- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
تلقيح السحاب : تقنية لمعالجة شح المياه
بقلم: د. عبد المطلب محمد عبد الرضا
ان قلة المياه وشحتها في بعض المناطق وخاصة المناطق الجافة وشبه الجافة دفعت العديد من الدول للبحث عن طرق غير تقليدية للحصول على المياه ومن هذه الطرق تقنية تلقيح السحاب أو ما تسمى غالبا بالاستمطار الاصطناعي وذلك لغرض الحصول على الامطار في مناطق يتم اختيارها.
وتعتبر السحب مصدر مهم من مصادر المياه التي يمكن الاستفادة منها في سد العجز المائي لبعض المناطق او السيطرة عليها لاهداف اخرى عديدة (السيطرة على كمية الامطار في منطقة معينة, زيادة خزين المياه الجوفية, تغيير موعد او مكان سقوط الامطار, تنظيف الجو من الملوثات, زيادة الانتاج الزراعي والحيواني, تحسين البيئة والغطاء النباتي الرعوي اضافة الى اغراض اخرى).
وتستعمل عملية الاستمطار ايضا في التخلص من الضباب في المطارات وتقليص حجم حبيبات الحالوب اضافة الى زياد كمية الامطار الساقطة.
ان عملية الاستمطار هي شكل من اشكال تغيير المناخ على نطاق محلي وتتضمن تحفيز حبيبات الماء الدقيقة الموجودة في السحب على التجمع من خلال اطلاق انواع مختلفة من المواد الكيمياوية على الغيوم لغرض زيادة كثافة بخار الماء وزيادة حجم القطرات وتحويلها الى قطرات مطرية.
ومن المواد المستعملة لغرض تلقيح الغيوم والسحب املاح بعض العناصر كالصوديوم التي لها القابلية الشديدة على جذب حبيبات الماء او باستعمال مركبات التبريد (مثل الثلج الجاف الكاربوني) او جزيئات مجمعة كأيود الفضة وهذه المادة الاخيرة هي المستعملة بشكل عام للقيام بهذه العملية. كما تم اختبار طرق اخرى مثلا باستعمال نبضات لازر للاشعة تحت الحمراء.
وتقنية تلقيح السحاب مستعملة لمكافحة شح المياه في اكثر من (40) دولة في العالم (استراليا, جنوب ايطاليا, اسبانيا, البرازيل, الهند, تايلند, ...) ومن ضمنها ايضا الدول المجاورة للعراق كدول الجزيرة العربية وسلطنة عمان والاردن التي حققت زيادة في تساقط الامطار قدرها (13%) من جراء استمطار السحاب.
لقد قامت الصين وخلال الالعاب الاولمبية لعام 2008 بعمل الاستمطار الاصطناعي في العاصمة بكين باستعمال القذائف الحاملة لايود الفضة للتخلص من التلوث كمبرر رسمي ولكن ربما لاسقاط الامطار قبل موعد حفل افتتاح وختام الالعاب الاولمبية. اما الولايات المتحدة الامريكية فقد قامت بالعديد من التجارب منذ اكثر من (70) عاما وقام الجيش الامريكي للفترة من عام 1967 – 1972 باستعمال الاستمطار الاصطناعي كسلاح حرب ضد القوات الفيتنامية لاجل استمرار الامطار الموسمية فوق شمال فيتنام وبالخصوص فوق مدينة هوشي منه لمدة (30 – 45) يوما اكثر من المعتاد. كما استعمل الاتحاد السوفيتي طريقة الاستمطار الاصطناعي خلال كارثة شرنوبيل النووية عام 1986 من اجل اسقاط الجزيئات المشعة قبل وصولها الى العاصمة موسكو.
ودفعت أزمة نقص المياه السعودية الى البحث عن بدائل وجاء في مقدمة تلك الحلول استمطار السحاب اصطناعيا حيث بدأ التفكير في إمكانية استعمال هذه التقنية منذ العام 1976. واجريت العديد من تجارب الاستمطار في الجزيرة العربية في مناطق أبها والرياض والقصيم وحائل.
اما في الامارات العربية المتحدة فقد بدأت تجارب الاستمطار منذ شهر آب عام 2010 وصرفت الامارات العربية المتحدة (11) مليون دولار في مشروع لتلقيح السحاب ونجحت في اسقاط الامطار خلال شهر تموز وآب من عام 2010 في المناطق الصحراوية من امارة ابو ظبي حيث اعتبرت هذه الطريقة ارخص نسبيا من طريق تحلية مياه البحر. وفي العام الماضي قامت الامارات العربية المتحدة باستخدام طائرات مسيرة بدون طيار في محاولة لاجراء الاستمطار الاصطناعي عن طريق قصف الغيوم بشحنات كهربائية مما أدى ذلك الى هطول أمطار غزيرة.
ان من الضروري ان يأخذ العراق بنظر الاعتبار, حاله حال الدول المجاورة, بالتقنيات الجديدة التي اثبتت فاعليتها للحصول على موارد مائية اضافية ومنها تقنية تلقيح السحاب بالنظر لشح المياه التي يعاني منها.