استمدت جامعة الزهراء(عليها السلام) للبنات من اسمها الشريف، ومن رعاية الأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة، وانفرادها بتعليم المرأة، قوة روحية وشخصية معنوية، اختصرت أمامها الطريق لتكون في مصاف الجامعات المتقدمة، رغم أنها ما تزال فتية، حديثة التأسيس.
نقطة الانطلاق
في هذا الإطار تحدث الدكتور أفضل الشامي، رئيس هيأة التعليم العالي والبحث العلمي، المشرفة على الجامعة لوكالة نون الخبرية قائلاً: تعد أول جامعة أهلية عراقية خاصة بالبنات فقط وقد أسست عام 2018م وفتحت أبوابها لاستقبال الطالبات عام 2019م، وبفضل تسميتها المباركة وانتسابها للأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة، اكتسبت موقعاً مهماً لدى الطالبات وأسرهِنّ وحازت على ثقة الجميع.
وأضاف: كما أنها -ومنذ انطلاقها- أحرزت ثقة واحترام وزارة التعليم العالي والبحث العلمي العراقية، نظراً لما تمتلكه من مقومات الوصول إلى الرصانة العلمية المتأتية من استقطابها الكفاءات التدريسية والإدارية والفنية، ومما هيأته من أجواء صحية للدراسة، كالمساحات الخضراء الواسعة والقاعات الدراسية الفارهة وأحدث المختبرات العلمية المتكاملة.
أكدت ذلك أيضاً، رئيسة الجامعة، الأستاذة الدكتورة زينب الملا السلطاني، قائلة: إنّ جامعة الزهراء(عليها السلام) للبنات مشروع علميّ تنمويّ ليس بالرِّبحيّ، إذ تبنّته الأمانة العامّة للعتبة الحسينيّة المقدّسة من منطلق أنّ الإيمانَ والعلمَ مصدران أساسان للوصول بالفرد الى برّ الأمان.
الجامعة الأولى
بحسب إجازة تأسيسها بالأمر الوزاريّ ذي العدد(21890) في 6/12/2018م عُدَّت أوّل مؤسّسة تعليميّة أكاديميّة بمستوى جامعة تابعة الى وزارة التعليم العاليّ والبحث العلميّ، تختصَّ بالإناث على صعيد التعليم الحكوميّ والأهليّ في العراق.
ثلاث كليات
وقالت السلطاني لوكالة نون : إن جامعة الزهراء(عليها السلام) ابتدأت بثلاث كليّات، تنوّعت مجالاتها بين الدراسات العلميّة والإنسانيّة؛ وهي: (التربية، الصيدلة، التقنيّات الصحيّة والطبيّة). وتضم كلية التربية أقسام: (اللغة العربية، اللغة الإنكليزية، الرياضيات) فيما تشمل كلية التقنيات الصحية والطبية: (قسم التخدير، قسم العلاج الطبيعي، قسم الاشعة).
وتأمل رئيسة الجامعة باستحداث كليات وأقسام أخرى في المستقبل القريب لتكون بحق منارة العلم الشامخة وحلم الكثير من الفتيات، مؤكدة: إنّ مساحات الطموح لا تتوقّف عند جانب معيّن دون آخر إنما تمتد الى أن تشغل الجامعة الحيّز الأمثل في منظومة التعليم العاليّ بين الجامعات المرموقة، علميًا وأكاديميًا وإداريًا، كما تصبو الى أن تطبَع البصمة المجسِّدة لمنهج المؤسَّسة الراعية بكلِّ تفاصيلها الفكريّة والإيمانيّة لتحقِّق المبتغى من التميّز التربويّ والمهنيّ، والارتقاء المعرفيّ باعتماد معايير الجودة والرصانة وإحداث التغيير النوعيّ على وفق منهجيةٍ مدروسةٍ للدخول في التصنيفات الوطنية والعالمية.
