- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
د11عش تنظيم إرهابي وسُنّة العراق براء منه
بقلم: نجاح بيعي
ـ(داعش تنظيم سني متطرف ومقاتليه 80% من أهالي الغربية).
كانت قد وردت هذه العبارة في حديث وزير (الدفاع) العراقي بلقاء له على قناة (الشرقية) ليلة 31/5/2020م. وكنت قد أبديت رأي حينها وقلت: (داعش تنظيم إرهابي مجرم وأهل سنة العراق براء منه إلا مَن غُرر به. والرجل وزير الدفاع العراقي طائفي لا أكثر, ولا يصلح لوزارة الدفاع).
ولكن يبدو أن رأي هذا لم يرُق للبعض ولم يفهم البعض الآخر القصد منه, كما تسرع آخرون وكانت النتيجة أن سخروا هؤلاء من (رأي) جهلا ً وتعنتا ً, بل راح آخرون وغمروا أنفسهم بوحل التسقيط والتشهير العطن غيضا ً وحقدا ً وحسدا ً لا غير, وهم ممّن يحسبون أنفسهم نخبة وعلى الثقافة والتثقيف يُحسبون. وكنت آمل ـ ولا أمل هناك لأنهم إمّعات يتكلمون بغير لسانهم ويُبصرون بغير أعينهم ويفكرون بغير عقولهم (جفاة طغام، وعبيد أقزام، جمعوا من كل أوب، وتلقطوا من كل شوب, ممن ينبغي أن يُفقه ويُؤدب، ويُعلم ويُدرب، ويُولى عليه ويُؤخذ على يديه) و(هم كالأنعام بل هم أضل سبيلا) كنت آمل أن أطلع على آرائهم وموقفهم بعد أن أصدر (وزير الدفاع) بيانه حول (تصريحاته) المثيرة للجدل, والذي غادر ببيانه ما كان قد ثبّته في تصريحاته, بصيغة حسِبها ويحسبها كل من يطلع على البيان بأنه (إعتذار) و(تراجع) عما بدر منه وهذا شيء جيد بحد ذاته.
قبل أن أستعرض مضامين بيان (الوزير) والذي جاء بعد منتصف اليل الإثنين 2/6/2020م, ردّا ً على موجه الإمتعاض واللغط والجدل الذي أحدثه تصريحه في جميع الأوساط بما في ذلك عن (أهلنا في الغربية), أرغب ببيان نقطة مهمة أبتدؤها بتساؤل موجه لكل عراقي وطني شريف, ولكل من يتبع توجيهات (المرجعية العليا) ولكل من يقرء أيضا ً (فتوى الدفاع المقدسة) بعيون غيره ويعقلها بفكر ومزاج الآخرين, ولكل مُطلع ومُتابع للشأن العراقي وخصوصا ً قضية (قتال د11عش) ممن لبسوا نظارة الحزب السياسية ووبُرقع الطائفة الأسود, ووحزام القومية المتعصب, وومتراس المناطقية الضيق.. أسأل:
ـ هل كانت (فتوى الدفاع المقدسة) التي أصدرها السيد (السيستاني) في 13/6/2014م ضد (د11عش) باعتباره:
1ـ تنظيم إرهابي إجرامي؟.
2ـ أم تنظيم سني متطرف؟.
وهذا السؤال قطعا ً لو كنّا مُريدي (الحق والحقيقة) سيرشدنا الى قراءة ومطالعة الفتوى المقدسة بتمعّن ودراية أكثر اهتماما ً, توخيا ً للحذر من الوقوع في الإشتباه والخطأ (لحساسية) القضية ولكي لا نُبدي رأيا ً ما ونندم عليه مستقبلا ً إن كنا حريصين على الوطن ومصلحته, وسيرشدنا المنطق والعقل السليم بالتالي الى مراجعة كل تراث (المرجعية الدينية العليا) ومراجعة جميع مواقفها على مدى سني التغير منذ عام 2003م وللآن, وفي جميع القضايا ومنها قضية قتال د11عش وعلاقة ذلك بالمكون (السُنّي) على أقل تقدير.
