بقلم: د. عبد الواحد مشعل
كثر الحديث عن عمالة الأطفال في المجتمعات، التي تواجه تحديات اجتماعية اقتصادية، وتعاني من اختناقات وأزمات ومشكلات أسرية ونفسية، وتعيش تراجعا في رعاية الطفولة، لا سيما حرمان الأطفال من فرص التعليم والاستمتاع بمرحلة الطفولة، بسبب الفقر واختلال البنى الأسرية كفقدان احد الأبوين أو كلاهما وظروف سكنية وبيئية صعبة، ما دفع الأطفال الى النزول الى الشارع كباعة متجولين، أو العمل في ورش صناعية وخدمية ما يعرضهم الى مخاطر العنف الجسدي والفظي وغيرها، فضلا عن اكتسابهم عادات سيئة، مثل بعض المصطلحات البذيئة التي يتداولها الكبار من حولهم ما جعلهم يعيشون مرحلة غير مرحلتهم، وعلى الرغم من مصادقة العراق على اتفاقية الخاصة بحماية الطفولة، وتحديد سن العمل بعمر الثامنة عشرة للعمل الإنتاجي، إلا أننا نلاحظ أن بعض الأطفال ينشرون في الشوارع كباعة متجولين أو متسولين أو يعملون بورش صناعية، بحجج يصيغها بعض الإباء أو الأمهات مثل اكتساب أبنائهم مهن حرفية.
أصبح معالجة الظاهرة امرا صعبا تحت وطأة حالات الفقر والعوز والحرمان، ما جعل علاجها مرهونا بعلاج مسببات الظاهرة نفسها، وهو امر ليس سهلا تحت ظروف قاسية يعيشها المجتمع من بطالة وحالة تفكك اسري وآثار النزاعات المسلحة وضعف مراقبة الأسرة وازدياد متطلبات الحياة، وتعاطي المخدرات واستغلال أصحاب النفوس الضعيفة هذه الفئة الهشة وتوظيفها في التسول، فضلا عن المخاطر الجسدية والنفسية التي تتعرض لها الأطفال الأمر الذي وضعهم في موقف لا يحسد عليه.
إن ظاهرة عمالة الأطفال آخذة بالازدياد على الرغم من وجود قوانين الرعاية الاجتماعية، ومحاولات المؤسسات المعنية التصدي لها، لذا يتطلب معالجة الظاهرة إجراء دراسات ومسوح ميدانية واسعة لمعرفة حجمها الحقيقي، والوقوف على ظروفها ومشكلاتها الاقتصادية والحياتية والبيئية المختلفة، ومن ثم وضع تصور متكامل عن الظاهرة يسمح بوضع ستراتيجية من قبل الجهات المعنية، لا سما وزارتي العمل والتخطيط للتصدي لمخاطرها ومعالجة آثارها الاجتماعية والنفسية على الطفل والمجتمع معا.
أقرأ ايضاً
- العمالة الاجنبية والتجربة "البنغالية"
- الاطباء السوريون والعمالة الاجنبية
- ازدواجية العمالة الاجنبية والبطالة