- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
من هم الذين قلوبهم مع الحسين وسيوفهم عليه؟
بقلم : سامي جواد كاظم
المحطة التي التقى فيها الحسين عليه السلام بالفرزدق تحتاج الى توضيح حيث كثيرا ما يستشهد بها كل من يتطرق الى واقعة الطف وكل يفسرها حسب ما يميل هواه ولكن الغالبية العظمى ان لم يكن الكل يعتبرون جواب الفرزدق دليل غدر اهل الكوفة ومن خلال تتبعي لهذه الرواية وجدت فيها الكثير من التناقضات وانها لا تدل على اهل الكوفة فالرواية التي ذكرها الشيخ المفيد في الارشاد ومثير ابن نما هي ان الحسين عليه السلام لما لقى الفرزدق ساله من انت ؟ فقال رجل من العرب قال اخبرني عن الناس خلفك ؟ قال الفرزدق الخبير سالت قلوب الناس معك واسيافهم عليك ....أنتهى ،اما في تذكرة الخواص فكان سؤال الحسين عليه السلام فاخبرني يا فرزدق ما وراءك ؟ فقال : تركت الناس بالعراق قلوبهم معك وسيوفهم مع بني امية .....انتهى .
الملاحظ الخلاف بين الروايتين ففي الاولى يسال الحسين عليه السلام عن الناس وفي الثانية عن ماوراءه واجابة الفرزدق هي الاخرى تختلف ففي الاولى لم يعين من هم الناس وفي الثانية قال اهل العراق ، ولا اشارة واضحة دالة على الكوفة ، فالاشارة تدل اما قصد الفرزدق بوصفه هذا اهل المدينة او البصرة وليس الكوفة ، ورواية اخرى تقول ان الذي اجاب الحسين ليس الفرزدق بل شخص اخر .
الفرزدق من مواليد البصرة وكان يذهب للكوفة هربا من زياد الذي كتب إلى عامله على الكوفة عبد الرحمن بين عبيد : إنما الفرزدق فحل الوحوش راعى القفار فإذا ورد عليه الناس ذعر , ففرقهم إلى أرض أخرى , فاطلبه حتى تظفر به فعندما علم ( الفرزدق) هرب من الكوفة إلى والي المدينة سعيد بن العاص وهو يومئذ والي المدينة من قبل معاوية مستجيراً به فأجاره . ذكره الطبري الجزء الرابع ( الطبعة القديمة) .
بقى في مكة والمدينة وبعدها ذهب الى البحرين والى اليمن .وبعد موت زياد ابن أبيه عاد إلى مدينة البصرة وعاش فيها عيشة بسيطة بين اخوته وعشيرته حتى مات سنة 114 أو 110 هجري في البصرة عن عمر يناهز الأربعة وتسعين عاما .
بقي جواب الفرزدق الشاذ والذي يعتبره البعض انه بلاغة فحقيقة وقفت كثيرا عند هذا الجواب وانا اعتبره كلام شعراء والشعراء يتبعهم الغاوون وحيث لو اريد تطبيق هذه الكلمات على ارض الواقع فانها لا يمكن لها ان تجمع النقيضين فالقلوب التي تكون مع المحبوب يجب ان تصدر تصرفات تؤيد ذلك فان كانت تصرفاتها حمل السيف فهل هذا دليل على محبة القلوب ؟ .
والدليل ان ابن زياد لما دخل الكوفة تنكر بزي الحسين عليه السلام فكل من يراه يعتقده الحسين فيسلم عليه (السلام عليك يابن رسول الله ) وهم مستبشرون بقدومه ، فلو كان هنالك ادنى شك من ولائهم للحسين عليه السلام او غدرهم له لما استقبلوه بالترحاب علنا ظنا منهم انه الحسين (ع) ، وحتى ذكر الخوارزمي (وقد تبع الحسين عليه السلام خلق كثير عند وصوله زبالة لانهم كانوا يطنون استقامة الامور له عليه السلام ).
من هنا بدأت الخطط الخبيثة لهذا اللعين فغيرت مجرى الاحداث واخبث ثلاث اجراءات اتخذها هي اولا حبس الكثير من اتباع الحسين عليه السلام من شيوخ القبائل واتباعهم منهم سليمان بن الصرد ومعه 4500 شخص وكذلك المختار ومعه اكثر من الفي شخص ، والثاني ارسال زجر بن قيس الجعفي ومعه خمسمائة فارس لقطع الطريق على من يريد الالتحاق بالحسين عليه السلام من الكوفة وان يقيم على جسر صراة ، ونفس الامر اتخذه لما خرج من البصرة حيث اوكل الامر الى بعض جنوده ليقطعوا الطريق بين البصرة والكوفة ومنع من يريد الالتحاق بالكوفة لنصرة الحسين عليه السلام ، والثالث هو منع التجوال في الكوفة والتنكيل بمسلم عليه السلام والتجنيد الالزامي مع اغرائهم بالمال لكل من يلتحق معهم ، اعتقد هذه اهم ثلاث خطوات اتخذها اللعين هزت الموقف الكوفي اتجاه الحسين عليه السلام .
ولو ان اهل الكوفة كانوا هم الجيش بعينه الذي قاتل الحسين عليه السلام فاين كانوا لما ثار عليهم المختار باقل من ربع عددهم ان صح قولهم بان الذين قاتلوا الحسين عليه السلام هم الذي كاتبوه ، نعم هنالك بعض المتخاذلين منهم شبث ابن ربعي وحثالة على شاكلته اما اغلب الجيش فهم من الامداد الاموي لهم والا لكان لهم حضور لما ثار المختار .