منذ ازمة التظاهرات مطلع شهر اكتوبر من العام الماضي والقوى السياسية التي تمثل المكون الاكبر ذات الاختصاص الدستوري بترشيح رئيس مجلس الوزراء وتشكيل الحكومة تعاني انقساما حادا وكبيرا بدأ بالتخلي عن الدكتور عادل عبد المهدي وهي من رشحته للمنصب. واستمر في تكليف الدكتور محمد علاوي لتشكيل الحكومة قبل اكثر من شهر ونصف من الان وانتهى بعدم حضور جلسة التصويت عليه وبالتالي تخليه طواعية عن المنصب. واستمر الاخفاق والانقسام وعدم التلاقي والاتفاق على شخصية كفؤة ومقبولة لرئاسة الوزراء في فترة الخمسة عشرة يوما؛ المهلة الدستورية الاخيرة التي لم تنجح فيها اللجنة السباعية على تسمية اي شخصية من قائمة طويلة من الشخصيات السياسية والمستقلة ، مما اتاح لرئيس الجمهورية ترشيح السيد عدنان الزرفي لرئاسة الوزراء بعيدا عن توجهات القوى السياسية الرئيسة . فألى متى يستمر هذا الانقسام؟ وهل آن اوان الاتفاق واللقاء؟ واذابة جليد الخلافات في هذا الوقت العصيب.
يواجه العراق اليوم عواقب وخيمة لهذا الاختلاف ، فقد يتعرقل ترشيح السيد عدنان الزرفي ولا ينال الثقة في البرلمان ، ونحن في هذا الوقت بأمس الحاجة الى امرين لمواجهة تحديين:
الامر الاول: الاتفاق على شخصية تنال ثقة الساسة والشارع وتمر بيسر في البرلمان ، وهذا لا ينطبق على المكلف الحالي الا اذا استطاع اقناع القوى السياسية الرافضة والشارع الغاضب .. وهذا امر مستبعد في الوقت الحاضر.
الامر الثاني: الاتفاق على بقاء الدكتور عادل عبد المهدي رئيسا لمجلس الوزراء في حكومة ازمة مؤقتة تواجه تحديين:
1. خطر انتشار فايروس كورونا وتداعياته الجسيمة صحيا واجتماعيا واقتصاديا.
2. التعامل مع تداعيات نزول اسعار النفط عالميا وتأثيراتها السلبية على الاقتصاد العراقي الهش والمواطن البسيط.
وان كان المقترح الثاني في بقاء الدكتور عبد المهدي واستمراره صعب التنفيذ مع تعطل البرلمان ورفض الرجل البقاء في المنصب ، الا انه كان ليخرجنا مؤقتا من ازمة الخلاف بين المكون الواحد والمكونات الاخرى وحالة عدم الاتفاق السياسي ، كما انه يمثل حلا جوهريا لازمة تصريف الاعمال التي عطلت الموازنة والانفاق حتى في حالات الضرورة القصوى مثل مواجهة كورونا.
وتبقى الكرة في ملعب القوى السياسية ذات الشأن مثل الفتح وسائرون ، مثلما ان منصب رئيس مجلس الوزراء لا يمكن ان يمر برلمانيا الا من عباءة الكتلة الاكبر والمكون الاكبر ... فلا اتفاق على رئيس حكومة الا بموافقتها لان تجاهلها من قبل رئيس الجمهورية وترشيح شخصية من خارج اللجنة السباعية هو مضيعة للوقت ومغامرة غير محسوبة العواقب ، مثلما عدم اتفاق اللجنة على شخصية مناسبة في عشرة ايام كان مضيعة للوقت ويفترض ان يستثمر بالاستمرار في الاجتماعات الان وترشيح شخصية اخرى بديلة للمكلف الحالي تكون جاهزة في حالة اذا لم يمرر الزرفي في البرلمان ... لان الوضع لا يحتمل تأجيلات اخرى؛ فأما ان تتفق اللجنة السباعية على مرشح عاجل يحظى بمقبولية نصف زائد واحد من اعضائها او تقبل باستمرار الموجود - حكومة الدكتور عادل عبد المهدي ... وحتى لا يضيع مزيدا من الوقت.