عدد الطالبات
قال رئيس هيأة التعليم العالي: إن الجامعة استقبلت في عامها الدراسي الأول(19- 20) ألفاً ومئتين وخمسين طالبة، وبسبب جائحة كورونا اضطرت لتعليق الدوام مدة استكملت في أثنائها كل مستلزمات التعليم الإلكتروني لتنطلق بعدئذ في تجربة التعليم المدمج الذي يجمع بين الحضوري والإلكتروني. وقد حققت نتائج إيجابية ونجاحاً ملحوظاً في هذا الميدان أيضاً.
وتابع: ومع بداية العام الدراسي الثاني(20-21) وصل عدد الطالبات المقبولات إلى 1046 طالبة.
أداء الامتحانات
ولفت الشامي إلى أن جامعة الزهراء(عليها السلام) كانت أول جامعة أكملت امتحانات الكورس الأول من عامها الدراسي الأول بشكل طبيعي ومن دون انقطاع رغم الاضطرابات التي عمت البلاد. وقد دأب مركز التعليم المستمر في الجامعة على تطبيق الإجراءات الرقابية للمحافظة على الرصانة وعبور مرحلة الامتحانات بنجاح.
وقفة وطن
أكدت رئيسة الجامعة الأستاذة الدكتورة زينب الملا السلطاني: إن الفوضى التي عمّت العراق(مع بداية العام الدراسي الأول للجامعة) وتوالي الدعوات إلى تعطيل الدراسة، لم تثنِ عزيمتها، بل زادت الجامعة إصراراً على الاستمرار، وبذلت الهيأة التدريسية جهوداً استثنائية في التصدي لنشر الوعي بأهمية العلم ومكانته في القرآن والأحاديث النبويّة الشريفة وأقوال أهل البيت(عليهم صلوات الله وسلامه) وذلك بتنظيم برامج إرشادية ووقفاتٍ أسبوعية لطالبات الجامعة أطلق عليها(وقفةُ وطنٍ) تناغمًا مع توجيهات المرجعيّة الدينية العليا وتلبية لندائها الإصلاحيّ بالتظاهر السلميِّ لتصحيح المسار السياسي.
أهداف وغايات
تهدف الجامعة إلى تعزيز مكانتها في المجتمع عبر تطوير المنظومة التعليمية بعناصرها الثلاثة (التدريسي، المنهج، الطالب) والنهوض بالواقع الأكاديميّ والعلميّ عبر إعداد المخرجات الجامعية من الملاكات النسوية وتأهيلها بمهنية عالية لرفد مؤسسات الدولة والمراكز العلمية بباحثات أكفاء في مجالات العلوم المختلفة. كما تسعى إلى تحسين قدرات الهيئات التدريسية وتنمية مهاراتهم بتوفير البرامج التعليمية الحديثة والتشجيع على عمل الأبحاث النوعية ودعمها واتباع أحدث البرامج العلمية والأساليب المعرفية في تقنيات التدريس فضلا عن تنمية قدرات الطالبات المعرفية وتشجيعهنّ على انجاز الأبحاث العلمية المشتركة والسعي لتوظيفها والإفادة منها في تطوير المشاريع التنموية مع عدم إغفال الدور الكبير للإرشاد التربوي وتأكيد الالتزام بأخلاقيات المهنة وما يرتبط بذلك من القيم الدينية والمثل العليا.
تطلعات وآمال
تتطلع الجامعة إلى الالتزام المهنيّ وتحقيق مركزٍ متميزٍ بين مؤسسات التعليم العالي في منظومة البحث العلميّ؛ وذلك من خلال تطبيق البرنامج الحكوميّ لوزارة التعليم العالي والبحث العلميّ. فهي تسعى لأخذ دور الريادة في تطوير الأداء التعليميّ والبحثيّ للعنصر النسويّ، عبر توفير بيئة أكاديمية تعليمية بحثية مناسبة للأكاديميات والطالبات والعمل على بناء قدراتهنّ وتطوير مهاراتهنّ بإعدادهنّ إعدادًا نوعيًا ليصبحْن مؤهلاتٍ، قادراتٍ على الإبداع الفكريّ والقياديّ في شتى المجالات وبما يلبّي متطلبات سوق العمل؛ من أجل الإسهام في بناء المجتمع فكرياً وتربويًا ومعرفيًا.
