- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
مصلحة العراق قبل المصالح الاخرى
جواد العطار
جولات الكاظمي الخارجية يمكن النظر اليها من زاويتين: الاولى نحو الشرق في زيارة ايران والتي كانت بروتوكولية لم يتمخض عنها اية اتفاقيات في المجالات الحيوية. والزاوية الثانية نحو الغرب في زيارة الولايات المتحدة الامريكية ومن ثم الالتحاق بالقمة الثلاثية في عمان بمشاركة الاردن ومصر وستليها وفق الخطاب الرسمي ترتيبات لزيارة اخرى نحو السعودية مهد لها وصول وزير خارجيتها لبغداد مؤخرا.
ومن شكل الزيارات نفهم ان هناك توجه امريكي لخلق محور يضم العراق والاردن ومصر تدعمه كل من الولايات المتحدة والسعودية ومن خلفها دول الخليج لمواجهة محور المقاومة وطموحات ايران في الوصول الى البحر الابيض المتوسط... وما تقدم هو مجرد تحليلات تسربها مراكز البحوث والدراسات الامريكية.
لكن توقيت زيارة الكاظمي لواشنطن ومن ثم عقد القمة الثلاثية وزيارة السعودية المرتقبة والدعم اللامحدود خليجيا لحكومة الكاظمي يؤكد بما لا يقبل الشك ان هناك مساعي حقيقية ورغبة جادة لجر العراق الى المحور الجديد لان موقع العراق الجغرافي حيوي وحاسم في معادلة المحاور الاقليمية.
ورغم ان السيد الكاظمي وعد اكثر من مرة بانه سيعمل على ابعاد العراق عن سياسة المحاور الاقليمية وتضمن برنامج حكومته ذلك ، الا ان الحديث شيء والواقع شيء آخر.
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل العراق بحاجة الى الدخول في محور اقليمي ضد اخر؟ وهل الاوضاع الحالية تسمح دستوريا لحكومة مؤقتة التصرف بالسياسة الخارجية كيفما تشاء؟ ومن الاولى بالاهتمام؛ الشأن الخارجي ام الاهتمام بالقضايا الداخلية وترتيب اوضاعه في ظل ازمات خانقة اقتصادية وصحية وامنية؟ والسؤال الاهم ماذا جنى العراق من كل الجولات الخارجية التي قام بها السيد الكاظمي التي لم يعلن منها شيء للأعلام!!!.
غريب امر الحكومة العراقية ، في الوقت الذي تعين قبل اشهر معدودة لمهمة داخلية محددة تتمثل في ترتيب الاوضاع وتهيئة اوراق الانتخابات المبكرة القادمة وضمان نزاهتها وشفافيتها... تتجه الى ما هو ابعد من ذلك ، فتعقد الاتفاقيات مع الامريكان وتدخل في التهيئة لتحالفات اقليمية ضمن سياسة خارجية قد تضر العراق اكثر مما تنفعه ، لذا فان المتتبع لا يمكن ان يتجاهل امر من اثنين:
اما ان هذه الحكومة تريد ان تستقوي بالقوى الخارجية على الداخل بعد ان عجزت عن مواجهة المشاكل الداخلية ، وهذا امر محفوف بالمخاطر داخليا لانه قد يدخلنا في دوامة ازمات تبدأ ولا تنتهي؛ ومغامرة خارجية في منطقة تغلي على بركان من الصراع.
او ان رئيس الحكومة يرى وكأنه ليس رئيس مجلس وزراء انتقالي بل رئيس دائمي ويتصرف وفق هذا المنظور ويخطط للبقاء والاستمرار لفترة طويلة قادمة عبر الانتخابات او غيرها وبدعم من القوى الخارجية ذاتها.
وان كنا نرشح الخيار الاول ، فإننا نرجو ان لا يستقوي الكاظمي على خصومه في الداخل بالاستعانة بالخارج بل يسلك طريق الحوار والاليات القانونية والدستورية ويعزز هيبة الدولة ويبسط القانون ويكمل مهمته بإجراء انتخابات حرة نزيهة في الموعد الذي حدده ، كما نرجو ان تتعامل السياسة الخارجية العراقية وفق اسس ومعايير عدم الانحياز الى طرف اقليمي دون اخر وتغليب مصلحة العراق العليا على غيرها من المصالح الاخرى.
أقرأ ايضاً
- أهمية التعداد العام لمن هم داخل وخارج العراق
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- مواجهة الخطر قبل وصوله