بقلم: أياد السـماوي
فرصة أخرى أضاعها رئيس الوزراء السيد عادل عبد المهدي يوم أمس بسبب عدم أهليّته للمكان الذي وضعه فيه هادي العامري ومقتدى الصدر.. ما حصل يوم أمس في جلسة مجلس النوّاب قد اثبت ليس عدم أهليّة رئيس الوزراء فحسب , بل أثبت أيضا أنّ دائرة المستشارين التي تحيط برئيس الوزراء هم أناس غير مؤهلين وليس بينهم شخص واحد مدرك لما يحصل في البلد (مع الاعتذار الشديد من الدكتور محمد عبد الهادي الحكيم الذي أكنّ له احتراما كبيرا).
كان من الواجب أن يشير هؤلاء المستشارين على رئيس الوزراء أن يرسل كتابا إلى مجلس النوّاب من دون أسماء يطلب فيه الصلاحيات الكاملة لاستبدال كامل الكابينة الوزارية ويرمي الكرّة في ملعب مجلس النوّاب.
كانت الفرصة سانحة ومؤاتية لرئيس الوزراء باستثمار هذا الغليان الشعبي للتخلص من سطوة الكتل السياسية الفاسدة ووزرائها الذين تمّ فرضهم عليه.. لم يكن أمام مجلس النوّاب سوى الإذعان لمطلب رئيس الوزراء.. لأنّ رفض مثل هذا الطلب سيضع مجلس النوّاب في مواجهة مباشرة مع الشعب المنتفض.. لكنّ الصدمة لم تكن فقط بتضييع هذه الفرصة الذهبية لامتصاص غضب الشعب , بل بالكتاب الأخرق الذي بعثه رئيس الوزراء لمجلس النوّاب والذي يطالب فيه بتغيير ثلاثة وزراء فقط.. وحتى مع هذا الكتاب الأخرق لم يستجب مجلس النوّاب لمطلب رئيس الوزراء.. وبالتالي اضاع فرصة حقيقية للبدء بإصلاحات بإصلاحات جدّية كان من الممكن أن تعيد الهدوء للشارع المنتفض.
دولة رئيس الوزراء.. إنّ الوعود التي قطعتها على نفسك لامتصاص غضب الشارع العراقي ليست صحيحة ولا تنمّ عن عقلية رجل يقال أنّه اقتصادي.. فهذه الوعود هي أعباء وليست إصلاحات.. أعباء ستّكبل بها موازنة البلد التي تعاني أصلا من العجز المالي.. كيف يمكنك دولة الرئيس تحمّل هذه الأعباء المالية المالية وعجز الموازنة لسنة 2019 قد تجاوز ال 35 ترليون دينار عراقي , بينما العجز المخطط في الموازنة هو 19 ترليون دينار عراقي ؟
وكيف ستضمّن موازنة 2020 هذه الأعباء المالية والعجز الذي تحدّث به المختّصون بدون هذه الأعباء الجديدة يفوق ال 50 ترليون دينار عراقي ؟
من أين ستأتي بهذه الأموال للإيفاء بهذه الأعباء التي وضعتها على نفسك دون إدراك لوضع البلد الاقتصادي ؟
هل هذه هي الإصلاحات الاقتصادية التي تريد أن تضع فيها العراق على جادّة التنمية الشاملة وتحقيق الرفاه الاقتصادي ؟
اي خبير اقتصادي أشار عليك بهذه الإجراءات ؟..
دولة الرئيس اسمح لي أن أقول لك أنّ جميع الإجراءات التي أعلنت عنها لا تنمّ عن منطق اقتصادي سليم.. فالإصلاح لا يتمّ من خلال ضخ عشرات الآلاف من العاطلين عن العمل في دوائر ومؤسسات الدولة التي تعاني أصلا من تضّخم وترّهل كبيرين.. بل من خلال بناء المشاريع الاقتصادية العملاقة في قطاعات الصناعة والزراعة والبناء والنفط وباقي القطاعات الاقتصادية الأخرى.. وكانت هذه الفرصة هي الأخرى كانت سانحة لك عند زيارتك الأخيرة للصين التي عدت منها خالي الوفاض إلا من صندوق بعشرة مليارات دولار لا يكفي لمشروع اقتصادي واحد عملاق.. دولة الرئيس نصيحتي الأخيرة لك أن تعبر النهر ما دام ضيقا وترمي الجمل بما حمل على هادي العامري ومقتدى الصدر ليتصرّفا بجملهما.. وتخلّص من هذا الصداع الذي جلبته لنفسك وأنت في آخر العمر.