولار في التعاملات العالمية وخصوصا بعد الأزمة الأوكرانية. وفي هذا المقال سنبين كيف إن الدولار بدا بالتناقص في التعاملات التجارية وبداية ظهور عملات أخرى قد تكون منافسة للدولار.
ظهور عملات أخرى في التعاملات النفطية
يعتبر النفط سلعة استراتيجية لا غنى عنها لأي دولة، فعلى الرغم من التطور السريع لمساهمة الطاقة المتجددة، لا يزال النفط يحتل موقعًا مهيمنًا عالميا بين مصادر الطاقة المستخدمة حاليا. لكن سوقه تشهد هيمنة خالصة للدولار الأمريكي منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية وتبني نظام بريتون وودز، وهذا جعل الدولار الأمريكي مهيمن على السوق العالمي، هذه الهيمنة أكسبت أمريكا سيطرة تامة على مصير أهم مصدر للطاقة الضرورية لأي نشاط صناعي واقتصادي وبالذات على السوق الصيني.
أ - الصين
الصين احست بهذا الخطر، فتحت لها بورصة عالمية تتعامل بالبترو ايوان بدل من البترو دولار وهذا في مارس عام 2018، حيث ان هناك خمسة عوامل قد تشكل دعما لنجاحها وهي:
أولا: قد تشكل مخرجا للدول التي عانت طويلاً من الحصار الأمريكي كروسيا وإيران وكوريا الشمالية، حيث ان روسيا ومنذ 2015 تعقد صفقاتها النفطية مع الصين باليوان، وفنزويلا التي أعلنت في سبتمبر 2017 أنها ستبيع نفطها بعملات غير الدولار، بالإضافة إلى إيران التي هددت أكثر من مرة بوقف التعامل بالدولار، وغيرهم من الدول المناوئة لأمريكا.
ثانيا: تتيح فرصة للدول المصدرة للنفط للتقليل من مخاطر الاعتماد الكامل على نظام البترو- دولار خاصة دول مجلس التعاون الخليجي، التي ترتبط مع الصين بعلاقات تجارية، واقتصادية، واستثمارية كبيرة، حيث أشار تقرير صدر مؤخرا عن البنك التجاري والصناعي الصيني إلى أن حجم التبادل التجاري الصيني الخليجي تضاعف 600 في المئة خلال العشرة سنوات الأخيرة، كما أشار إلى أن حجم الاستثمارات الصينية في الشرق الأوسط قد بلغ حوالي 160 مليار دولار؛ وهذا ما قد يدفع الدول الخليجية إلى تحويل جزء من تجارتها النفطية إلى اليوان الصيني حفاظا على حصتها، ومصالحها التجارية، وعلاقاتها مع التنين الصيني.
ثالثا: قد تشكل هذ البورصة جاذبية عالية للدول الآسيوية التي طالما تطلعت إلى سوق آسيوي للنفط قريب منها، ولا يتأثر بالعوامل المحلية الأمريكية. الدول الآسيوية التي نسبة اعتمادها على النفط المستورد عالية جدا، حيث تصل 100 في المئة بالنسبة لكوريا، واليابان، وحوالي 80 في المئة بالنسبة للهند، و67 في المئة للصين.
رابعا: قد تساهم هذه البورصة في تعزيز عالمية العملة الصينية اليوان، وتسريع تنويع العملات المتداولة في عمليات التسوية للتجارة العالمية، بما في ذلك زيادة تنويع الاحتياطيات العالمية من العملة الصينية.
خامسا: قد تشكل هذه البورصة دعما لدول بريكس، ودول من الاتحاد الأوروبي التي تسعى إلى التخلص من هيمنة الدولار الأمريكي على التجارة العالمية، وانشاء نظام نقدي جديد في العالم لا يعتمد على الدولار وحده.
سادسا: الحرب الأوكرانية عجلت وبشكل كبير الاعتماد على البترو-ايوان وخصوصا اخراج روسيا نظام سويفت للتحويلات المالية العالمي، مما أدى الى اعتماد نظام مالي ومصرفي ثاني.
سابعا: ان الصين وروسيا وإيران وكوريا وكثير من دول اسيا لديها حلف مشترك وهو حلف (مؤتمر شانغهاي) وهو حلف سياسي اقتصادي وعسكري، وبالتالي ان الأرضية مهيئة تماما.
ثامنا: ان الروس ومنذ مجيء بوتين يسعون الى احيا الاتحاد الروسي وعودة القطب الثاني للعالم وبمساعدة الصين التنين الذي سيكتسح العالم اجمع، وبالتالي ان الفرصة مواتية جدا لدول اسيا.
تاسعا: ان الصين قد خطت خطوة بهذا المجال وانشات بنك للتعامل بالبتروايوان بدل البترو-دولار وهي اهم خطوة بهذا المجال.
عاشرا: وكما أسست أيضا البنك الاسيوي للاستثمار بالبنى التحتية والمعني بطريق الحرير وهو موازي لعمل البنك الدولي.
للمقال تتمة..
أقرأ ايضاً
- ماذا بعد لبنان / الجزء الأخير
- التكتيكات الإيرانيّة تُربِك منظومة الدفاعات الصهيو-أميركيّة
- ارتفاع سعر صرف الدولار .. استمرار الغلاء الفاحش