بقلم: عبدالزهرة محمد الهنداوي
لم تعد ظاهرة العشوائيات، محصورةً في التجاوز الحاصل على الارصفة التي اصبحت اثرا بعد عين، ولا في الاستحواذ على الاراضي {كاملة الدسم}، او الشوارع الستراتيجة، والساحات الذهبية واستثمارها {گراجات} لوقوف السيارات، ولا في تجريف البساتين وتحويلها الى اراضٍ سكنية وصناعية وتجارية، فكل تلك التجاوزات معلومة ومعروفة، ولا تخطئها العين، وفيها اتخذت الحكومة قرارا بمعالجتها، وتطبيق القوانين النافذة بشأنها، ولا شك ان طبيعة هذه المعالجة ستأخذ بنظر الاعتبار الظروف التي ألجأت الناس الى ممارسة سلوك، التجاوز سواء ذلك المتعلق بالسكن او بـ{الچنابر والبسطيات} التي يكسب الفقراء من خلالها لقمة عيشهم.
بيد ان الذي اريد ان اشير اليه هنا، هو العشوائيات والتجاوزات الحاصلة في الواقع الاعلامي، فقد بات من الصعوبة بمكان التصدي لهذه التجاوزات، ولعل ذات الاسباب التي اسهمت في نشوء التجاوزات والعشوائيات في السكن والشوارع، والتي يأتي في مقدمتها ضعف تطبيق القوانين بحق المتجاوزين، هذه الاسباب نفسها التي تقف وراء استشراء واتساع التجاوزات التي يشهدها الاعلام، وقد اصبحت هذه التجاوزات مثل السمة العامة في مشهدنا الاعلامي، وانا اذ اتناول مثل هذه القضية، ليس بوارد تفكيري الاساءة الى الزملاء الاعلاميين والصحفيين الذين يبذلون جهودا كبيرة، من اجل تنوير الرأي العام، من خلال ما يقدمونه من برامج تلفزيونية او قصص ومقالات وتقارير واخبار وتغطيات في وسائل الاعلام كافة، المقروءة والمسموعة والمرئية والالكترونية، انما الذي اردت التنبيه اليه، هو سلوك التجاوز لدى بعض الاعلاميين، من خلال المنصات التي يؤدون ادوارهم عبرها، فقد ذهب بعض هؤلاء الزملاء الى انشاء قنوات الكترونية في منصات التواصل الاجتماعي تحت شعار {حرية التعبير}، وراحوا يقدمون عبرها اقوى عروض التجاوز على كل شيء، مستعينين بقواميس الشتائم التي تعطيهم القدرة على استخدام اقذع الالفاظ الموغلة في الفُحش وبذيء الكلام، واصمين كل ما يحيط بهم بالسوداوية والفساد، وكأن الشمس لا تشرق كل صباح، والاكثر من ذلك ان سلوك هؤلاء شجّع آخرين على اقتفاء آثارهم في ما يسلكون، فبدأنا نشاهد مثل هذه التجاوزات في بعض الشاشات وصفحات الصحف، والمواقع الالكترونية، والبرامج الاذاعية، وكأن شعارهم (اشتم كل شيء، يحبك الناس)، وبالتالي الحصول على المزيد من {اللايكات}، وهذا ينذر بنشوء عشوائيات اعلامية، لن يكون سهلا ازالتها، لذلك فان الموقف بحاجة الى اجراءات واضحة من قبل الجهات ذات العلاقة، لايقاف تمدد مثل هذه العشوائيات، لأن تركها من دون ضبط لمساراتها، ستدمر كل شيء جميل في حياتنا. فمعالجة السلبيات ليس بالشتائم وبذيء الكلام.
أقرأ ايضاً
- ثورة الحسين (ع) في كربلاء.. ابعادها الدينية والسياسية والانسانية والاعلامية والقيادة والتضحية والفداء والخلود
- علاوي يكتب:هل حقاً البرلمان يسعى لتشريع قانون تأجير العشوائيات ؟
- كيف يمكن الاستفادة من الاتفاقية الصينية ومبادرة الحزام لتوفير سكن لائق لسكنة العشوائيات بشكل مجاني بل لكل مواطن بدفعات شهرية بسيطة؟