حجم النص
بقلم:سلام البناي
من غير قصد استعرضت في ذاكرتي بعض أعمال منظمات المجتمع المدني وباقي المنظمات الأممية التي عملت في العراق بعد عام ٢٠٠٣ ؛ والتي قدمت نشاطات وصفت بالإنسانية او التثقيفية او الداعمة لتنمية وتطوير القابليات الشخصية ، من قبيل فك النزاعات وترسيخ مبادئ السلام والتعايش السلمي ،وثقافة حقوق الإنسان ،ودعم المرأة ،ومكافحة الفساد، ومراقبة الانتخابات وغيرها من العناوين؛ وللإنصاف فإنّ بعضها أسهمت في تمويل البرامج والأنشطة وتقديم المساعدات الإنسانية للفئات المحتاجة ، وقسم منها واجهت الكثير من المشكلات والتحديات والمصاعب نتيجة للوضع السياسي والأمني؛ ولكني وجدت أن الأثر الذي تركته بعد كل هذه المدّة من الزمن لم يكن ملموسا عمليا بصورة جلية ، ولم يتحصل المجتمع على نتائج مهمة على صعيد الارتقاء بحالة الوعي المجتمعي او اسهامها بدرجة كبيرة بالتغيير الذي يمكنه الحد من العنف غير المبرر الذي يحصل بالمجتمع نتيجة الضغوط النفسية –مثلا- او المساهمة في ايقاف هدر الطاقات الشبابية في التسكع بالمقاهي وأمام وسائل التواصل عبر إيجاد فرص عمل أو فعاليات شبه ثابتة لهم ،أو بإشاعة وترسيخ ثقافة تقبل الآخر أو بدعم مشاريع يقودها الشباب لوقف انتهاك البيئة عبر دعم مشاريع زراعية تسهم في تحسين البيئة ومنع التلوث وتدعم المنتوج الزراعي أو أي برامج أخرى تُسهم في صناعة الحياة عمليا وتعزز مفاهيم الحرص على جمال الوطن والمحافظة على مقومات وجوده . كل ذلك لم يتحقق منه ما يجعلنا نؤمن بضرورة وجود مثل هكذا منظمات بعضها لم يُعمر طويلا والقسم الآخر تراجع في الاداء نتيجة تدني مستوى الدعم ، بينما اعتمدت منظمات أخرى على التمويل الذاتي لتأدية رسالتها التي تؤمن بها وجاءت من أجلها . اذن ما جدوى الملايين التي صرفت من أجل إقامة الورش والمهرجانات والندوات والفعاليات الأخرى؛ أمام ما يحصل من سلبيات في المجتمع؟ وعندما نحاول أن نناقش ذلك مع النخب الثقافية والاعلامية المعنية لا نحصل على توضيح شافٍ يبين الآثار الايجابية الملموسة لنشاطات المنظمات ؛ وان كل ما تركته من تأثير لا يتعدى بعض الصور التذكارية ولحظات التعارف، أو ما كتبته وسائل الإعلام لأجل التوثيق فقط - . فعندما نوصف احيانا اننا شعب استهلاكي لكل شيء ابتداءً من الصناعات الغذائية الى استهلاكنا للوقت فإن استهلاكنا للعمل المنظماتي أيضا ينافس الاستهلاكيات الكثيرة في حياتنا والتي لم نجنِ ثمار أيّ منها على صعيد الاسرة والمجتمع الا بنسبة ضئيلة جدا في حين يفترض اننا قد استفدنا الكثير بما يطور من رفاهية شعبنا عبر هذا الدعم الأممي والمجتمعي الكبير بعد عام 2003. وللأسف هناك كثير من الواجهات سواء تلك التي تدعمها الامم المتحدة ،والمنظمات الدولية أو بعض الدول لم نلمس من أغلب نشاطاتها أي رجع لوضوح الصدى في واقعنا على المدى البعيد ، ولم تكن لها تلك الديناميكية المدروسة لاستثمار نتائجها على وفق تمظهرات الواقع الذي نعيشه فضاع الوقت وأهدرت الملايين في مجاملات وتنظير نخبوي محدود التأثير ولم تُستثمر فرص الدعم الدولي في حينها بشكلٍ صحيح ومدروس .
أقرأ ايضاً
- العملة الرقمية في ميزان الإعتبار المالي
- وزير دفاع بالعملة السويدية
- العملية السياسية تستعيد عافيتها !!