ـ وبالنتيجة .. وبلا لف ودوران نخلُص الى أن الفتوى المقدسة إنما دعت الى قتال تنظيم (د11عش) باعتباره (تنظيم إرهابي إجرامي) يستهدف جميع العراقيين في جميع المحافظات ولا يستثني أحدا ً أبدا ً. وهذه هي حقيقة هذا التنظيم الظلامي الذي لا تتأول الى الضد منه. وقطعا ً لم يكن (تنظيما ً سنيّا ً متطرفا ً) ونلصقه بالمكون (السُنّي) وإلا تغيرت قواعد (القضية) برمتها ويقبلها رأسا ً على عقب. لذلك دعت المرجعية العليا جميع المواطنين العراقيين الى تحمّل المسؤولية الوطنية والشرعية لردع وصدّ هؤلاء المعتدين.
وللأسف هناك من أطراف داخلية وأخرى خارجية وأتباع لهم (شراذم) يرون عكس رؤية المرجعية العليا, وحسِبوا الأمر بأنه (تنظيم سنّي متطرف) وهذا هو عين منطق الخطاب الطائفي الذي جرّ البلاد الى الويلات والدمار والخراب وسيجرها أكثر من ذي قبل لو فسح له المجال أكثر, وهو منطق أمراء الحروب وصائدي الجوائز والمكاسب من السياسيين والمقامرين ومن أتباع (اللاوطن) و(اللادولة) و(اللادين) للأسف.
وما كان انتظار المرجعية العليا لـ(72) ساعة بعد صدور بيانها في يوم 10/6/2014م وهو يوم سقوط الموصل بيد الزمر الد11عشية, إلا لإعطاء فرصة من المرجعية العليا للحكومة آنذاك ولجميع القوى السياسية على الساحة, للملمة صفوفهم المتفرقة سياسيا ً, ولتوحيد خطابهم الطائفي المتشنج, ولرص صفوفهم المتباعدة والمتمترسة بالشحناء والبغضاء بعضهم لبعض, فما كانت النتيجة حينها كحل للأزمة المستفحلة والخطيرة عندهم إلا حل واحد من اثنين أحلاهما مُر كالعلقم على العراق والعراقيين:
ـ الأول: هو إعلان الحكومة لحالة الطوارئ في البلاد, وهو إيغالا ً لمنطق الطائفية وتنفيذا ً له لأن الداعين الى هذا الحل ينتسبون لمكون ما بعينه وهم سياسيّ (الشيعة) آنذاك.
ـ الثاني: وهو من سياسيّ (السُنة) مع وجود تداخل المواقف من باقي القوى المنتسبة لمكونات أخرى, هو الدخول بحوار ومفاوضات مع (تنظيم د11عش) تحت مسمى (ثوار العشائر) وأن الوضع هناك يُقيم على أنه اقتتال (طائفي) بين مكون (سنّي) مُهمش من قبل حكومة (شيعية).
فما كان على المرجعية الدينية العليا إلا أن تُطلق (فتوى الدفاع المقدسة) يوم 13/6/2014م لإنقاذ الحكومة من الإستلاب والذهاب الى المجهول, ولإنقاذ الدولة العراقية بجميع مؤسساتها وخصوصا ً العسكرية والأمنية منها, ولإنقاذ الشعب العراقي من حالة اليأس والإحباط والتقهقر, ولإنقاذ المكون السنّي من براثن عصابة إجرامية استترت بالمذهب وبالطائفة وهم منه براء, وانقذت الفتوى كذلك ماء وجه جميع القوى السياسية المُسببة لجميع مآسي العراق والعراقيين منذ (17) سنة, بدعوتها جميع المواطنين العراقيين للتطوع للمؤسسة العسكرية والأمنية دفاعا ً عن العراق وأرضه وعرضه ومُقدساته. وهذا يُفسر (إذا نظرنا بعين الإنصاف والمروءة) حجم العداء الخفي للمرجعية العليا ولمشروعها في العراق من قبل جميع السياسيين ومن الأطراف الداخلية والخارجية ومن أتباعهم وشراذمهم, لأن المرجعية أسقطت مشروعهم الطائفي التقسيمي في العراق.
