بقلم: هادي جلو مرعي
إجراءات رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي التي تستهدف المفسدين لاقت ترحيبا شعبيا، وحركت الراكد في ملف الفساد، وفتحت الباب واسعا أمام إجراءات أكثر حزما في الفترة المقبلة، من شأنها أن تطيح بالعديد من مستغلي المناصب والصلاحيات ليكونوا تحت سلطة القانون، ويدفعوا ثمن فسادهم وظلمهم، وتبدو الصورة واضحة للمتتبع الذي يراقب المشهد العراقي بعد سنوات من الحديث عن الفساد، والكسب غير المشروع، ومحاولات الحكومات المتعاقبة فعل شيء أزاء التجاوزات على المال العام، والتخريب المتعمد لمشروع الدولة من قبل جهات وأشخاص تجاهلوا التضحيات الكبيرة للشعب العراقي في مناسبات عدة أثبت فيها الناس العاديون رغبة حقيقية في تلبية شروط المواطنة، وهو مالم يهتم به الذين ركزوا على مصالحهم الشخصية، ومصالح المقربين منهم، بينما كان على الشعب أن يضحي، ثم يسكت عن التجاوزات التي طالت المال العام، والبنية التحتية، ولم تترك الفرصة للخيرين لأن يقوموا بدورهم كما هو المطلوب. وظل الإنشغال بالرغبات الشخصية التي علت على مصلحة الأمة، ومستقبلها، وكرامتها غالبا على ماسواها.
الإعتقالات الأخيرة التي طالت عددا من المسؤولين في دوائر حكومية وهيئات على خلفية التحقيق في قضايا فساد أكدت حجم المخاوف المترتبة على السلوك المنحرف للمفسدين، وعدم إهتمامهم بالقضايا التي تتصل بحياة الناس، والجشع الذي هم عليه، وطمعهم الفاضح في جمع الأموال دون إهتمام، أو خشية من قانون، أو من ملاحقات قضائية بعد أن تجاهلت جهات عليا الإجراءات القانونية تجاه المفسدين الذين ظهروا وكأنهم أقوى من الدولة بكثير، ولهم تأثير علئ جهات القرار.
التحول من سوف نفعل، وسوف نقوم، وسوف نضرب، الى الفعل المباشر، ومباغتة المفسدين يشكل تحولا نوعيا في عمل الحكومة العراقية التي تعترضها ملفات شائكة، ومعقدة تتطلب الجرأة، والقرارات الحاسمة غير المترددة التي تتماهى مع الحاجة الى النهوض بأعباء المرحلة، وحاجة الناس الى الخدمات العامة التي لم يحصلوا عليها كما ينبغي، وظلوا ينتظرونها على مدى أعوام، وكان نصيبهم التجاهل، وعدم الشعور بالمسؤولية التي صاحبها الفساد، والإهمال، واللامبالاة القاتلة، والمستمرة.
المرحلة المقبلة إستثنائية بكل ماتحمله الكلمة من معنى، ويجب التحضر لها كما ينبغي وكما تستحق.