بقلم: سالم مشكور
السيادة هي واحد من ملفات النقاش المستمر في ساحتنا السياسية، الجميع يظهر الحرص عليها والتمسّك بها، لكن مصاديقها متعددة بتعدد التوجهات السياسية وتأثّرها بالعوامل الخارجية والداخلية.
خرج الى النور مؤخراً جهدُ شهورٍ عديدة من العمل الذي قام به معهد العلمين للدراسات العليا بالتعاون مع ملتقى بحر العلوم الثقافي. جهدٌ استقطب آراء رؤساء حكومات وبرلمانات سابقين بشأن مفهومهم وكيفية تعاطيهم مع موضوع السيادة، مع مداخلات وقراءات فيها قام بها نحو خمسين سياسياً وباحثاً.
نتاجٌ غنيٌ ومتنوعٌ حول هذا الموضوع كشف عن مديات واسعة من التنوّع والاختلاف في النظر الى السيادة. تنوّعت الأفكار بتنوع التوجهات السياسية التي تعيشها الساحة، وتنوّع بين متمسك بالمفهوم القديم للسيادة وحدودها، والمفهوم الجديد المتحرك في بيئة عالمية جديدة قلّصت معطياتها ومفاهيمها من حدود هذه السيادة وحدّها. ليس أدلّ على ذلك من القانون الدولي وتطوراته كقانون التدخل الإنساني، والبند السابع من بنود ميثاق الأمم المتحدة الذي يقيد سيادة الدول، والعولمة وتطور تقنيات الاتصال التي فتحت الحدود على بعضها بما أضعف سيادة الدول على شؤونها.
على صعيد السيادة الداخلية، نعاني من غياب توافق بشأن هذا المفهوم وتطبيقاته، في ظل غياب هوية واضحة للنظام السياسي القائم على محاصصة تنخر بسيادة الدولة الداخلية والخارجية، التي أضرّت بها ثنائية السلطة المتداخلة، بين حكومة اتحادية لا تشمل سلطتها كل الحدود والأرض العراقية، وإقليمٍ يمارس صلاحيات فدرالية بعيدة عمّا يحدده النظام الفدرالي.
قيمة الجهد العلمي الذي صدر في كتاب يقترب عدد صفحاته من الـ700 أنه شامل وفاتح لباب النقاش حول هذا المحور، على أن لا يظلّ حبيس صفحاته أو محدودية تداوله النخبوي. نحتاج الى حوار وطني لتقريب وجهات النظر وتحقيق توافق ولو نسبي بشأن السيادة يأخذ بالاعتبار واقع العراق والمنطقة وتطور شكل العلاقات الدولية والقانون الدولي، كي يخرج هذا الامر من ساحة التخوين والتشكيك بين الفرقاء السياسيين. وحتى يكون حواراً واسعا وفاعلا لا بد من أن يتحرك الجهد باتجاه مستويات مختلفة مع تركيز على المستويات الشبابية القيادية نزولاً الى المستويات الشعبية لخلق ثقافة سياسية وطنية واقعية وسليمة تنتج رأياً عاما سليماً بشأن هذا الموضوع الحيوي.
نحتاج جهداً واسعاً يعتمد أدواتٍ وأنماطاً لغوية متعددة المستويات لكي يشمل الجهد كل الشرائح.
من شأن تفعيل الحوار الوطني حول السيادة أن يحلّ الكثير من إشكالات وعقد علاقات العراق مع الخارج، بعدما ينتج توافقاً داخلياً حوله.
أقرأ ايضاً
- حوار بين مسؤول وصديق وأنا مستمع
- التباكي على أطلال السيادة
- الضربات الأمريكية والسيادة العراقية.. الغلبة لمن؟