معانات كثيرة صبت على رؤوس أناس كثر, وأي أناس هم كبار السن الذين يجلسون في دار مسنين وعجزة كربلاء, حيث معاناتهم الشخصية التي هي السبب وراء وجودهم في الدار وتجاهل الأبناء لذويهم دون زيارتهم وتفقدهم لهم ليتركوا لهم الأمل في العيش السعيد.
دار رعاية المسنين من الدوائر الخدمية التابعة إلى قسم رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة التابع إلى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية حيث تقدم هذه الدار خدماتها للمسنين الذين لم تكن لهم عائلة أو لديهم مشاكل اجتماعية خاصة وليس لديهم معيل فقد تعهدت الدار بإيوائهم وتقديم الخدمات الطبية والاجتماعية والنفسية والترفيهية.
يقول المسن (احمد عطية) تونسي الأصل والبالغُ من العمر سبعون عاما لمراسل موقع نون ًانه \"ومنذ (8) أعوام يسكن في هذه الدار التي باتت ترتبط بهِ أكثر من أية داراً أخرى يذكرها كونه قضى فيها هذه السنين الطوال، وان فكرة مجيئه للدار جاءت من خلال إحدى الزميلات لديه بالعمل في الأسواق المركزية؛ وهو موظف سابق تم أحالته للتقاعد وعندها استقر في دار عجزة ومسنين كربلاء.\"
[img]pictures/2010/11_10/more1288682294_1.jpg[/img][br]
عطية يشكو من \" مرض القلب وهو مرض بحد ذاته يحتاج إلى جسد قوي وقوة تحمل لكي يواجه المرض ولكن بشرط توفر مقومات مواجهة هذا المرض الذي بدأ يأخذ من قوته شيئاً فشيئاً، هذا بالإضافة إلى أمراض أخرى أصيب بها منها مرض المفاصل وفقر الدم لكنه أصر على البقاء في هذه الدار كونه يجد فيها ما لم يجده في أي مكانُ أخر من عناية وأدوية وخدمات أخرى .\"
ويتابع عطية حديثه انه منذ أن كان يعمل في بغداد قد اعتاد على المجيء لمدينة كربلاء لزيارة الأئمة الأطهار ( عليهم السلام ) وهو مستمر ألان على هذه الزيارات، مشيراً إلى انه\" يتقاضى راتباً تقاعدياً يعمد من خلاله إلى شراء الأدوية العلاجية من الخارج بالرغم من توفرها داخل الدار لأنه يجد في نفسه القدرة على تحمل تكاليف الدواء وهذا على خلاف الآخرين من النزلاء .\"
تقول أحدى المسنات التي لم تستطع أن تمسك دموعها حينما بدأ الحديث عن الأبناء وكيفية تعاملهم مع ذويهم عندما يكونون في أمس الحاجة أليهم، أن السبب وراء هذا كله هو أن الإنسان يحصد ما زرعه بنفسه وهي عقوبة تتلوها عقوبة لمن عاق والديه في حياتهما.\"
[img]pictures/2010/11_10/more1288682294_2.jpg[/img][br]
إلى ذلك تشير أن ما صنعه أبنها فيها هو الأخر مشابه لما صنعته هي بوالدتها التي لم ترعها يوماً أو تهتم بها في يوم من الأيام، وهذا هو حال الكثير ممن هم قد عمتهم الدنيا ومشاغلها لينسوا الإباء والأمهات خلفهم وبدون مراعاة الحقوق التي وضعها الله سبحانه وتعالى بحقهم.\"
ولكن بالرغم مما وصل له أبنها البِكر ألا انه لم يكلف نفسه عناء الطريق من اجل الاطمئنان على والدته التي باتت تتربص بنظرها نحو باب الدار متوقعةُ قدومه أليها في لحظة من اللحظات لتضع رأسه بين يديها ولتطمئن عليه ولتمحو بهذه اللحظات حزُن قلبها على فراقُ اعز ما هو لديها وهو الابن البكر.\"
فيما يقول المسن \"عبد الستار عبد الجبار\" من محافظة ديالى والذي يسكن دار مسنين كربلاء منذ عامُ ونصف العام لمراسل موقع نون أن \" سبب مجيئي إلى الدار هو ابني الذي ولد مريضاً منذ(30)عاماً والذي أودعته دار الحنان لرعاية المرضى في كربلاء بعد أن توفيت أمه ورفضته زوجتي الثانية بسبب مرض العوق الولادي وهذا ما دفعني للمجيء لدار المسنين لأكون قريباً منه لكي أرعاه واهتم بهِ لأنه قد نشأ بهذا الشكل وهو أمر يجب أن لا يعاقب عليه.\"
مضيفاً \" لقد تركت ورائي عددا من البنين والبنات لأكون بالقرب من ابني في مدينة كربلاء واني مستمر بزيارتهم بين الحين والأخر وكل هذا بسبب التصرف الأناني من قبل الزوجة التي خلا قلبها من الرحمة والإنسانية تجاه ابني المريض من جهة والزوج من جهة أخرى وهو على خلاف العادات والتقاليد والوصايا الإلهية التي أوصى بها الله عز وجل .\"
*إذ شاطره الرأي احد مسنين محافظة بغداد الذي جاءت قصته متشابهة لقصة الأول في أن اغلب الموجودين في الدار هم ضحيةُ لجشع زوجاتهم اللواتي يتصرفن بأنانية وعداء تجاه كل ماهو لا يناسبهن فحسب. حيث تعاملت معه زوجته بعداء عند سماعها خبر إلغاء الراتب التقاعدي من اجل الاستمرار بوظيفة أخرى له في وزارة البلديات .\"