حلم يتحقق
تمثل جامعة الزهراء(عليها السلام) للبنات حلماً جميلًا حققته العتبة الحسينية المقدسة للعديد من الطالبات والعوائل في كربلاء والمحافظات القريبة، إذ تفضل نسبة كبيرة من هؤلاء عدم الاختلاط في التعليم، وتجد في هذه الجامعة فرصة طيبة.
وفي هذا الصدد تقول(بتول حسين عبود- الطالبة في المرحلة الأولى بكلية التقنيات- قسم الأشعة): إنها تمارس حريتها الكاملة "في التحرك داخل الحرم الجامعي ولا تشعر بأي حرج وتتصرف بتلقائية وكأنها في البيت وهذا لا يتحقق مع وجود زملاء شباب في كل مكان تتحركين فيه".
وتؤكد(زهراء عبد الجبار خلف محمد- المرحلة الثانية تقنيات- تخدير) المعنى نفسه وتضيف قائلة: "نحن لا نقصد الفصل التام بين الجنسين ولكن يجب أن يقنن وبمقدار الضرورة وهذا بالطبع لا يتحقق في الجامعات المختلطة المتعارف عليها وما فعلته جامعة الزهراء(عليها السلام) يعد تجربة ناجحة وضرورة للكثير من الطالبات".
فيما تذهب(غدير أحمد- مرحلة أولى تربية رياضيات) إلى أن "الاعتدال في التعامل، إلى جانب توفير مساحة مناسبة للحرية يتيح للطالبات فرصة لبناء الشخصية والاعتماد على النفس مع مراعاة الأعراف والتقاليد الاجتماعية والتعاليم الدينية المتعلقة بالحجاب والتعفف".
وتؤكد (أنسام يوسف عباس- طالبة في المرحلة الأولى- كلية التقنيات- قسم التخدير): إن "عدم الاختلاط بالنسبة للطالبة المحجبة أمر ضروري يقربنا من الله تعالى ويكسبنا رضا الوالدين خاصة ونحن نعيش في مجتمع ملتزم دينياً".
متمنيةً أن تكون جميع الكوادر التدريسية من العنصر النسوي أيضاً، فهذا بنظرها يمثل امتيازاً للمرأة ويحسب ريادة أخرى لجامعة الزهراء(عليها السلام) بوصفها حاضنة للنساء القياديات صانعات الرجال المتأسيات بسيدة نساء العالمين(عليها السلام).
الموقع الجديد
ذكرت رئيسة الجامعة: أن الموقع الحالي للجامعة مؤقت، فهناك موقع أكبر وأحدث في طور البناء وقد بلغت نسبة الإنجاز فيه بحدود(85%) ومن المؤمل أن يكتمل في منتصف هذا العام أو بداية العام القادم.
وبحسب المهندس الاستشاري حيدر الشافعي، فإن مساحة المشروع الكلية تبلغ 59 ألف متر مربع، ويتكون من أربع بنايات ذات أربع قبب كبيرة بتصميم إسلامي فخم جمع بين الأصالة والتجديد.
وأوضح الشافعي: إن كل بناية تتألف من أربعة طوابق بالإضافة إلى السرداب، وقد خصص الطابق الأول للمختبرات والثاني للقاعات الدراسية، أما الثالث والرابع فهما للكوادر التدريسية والإدارية في الجامعة كما تم تخصيص إحدى البنايات الأربع لطالبات القسم الداخلي، وبناية أخرى لقسم التسجيل، وتحتوي البناية على مكتبة واسعة ومسجد ونادي طلابي ومطعم كبير ومسرح ذي مدرجين وباحة وسطية ومكان ترفيهي ذي لمسة جمالية.
أقرأ ايضاً
- جائحة كورونا :أزمة صحية عالمية، أفضت إلى أشد ركودٍ شهده العالم منذ الحرب العالمية الثانية
- الصحة العالمية: 8 ملايين شخص يموتون سنوياً بسبب التدخين
- اللغة العربية هوية الأمة وشاهد حضارتها ...تقرير عن اللغة وسيادتها العالمية