حجم النص
بقلم :سالم مشكور
تصريح الناطق باسم وزارة الداخلية بشأن تزايد حالات الابتزاز الالكتروني يدق ناقوس الخطر ويتطلب حملة واسعة من قبل جميع الأجهزة والجهات المعنية لإنقاذ ما تبقى من مقومات المجتمع. ما قاله الناطق باسم الوزارة اللواء خالد المحنّا ليس جديدا ولا هو بسرّ لكن تصريحه يكشف مدى تفاقم الكارثة وضرورة التحرّك الجدي لمعالجتها. لم يكن ينقص مجتمعنا عناصر انهيار حتى جاءت التقنيات الحديثة لتزيد من فرص الانهيار. الابتزاز الالكتروني هو سبب جديد لزيادة حالات الطلاق والانتحار والعنف الأسري.
ازدياد حالات الطلاق لم يكن ليحدث لولا وجود انهيار أخلاقي يجعل المرأة المتزوجة ضحية المبتزين. بمعنى آخر: هو يكشف عن ارتفاع حالات الخيانة أو الاستعداد للخيانة الزوجية. هذا التردّي الأخلاقي يشكل الأرضية لعملية الابتزاز الذي يقوم به أفراد يعانون أيضا من غياب الاخلاق والشرف، بما يدفعهم الى الإيقاع بضحاياهم وابتزازهن، ودفعهن إما الى الطلاق أو الانتحار أو التعرض للعنف من قبل الشريك. لا يقتصر الامر على ابتزاز المتزوجات، بل العازبات أيضا وهذا ما يؤدي الى النتيجة ذاتها. الضحية قد لا تكون المرأة فقط بل الرجل أيضا رغم أنه أقل حجماً في مجتمع ذكوري كالمجتمع العراقي.
المعالجة يجب أن تكون شاملة، وأن تركز على إعادة احياء منظومة القيم الأخلاقية وهذا ما تتحمله أكثر من مؤسسة رسمية أو دينية أو مدنية، مع قوانين صارمة والتنفيذ الصارم كرادع عن الجريمة. العقاب يجب أن يشمل حتى من يوفر أرضية الجريمة حتى لو كان هو الضحية أيضا. فليس كل انسان يمكن استدراجه لما يبُتز به، دون أن يخفف ذلك من مسؤولية المبتز. المشكلة الحالية هي عدم وجود نصوص قانونية تخص الابتزاز الالكتروني في قانون العقوبات الذي لم يواكب التطور التقني في العالم. قانون جرائم المعلوماتية كُتبت مسودته هزيلةً وتعرّض لاستنفار واسع بوجهه خوفاً من تحوّله الى أداة لقمع الحريات، لكن غياب هكذا قانون يضاعف من حجم الخطر على المجتمع
ككل.
الإجراءات الأمنية الحالية لا تفي بالغرض. كثيرون يشكون من طول الإجراءات والرقم المخصص للإبلاغ عن جريمة ابتزاز يواجه بطلب تسجيل شكوى في مركز الشرطة وهذا ما يمنع الكثير من الضحايا من التعرض الى افتضاح الأمر.
باختصار فان تزايد جرائم الابتزاز يضع المجتمع أمام مخاطر وجودية تحتاج الى إجراءات صارمة لدرئها.