بقلم: عبد الكاظم حسن الجابري
لم يكن سقوط الموصل سببا لمشاكل العراق, ولا هو سبب للخراب السياسي والاداري والتنظيمي, صحيح كان هذا السقوط هو قمة ما وصل اليه التحريض ضد الدولة, وضد النظام الجديد من قبل جهات مختلفة محلية واقليمية ودولية.
الملاحظ ان تظاهرات الانبار ابتدأت بعد الانسحاب الامريكي 2011, وبعد انطلاق احداث سوريا, وان التنظيمات الارهابية التي قامت بهذه الافعال كلها ترعرعت في السجون الامريكية وخصوصا سجن بوكا ومنهم زعيم التنظيم الارهابي ابو بكر البغدادي.
سقوط الموصل كان نتيجة حتمية لعدم تقبل الطرف الاخر للحكم وللنظام الجديد, واصرار أغلب أهل السنة على إن الدولة هذه ليست دولتهم, كما ذكرها السيد رئيس البرلمان الحلبوسي عن لقاءه مع سعد البزاز, كما ان المحيط السني الاقليمي كان رافضا للوجود الشيعي في سدة الحكم.
كان التحريض على قدم وساق في الموصل ضد الجيش والشرطة, وكانوا يسمونهم جيش الروافض, والجيش الصفوي, وجيش المالكي وكانت الفتن الطائفية تترى وتتوالى, لكن الشيعة ومرجعيتهم التزموا ضبط النفس, وخصوصا بعد تفجير قبتي الامامين العسكريين عليهما السلام.
كان حزب البعث جناح يونس الاحمد, وجناح عزة الدوري, وكذلك الارهابية كتنظيمات النقشبندية, والتوحيد والجهاد, والجيش الاسلامي, وشورى المجاهدين, كلها تنشط في تلك المناطق, وتملك تمويلا واعلاما ضخما تمارسه دول الخليج وتركيا, حيث كانت السعودية وقطر والامارات تضخ مليارات الدولارات وتجند الاف الارهابيين للقتال في العراق.
من جانب اخر كان الفساد والمحسوبية ينخر بجسد المؤسسة العسكرية والامنية, وكان الضباط القادة اغلبهم فاسدون, وتم تعينهم حسب الولاءات للزعامات, لذا وجدناهم هربوا في أول المعركة ليتركوا جنودهم طُعمة لحِراب الارهاب.
على المستوى السياسي والاداري لم تكن معالجات الحكومة لمسألة التظاهرات بمستوى الحدث, وقد عبر رئيس الوزراء نوري المالكي وقتها عن التظاهرات بانها فقاعة.
الحقيقة إن تظاهرات الانبار والتي نافت مدتها على السنتين والنصف كانت ساحاتها مكانا لتجنيد الارهابيين, وتحشيد اكبر عدد من ابناء تلك المناطق لإسقاط الدولة, وكانت شعارات وأناشيد الساحات واضحة وعلنية من خلال انشودة "احنا تنظيم واسمنا القاعدة" وانشودة "لو هلهلتي يم ترجيه واحدنا يعادل ستمية" وكذلك كانت الخطابات الطائفية علنية حينما كان يتلوها سعيد اللافي والعلواني وغيرهم من نكرات جلبوا العار لعشائرهم واهلهم وناسهم.
لذا فان الحقيقة ان سقوط الموصل واحداث 2014 هي نتيجة لمسارات خاطئة متعددة, وهي التحريض الطائفي وعدم تقبل الوجود الشيعي في الحكم, والتآمر المخابراتي الامريكي -ردا على انسحابه من العراق وباعتراف هلاري كلنتون بانهم من أسسوا داعش- وكذلك الفساد والمحسوبية في تسليم قيادات الوحدات الامنية, وفشل الحكومة في ادارة البلد والتعامل مع التظاهرات, والانقسام السياسي الحاصل بين الكتل والاحزاب وخصوصا تحت قبة البرلمان.