قرر عشرون شابا من قضاء الجبايش تأسيس موكبا ليقدموا فيه الخدمة لزائري ابي عبد الله الحسين عليه السلام، ولكنهم فقراء ولا يملكون الاموال ويعملون في بناء الدور (العمالة) فاستعانوا بالمعارف والاقرباء لنصب الموكب، ولان نيتهم خالصة لله جاءتهم تبرعات عديدة مكنتهم من تقديم اسبط انواع الخدمة حتى تمكنوا بعد اسبوع واحد من العمل ان يقدموا وجبة طعام كانت موادها الاولية من التبرعات.
تأسيس وتبرعات
مازن مردان حاتم صاحب موكب باب الحوائج في قضاء الجبايش يشير الى ان "هذه هي السنة الاولى التي ننصب فيها موكبا للخدمة الحسينية في طريق الزائرين ضمن قضاء الجبايش، وهو اول قضاء من محافظة ذي قار يستقبل الحشود البشرية القادمة من محافظة البصرة، وكان حلما لنا نعمل عليه منذ سنوات ولكوننا من الفقراء ومحدودي الدخل لم نستطع شراء اي معدات او حاجيات لنصب الموكب، لكن الجيل الحالي من ابنائنا من الذين اصبحوا في ريعان الشباب الح علينا كثيرا لعدم تفويت فرصة نيل شرف الخدمة الحسينية، فاجتمعنا نحن عشرون شخصا من الاقارب والاصدقاء والمعارف اغلبهم عمال بناء وكسبة وقليل جدا منهم موظفين وتناقشنا في كيفية توفير مستلزمات بناء الموكب، فاتفقنا على ان يدفع كل شخص 25 الف دينار فجمعنا مبلغ 500 الف دينار وهو مبلغ لا يسد الاحتياجات فقررنا ان نقدم اشياء بسيطة تتمثل في العصائر والشاي فقط، ولكن البركات الحسينية انهالت علينا، اذ تكفل احد اسطوات نجاري قوالب الصب في دق هيكل من الخشب على شكل غرفة مستطيلة بطول ستة امتار وعرض ثلاثة امتار، واتفق معنا على استرجاع الخشب بعد انتهاء مرور الزوار.
تكافل وتبرعات
وقمنا بشراء حصير القصب (الباريات) لصنع حائط للغرفة فتبرع صاحب المحل بواحدة وخفض سعر الباقات، وقام احد الاصدقاء بالتبرع بحمولة السبيس لرصف الارض وتسويتها بشفل واخذ نصف قيمة العمل لانه للخدمة الحسينية، فتهيأت ارضية نصب الموكب، اما الجادر فتم شراءه بسعر مخفض ايضا، ومبردات الهواء والفرش جلبناها من بيوتنا وبيوت بعض الاصدقاء، كما استعرنا جهاز تسجيل وسماعات لبث القصائد الحسينية او القرآن او رفع الآذان او المنادات على توزيع الشراب والطعام، وبدأنا بتوزيع اول مادة وهي الحليب والكعك ثم وزعنا الشاي، ثم قمنا بتوزيع العصائر بعد جلب الخلاطات من بيوتنا، وكذلك تبرع بعض الميسورين للموكب بصناديق الموز والماء المعقم، وعندما نحتاج الى مبالغ يقوم اعضاء الموكب بجمع تبرعات اخرى لديمومة التوزيع، ولاول مرة بعد سبعة ايام من الخدمة تمكنوا من تقدميم وجبة طعام هي تقديم التمن البرياني الذي طبخته نسائهم في بيوتهم، ولكنهم ايضا حصلوا على مواد طبخها من احد المتبرعين، ورغم ضيق الحال يقوم مجموعة من اعضاء الموكب باصطحاب عدد من المشاية بحدود 32 فردا الى بيوتهم وقد خصصوا اربع بيوت لاستقبالهم ويقدمون لهم خدمات العشاء والافطار من زاد بيوتهم والاغتسال وغسل ملابسهم يوميا، بينما يستمر باقي اعضاء الموكب في تقديم الخدمات على مدار اليوم لكن بمواد بسيطة مثل الحليب والكعك والشاي، وقدموا الخدمات خلال تلك الايام لحوالي 500 زائر يوميا.
كسبة وخدام
الشاب محمد محسن ينوه الى ان "13 خادم كلهم كسبة يعملون في البناء يحرصون على المشاركة في العزاء الحسيني والخدمة الحسينية، وقد اثرت هذه الخدمة على التزام الشباب بالصلاة والصوم وحسن الخلق لان الحسين ثورة يجب ان نفهمها ونستعين بها لتحقيق العدل في المجمتع والعالم اجمع، هؤلاء العمال يعملون من الساعة الرابعة فحرا في البناء (عمالة) وينتهي عملهم في الساعة الثانية ظهرا، فيلتحقون بالموكب ويستمرون بالخدمة الى ما بعد منتصف الليل، اما اجرة العمل البالغة 25 الف دينار يوميا فنأتي بها الى عمي صاحب الموكب وياخذ منها ما يحتاجة الموكب ويبقى الباقي لعائلاتنا"، مبينا ان "هذه التبرعات صنعت منا رجالا يعرفون معنى التضحية والايثار وهو ما دفعنا الى ان يكون التبرع وجمع المال من الآن الى شهر محرم المقبل لتكون الخدمة على افضل ما يكون".
عصائر باردة
ايوب مردان متخصص في صناعة العصائر بعد خبره اكتسبها من الخدمة في مواكب كثيرة، يقول في حديث لوكالة نون الخبرية، "بدأ العمل بتوزيع العصائر وقمت بتهيئة مواد العصائر ومنها جاءت من تبرعات مثل عصير الزبيب الذي يحتاج الى عملية تنقيع بالماء لمدة وتخمير واضافت نكهات واضافت السكر، واستعنا بخلاطات بيوتنا ونشتري الثلج او يأتينا من متبرعين، ونستمر بتقديم عصائر الزبيب والموز والبيبسي الباردة من الفجر الى الليل بكميات معتد بها، ونسعى الى تدبير خلاطات اكبر حجما لتلافي اي عطل او تأخير في العمل لاسيما ان اقبالا كبيرا على تناول العصائر الباردة بعد عناء المسير والتعب والعطش الذي يشعر به المشاية وهم يقطعون عشرات الكيلومترات سيرا على الاقدام".
قاسم الحلفي ــ ذي قار
تصوير ــ عمار الخالدي
أقرأ ايضاً
- فاطمة عند الامام الحسين :حاصرتها الامراض والصواريخ والقنابل.. العتبة الحسينية تتبنى علاج الطفلة اللبنانية العليلة "فاطمة "
- العتبة الحسينية اقامت له مجلس عزاء :ام لبنانية تلقت نبأ استشهاد ولدها بعد وصولها الى كربلاء المقدسة
- بركات الامام الحسين وصلت الى غزة ولبنان :العتبة الحسينية مثلت العراق انسانيا(تقرير مصور)