ـ وإذا ما عدنا الى تصريح وزير الدفاع: (داعش تنظيم سني متطرف و مقاتليه 80% من أهالي الغربية) نراه يعود بنا الى ذلك المربع الأول المُخيف لا غير. وكنت قد وصفته بأنه (طائفي) مع أنه من الطائفة السُنّية الكريمة, لأني استشعرت بكلامه (البعد الطائفي) ولأن الذي سيدفع الثمن جراء ذلك هو (الشيعي) لا غيره. لأن الطائفية لا معنى لها لو بقيت تُغرّد لحالها إن لم يكن يوجد هناك (الضد النوعي) له حتى يثمر دمارا ً وقتلا ً وحرقا ً وتفجيرا ً وتكفيرا ً وتهجيرا ً وووو مُتبادلا ً بينهما وبهذا يكون (الرجل) وزير الدفاع وبمنطقه هذا, لا يصلح لأن يكون على قمة هرم أكبر مؤسسة أمنية في العراق.
في نهاية المطاف أدرك (الوزير) ما آل له تصريحه. واستدرك الموقف ببيان له يُحسب (له) لا (عليه) هذه المرة. فنص بيانه على ما يلي: ـ(تداولت وسائل إعلام مرئية ومكتوبة، فضلا عن وسائل التواصل الاجتماعي، تصريحا منسوبا لنا مفاده أن “داعش تنظيم سني متطرف و مقاتليه 80% من اهالي الغربية”.
وأود أن أبين الآتي:
ان هذا التصريح قد اقتطع من سياقه العام، وكان القصد من قوله نقل الصورة النمطية المبنية على أحكام فكرية مسبقة لغرض مناقشتها ومعالجتها. وننتهز هذه الفرصة للتأكيد باننا نؤمن ايمانا تاماً بأن الإرهاب لا يمكن أن يختصر في دين معين او مذهب معين او منطقة بذاتها فهذا التنظيم يعبر عن ايديولوجية عابرة للحدود ونتاج لفكر متطرف وإن ابناء العراق قد عبروا عن رفض هذا الفكر المتطرف وفي مقدمتهم عشائر وابناء الغربية الكرام، وهنا لا بد لي من التوضيح حيث فُهم من كلامنا بأن المقصود بابناء الغربية هم ابناء محافظة الانبار الكرام وهذا غير صحيح مطلقآ لان الدارج من الكلام لدى جميع العراقين بأن ابناء الغربية هم ابناء وعشائر جميع المحافظات التي اجتاحتها فلول داعش الارهابي والذين كانوا يدا بيد مع قوات الجيش والقوات الأمنية في محاربة هذا التنظيم وأخرجه من التراب العراقي الطاهر. كما نأمل من وسائل الإعلام المحترمة والتي نكن لها كل احترام والتقدير، توخي الدقة والحذر في نقل التصريحات وعدم اقتطاعها من سياقها العام بما يلحق الضرر على الصالح العام).
ـ وهنا فالسيد الوزير يكون قد غادر ما كان (حيويا ً) و(رائجا ً) في أجواء (المربع الأول) عشية يوم 13/6/2014م حيث كانت الظروف مُهيأة للصدام والحرب الطائفية في العراق, وأن تنظيم دا11عش ما هو إلا تنظيم (سُنّي طائفي) واقعا ً, غادره مُعترا ً إياه تنظيم إرهابيّ إجرامي يستهدف جميع العراقيين بلا استثناء, ويستتر بآديولوجية وفكر متطرف ومنحرف والمذهب والطائفة براء منه: (فهذا التنظيم يعبر عن آيديولوجية عابرة للحدود ونتاج لفكر متطرف وإن أبناء العراق قد عبروا عن رفض هذا الفكر المتطرف وفي مقدمتهم عشائر وابناء الغربية الكرام) حسب قول السيد الوزير.
وأن أبناء الغربية الكرام هم بالحقيقة أبناء جميع المحافظات بلا تشخيص (المقصود بأبناء الغربية... هم أبناء وعشائر جميع المحافظات التي اجتاحتها فلول داعش الإرهابي والذين كانوا يدا بيد مع قوات الجيش والقوات الأمنية في محاربة هذا التنظيم وأخرجه من التراب العراقي الطاهر).
ـ حفظ الله تعالى العراق والعراقيين.
أقرأ ايضاً
- أهمية التعداد العام لمن هم داخل وخارج العراق
- ضرائب مقترحة تقلق العراقيين والتخوف من سرقة قرن أخرى
- الأطر القانونية لعمل الأجنبي في القانون العراقي