- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
قرار تغيير سعر صرف الدولار والمراجعة المطلوبة
بقلم: محمد شياع السوداني
في البدء لا بد من توضيح المعادلة الجديدة لإيرادات العراق من بيع نفطه بعد زيادة اسعار النفط عالميا ، حيث كان سعر برميل النفط المقترح من الحكومة في مسودة موازنة 2021 هو (42) دولارا وبإيراد سنوي يقدر ب(50) مليار دولار على اعتبار ان العراق يصدر (3) ملايين و(250) الف برميل يوميا، وبعد مناقشات اللجنة المالية في مجلس النواب وأخذها بنظر الاعتبار زيادة أسعار النفط تم وضع مبلغ (52) دولارا للبرميل اي ان الايرادات ستكون (60) مليار دولار سنويا اذا ما صدّر العراق نفس كمية النفط الواردة اعلاه، وبالتالي فإن الزيادة الحاصلة بالايرادات ستكون بحدود 10 مليارات دولار وهو نفس المبلغ أو مقارب للمبلغ الذي أُريد استحصاله من عملية رفع سعر صرف الدولار الى 1450 دينارا بعد ان كان 1182 دينارا.
ان قرار تغيير سعر الصرف كانت أهم مبرراته خفض العجز المالي بالموازنة إضافة الى دفع عجلة الاقتصاد من خلال تحريك قطاعي الصناعة والزراعة وايقاف نزيف الدولار المستمر الى الخارج.
وبما أن العجز قد تم خفضه من خلال تقليل الإنفاق غير المبرر والإفادة من ارتفاع اسعار النفط، ولعدم وجود خطوات حقيقة في الوقت الحاضر لدعم الصناعة والزراعة الوطنية فإن المتضرر الوحيد من قرار تغيير سعر صرف الدولار هو المواطن ، ومن هنا لابد لنا من اعادة النظر في سعر صرف الدولار لانه ساهم بارتفاع اسعار المواد الغذائية الاساسية الى نسبة 50% مما فاقم من الوضع المعيشي للطبقات الفقيرة وذوي الدخل المحدود كونهم اهم المتضررين من هذا القرار ، بيد أن الرجوع الى السعر القديم او أي سعر اخر أقل من 1450 دينارا لا بد أن يصاحبه وضع تعليمات وشروط صارمة لنافذة بيع الدولار في البنك المركزي، وفي ذات الوقت علينا اتخاذ اجراءات واصدار قرارات جريئة وشجاعة لدعم الصناعة والزراعة بما يكفل تعزيز دورهما في النهوض بالاقتصاد الوطني.
كما نحتاج الى تأمين المنافذ الحدودية بشكل يمنع ويقضي على الفساد من خلال أتمتة الاجراءات الضريبية والگمرگية لتعزيز الايرادات غير النفطية وحماية المنتجات الوطنية.
لقد كان على الحكومة قبل أن تتخذ قرار تغيير سعر صرف الدولار ان تعمل على حماية الطبقات الفقيرة وذوي الدخل المحدود من خلال حزمة قرارات ، وكنا قد قدمنا ثلاثة مقترحات تتلخص بـ( زيادة رواتب الاعانة الاجتماعية للأسر دون خط الفقر مع التوسع بالشمول، وايضا تعزيز وتوفير مفردات الحصة التموينية التي تستفيد منها الاسر الفقيرة وذوو الدخول المحدودة ، وزيادة الحد الادنى لرواتب الموظفين من فئة الرواتب الدنيا) خصوصا وأن هذه الاجراءات معمول بها في دول العالم التي تتبنى حكوماتها اجراء اصلاحات اقتصادية بحيث تعمل على تخفيف اثارها عن تلك الفئات، إذ من غير المقبول ان تأتي الاصلاحات على حساب الفقراء.
ان اعادة النظر بقرار الحكومة برفع سعر صرف الدولار سيعمل على انهاء الجدل وسيمنع آثاره السلبية ومشاكله الاجتماعية والاقتصادية وربما السياسية، خاصة ان العراق يعيش حالة معقدة اقتصاديا واجتماعيا.