- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
من وراء صفقة تجديد عقود الهاتف النّقال ؟
بقلم أياد السماوي
في مقالنا السابق ( ملابسات جريمة تجديد عقود تراخيص الهاتف النّقال ), كنّا قد استعرضنا تفاصيل ما جرى يومي السادس والسابع من هذا الشهر في هيئة الإعلام والاتصالات ومجلس الوزراء .. وأوردنا بالدليل كيف تمّ تجديد عقود الهاتف النّقال من الألف إلى الياء .. وكان من المفترض بعد نشر هذه المعلومات الصادمة أن يبادر الادعاء العام العراقي باعتباره المسؤول عن إقامة الدعوى بالحق العام وقضايا الفساد المالي والإداري ومتابعتها استناداً الى قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم (٢٣) لسنة ١٩٧١ المعدل , كما جاء في المادة ( 5 / أولا ) من قانون الادعاء العام العراقي رقم 49 لسنة 2017.
لكن حين يكون المتّهم الأول في هذه الصفقة المريبة هو رئيس مجلس الوزراء , فمن الطبيعي جدا أن تتجّمد القوانين ويقف القضاء عاجزا لا يحرّك ساكنا .. والأدلة التي استعرضناها في مقالنا ليوم أمس لا تقبل الشّك أبدا أن صفقة تجديد عقود الهاتف النّقال الفاسدة قد تمّت بأوامر مباشرة من رئيس الوزراء السيد مصطفى الكاظمي إلى رئيس مجلس أمناء شبكة الإعلام والاتصالات السيد بسام سالم حسن الذي تمّ تعينه في 25 / 06 / 2020 لهذا الهدف مع أثنين من الأعضاء الجدد , وبتواطئ الأعضاء الثلاثة الآخرين القدامى في مجلس الأمناء والمدير التنفيذي السيد علي الخويلدي.
أنا شخصيا لم أرى البعير بعيني , لكنّ البعرة دلّتني على البعير .. سرعة اتخاذ هذا القرار المخالف للقانون الذي تمّ بإيعاز مباشر من قبل رئيس الوزراء خلال 24 ساعة , وعرضه بشكل مفاجئ في جلسة مجلس الوزراء من دون أن يدرج مسّبقا في جدول الأعمال , وإصرار رئيس الوزراء على التصويت عليه وإقراره من دون أن يكون هنالك رأي للجهات المختّصة وهي وزارة المالية والدائرة القانونية في الأمانة العامة لمجلس الوزراء التي من المفترض أن تدرس قرار مجلس الأمناء وتقدّم رأيها القانوني موقعا من قبل رئيس وأعضاء الدائرة القانونية .. فهل يعقل أن يقرّ مثل هذا القرار الخطير الذي يعني بأمن البلد وثاني أهم مورد مالي له بعد النفط بأقلّ من 24 ساعة , بينما شراء مطبعة لشبكة الإعلام العراقي أخذ سنة كاملة من المداولات و المراسلات القانونية حتى تم اتخاذ قرار الشراء ؟ , مع الفارق الكبير بين الموضوعين .. كلّ هذه الدلائل هي مؤشرات لا تقبل الجدل أن صفقة تجديد عقود الهاتف النّقال هي صفقة كبيرة من صفقات الفساد , بطلها رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي الذي وضعنا ثقتنا به وتوّسمنا به الخير لبلدنا وشعبنا .. ومما يزيد في قلقنا ما تتناوله وسائل التواصل الاجتماعي , أنّ رشوة كبيرة تقدّر ما بين 200 إلى 500 مليون دولار قد قدّمت من أجل إقرار هذه الصفقة المريبة من قبل مالك ورئيس مجلس إدارة شركة زين العراق ( محمد الچرچفچي ) والعلم عند الله .. ولكن ليس هنالك من شّك أنّ العوائل السياسية المالكة لشركات الهاتف النّقال قد مارست كلّ الضغوط على رئيس الوزراء من أجل تمرير هذه الصفقة .. في المقدّمة منهم رئيس الجمهورية برهم صالح ومسعود بارزاني اللذان يمتلكان حصص كبيرة في شركتي كورك وآسيا سيل .. أنا واثق كلّ الثقة أنّ مجلس النواب العراقي سيسقط هذه الصفقة المريبة .. لكنّ خسارتنا الكبرى أنّنا فقدنا الأمل بالخلاص من الفساد .. ورئيس الوزراء الذي اعتبرناه المنقذ ها هو يسقط بأول اختبار للنزاهة .. خسرناك يا مصطفى ولن تعود كما كنت قبل السابع من تموز بعد الذي حصل.
أقرأ ايضاً
- كيف السبيل لانقاذ البلد من خلال توجيهات المرجعية الرشيدة ؟
- ما دلالات الضربة الإسرائيلية لإيران؟
- ما هو الأثر الوضعي في أكل لقمة الحرام؟!