[img]pictures/2010/11_10/more1288682294_3.jpg[/img][br]
ويضيف \"حسين الاسدي\" 72 عاماً الذي كان يعمل في القوة الجوية\" فني طائرات\" ولمدة \"32\" عامً انه بسبب الخلاف الذي حصل بينه وبين زوجته التي رفضت قطع راتبه التقاعدي من اجل استمراره بالعمل في دائرة البلدية ألا انه أبى أن يترك الراتب التقاعدي لها لذلك قرر ترك المنزل لزوجتهِ وأولاده حاملاً حقيبته وبعضُ أوراقه الشخصية ليسكن ُ في دار مسنين كربلاء منذ ما يقارب الـ(3) سنوات.\"
من جانبها أشارة \"نعيمة جويد\" انها من النساء المحظوظات اللواتي دخلن الدار وحظينه بصحبة مهمة الا وهي صحبة القران فمنذ (40) عاماً وهي تقرء القران وهو مافاجاء الكثير من الزوار الذين وفدوا الى هذه الدار وعلى مدى السنوات الأربعة التي قضتها فيه،\"
نعيمة التي تبلغ من العمر(65) سنة اشتكت من حال الدنيا والقدر الذي سلط عليها من لا يرحمها فسرقوا منها الأموال وما تملك، لتلجئ حينها إلى دار المسنين حيث المأوى والعناية، تعاني نعيمة من ألتهاب في الكلى وأمراض المفاصل لتبقى وحدها تصارع مرضها وتأنس وحدتها على شرفة ذكرياتها .\"
من جهتها أوضحت مديرة دار رعاية المسنين (احتشام مجيد الهر) لمراسل موقع نون الخبري أن \"دار رعاية المسنين في كربلاء هو من الدور القديمة التي أنشئت في العراق مع تأسيس وزارة العمل والشؤون الاجتماعية (1991)، وانه لدينا دوائر فرعية أخرى لكن هذه الدار هي الأقدم فيها حيث أعيد ترميمها عام (1999) كما وتعد دار رعاية كربلاء من الدور المميزة في العراق وهذا الثناء هو من قبل الوزارة ذاتها والحكومة المحلية في كربلاء وهي الأولى في كافة المجالات بحسب وصفها.\"
وتابعت الهر،\" انه تم تعميم كتب رسمية من قبل وزارتنا إلى وزارة الكهرباء لغرض تزويدنا بالطاقة الكهربائية وبشكل مستمر ولكن حجم الضغوط التي تعرضت لها وزارة الكهرباء كبيرة جداً حينها بدأ انقطاع الكهرباء عن الدار ولفترة من الوقت، ولكننا لم نقف مكتوفي الأيدي حيث وفرت أدارة الدار مولد كهربائي لتزويد الطاقة لان في الدار أجهزة طبية حساسة بحاجة إلى الكهرباء وبشكل مستمر،أما الان فقد تم توفيرها من قبل الحكومة المحلية عبر خط الطوارئ الرئيسي.\"
[img]pictures/2010/11_10/more1288682491_1.jpg[/img][br]
أما فيما يتعلق بقبول النزلاء في الدار بينت مديرة الدار أن نسبة التوافد على دار عجزة كربلاء أكثر من بقية الدور الأخرى الموجودة في المحافظات والسبب يعود إلى الإلية المتبعة في قبولهم من جانب ولأننا نتعامل معهم كإباء وأمهات ونتقبلهم في الدار من اجل عدم تركهم بدون مأوى من جانبُ اخر وهو صميم عملنا في دار كربلاء.\" وعند الحديث عن الوحدة الطبية الموجودة في الدار قالت (الهر) تقوم الوحدة الطبية بالعلاج الأولي، من قياس الضغط والحرارة والسكر، وهو علاج أولي، أما الحالات التي تحدث أثناء الدوام الرسمي، والمستعصية منها نقوم بتحويلها إلى المستشفى، وانه لدينا غرفة خاصة بالوحدة الطبية وتحوي على الأدوية الخاصة والأجهزة التي نحتاجها في الدار، أيضا لدينا أطباء متخصصين يزورون الدار دوريا، ومنهم أخصائي عيوني ومفاصل وباطنية، وهناك جدول خاص بمواعيدهم تصدره دائرة صحة كربلاء، أما العلاج فلدينا طلبيه شهرية تجهزها دائرة صحة كربلاء، أيضا هناك علاج الإمراض المزمنة يتم تجهيز المريض به وبحسب دفتر المريض الصحي.\"
ختمت الهر حديثها بالقول\" أن مجلس محافظة كربلاء قرر توسعة الدار وبالأخص قسم النساء المقعدات من اجل استيعاب اكبر عدد من المسنات فيه.\" يقول احد المهتمين بشؤون المسنين :
دار العجزة حقيقة لاينكرها أحد، وفرحة للأبناء اللذين ماتت ضمائرهم ، وألم وحرقة وحسرة للآباء ولمن لازال ينبض ضميره ، وعرس لمن يعمل بنية صادقة داخلها .
تحقيق : صفاء السعدي
موقع نون خاص
أقرأ ايضاً
- فرع كربلاء لتوزيع المنتجات النفطية: الخزين متوفر والمولدات الاهلية تتسلم كامل حصصها من الكاز هذا الشهر
- تحول إلى محال تجارية.. حمّام اليهودي في كربلاء (فيديو)
- مكونة من ستين منسفا وصينية.. سفرة طعام طويلة على طريق الزائرين في كربلاء المقدسة (صور)