بقلم: حسين فرحان
تعددت القصص التي كان بطلها (الشاطر حسن) فتارة يكون مصدرها حكايات ألف ليلة وليلة وأخرى تكون من نسج خيال الحكواتي أو العجائز اللاتي اعتدن على رفد ذاكرة الطفولة في زمن الفانوس وفي زمن لم يكن فيه (الموبايل) قد رأى النور بعد.
جميع الحكايات والقصص تتحدث عن (حسن) وشطارته وذكائه وشجاعته، فهو القائد الماهر لبساط الريح وهو منقذ الأميرات وهو رفيق الملوك وهو المعين لوالديه وهو الذي منحته السمكة الجوهرة التي بجوفها.. وأما المكان الذي تدور فيه وقائع هذه الحكايات وأحداثها فهو (أرض العجائب)، وهذه الأرض مصطلح فضفاض يحتمل كل الأمكنة في الخيال الخصب الذي أنتج هذه الروايات الشيقة.
من قرية (الحوس) النائية احدى قرى قضاء قلعة سكر شمال محافظة ذي قار وفي أرض الرافدين أطل (الشاطر حسن) كالقمر ينير للبعض سبلا أظلمتها مصاعب الحياة وظروف هذه الأرض، يلهمهم الصبر والظفر ويكتب بالقلم الذي نال به المرتبة الأولى وحصل على أعلى معدل له على مستوى الوطن: أن نهاية الكفاح والأخلاص في السعي ستكون مثمرة بلا أدنى شك أو ريب..
قدم حسن محسن معيوف درسا بليغا في نجاحه، لأن هذا النجاح ولد بعد مخاض عسير ومغالبة مع الفقر و الحرمان و بعد المسافة، في بلد هو بالأساس يعيش ظروفا استثنائية جعلته في عداد الدول البائسة في نواح ومجالات متعددة يتقدمها الجانب التعليمي.. لذلك كان نجاح حسن في ظل هذه الظروف - العامة والخاصة - نجاحا يرقى إلى مستوى الإعجاز وهذا ما أعطاه سمته التي هو عليها الآن.
حسن معيوف أو (الشاطر حسن) قدم للجميع درسا - بل دروسا بليغة - في الأستحقاق للمنزلة الرفيعة بمقدار الجهد فهل التفت البعض إلى مواقعهم ومناصبهم التي حصلوا عليها (بالغش والمحسوبية والحزبية والعشائرية والسطوة والنفوذ) ؟ وهل استشعر البعض أن الدولة بحاجة إلى أمثال حسن لتنهض من جديد ؟ وهل أدرك البعض أن عشق الكرسي ماهو الا مرض عضال ينبغي التخلص منه، وأن التخلي عن المكان الغير مناسب لهم وتركه للأنسان المناسب فيه صار ضرورة ملحة تمليها عليهم حاجة الوطن لأبنائه المخلصين ؟
يا حسن.. نحن نعلم جيدا أن هناك المئات من أمثالك حجبتهم عن خدمة وطنهم مصالح المتكالبين على النفوذ والسلطة وأصحاب الشهادات المزيفة التي يحملونها إسما لايناسب حقيقتهم فهم كالحمار الذي ينوء بحمل الأسفار دون انتفاع بها، ولكن مالحيلة وعشق السلطة والمال يحول بين عباقرة البلاد وكل مامن شأنه النهوض بها ؟..
بني حسن.. أنت الشاطر الذي وقف بوجه الصعاب وأنت الحكاية الجميلة التي لم تكن من نسج خيال الجدات.. أتمنى لك التوفيق.
أقرأ ايضاً
- أهمية التعداد العام لمن هم داخل وخارج العراق
- الآن وقد وقفنا على حدود الوطن !!
- الآثار المترتبة على العنف الاسري