- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
حجب المواقع الالكترونية في العراق بين الواقع والتطبيق
بقلم: حسين فرحان
مع تطور خدمة الشبكة العنكبوتية العالمية واتساعها وتوغلها إلى جميع مفاصل الحياة الإنسانية تعددت المواقع الألكترونية وتنوعت استخداماتها بين مواقع للتواصل الاجتماعي ومواقع لحكومات ومؤسسات وشركات ومواقع ترفيهية وغيرها، وأصبح لكل من هذه المواقع رواده ومتابعوه.
وفي ظل هذا التزاحم المعلوماتي الهائل استغرقت هذه المواقع في الترويج لمادتها الإعلامية وتصاعدت وتيرة التنافس فيما بينها لجذب أكبر عدد ممكن من المستخدمين لغايات ومقاصد تختلف من موقع لآخر بحسب طبيعة نشاطه، فترى فيها ترويجا عقائديا وآخر اقتصادي وآخر سياسي أو رياضي أو فني وبما يحقق مكاسب مادية مباشرة أو مكاسب معنوية تصب في مصلحة تلك الجهات التي تتبنى هذه المواقع.
بطبيعة الحال فأن الاختلاف في الثقافات والتوجهات لسكان المعمورة يستلزم من كل فئة أو كل شخص أن يتوجه إلى مايلائمه ويتناسب وميوله العقائدية والفكرية وغيرها، فهو بكل الأحوال قد أصبح عرضة لغزو فكري وإعلامي متنوع قد ينجذب إليه ليجد نفسه في بيئة غير بيئته ومعتقد غير معتقده، وهنا تكمن خطورة هذه المواقع حيث تظهر تأثيراتها على سلوك الأفراد وتخلق مجاميع لها في كل بقاع الأرض حيث تعقد لهم ألوية ولاء جديدة لجهات تبعد عنهم جغرافيا بمئات الأميال ولربما في الطرف الآخر من الأرض.
إنها القرية الألكترونية الصغيرة التي تختزل العالم الكبير.
العراق، ومع وصول أذرع هذه الشبكة إلى أرضه لم يختلف في تعاطيه مع ما يتلقاه منها، فشعبه كبقية شعوب الأرض التي تعيش حالات الانتماء العقائدي والفكري والثقافي، وهو عرضة كغيره من الشعوب لهذه التأثيرات، وقد ظهرت في أوقات مختلفة بوادر لبعض الحالات الطارئة والهجينة والغريبة على طبيعة تركيبته الفكرية، فشوهدت حالات لثقافة الألحاد والتطرف والشذوذ والعصبية لدى البعض وشوهدت كذلك ردة فعل رافضة لها ممن تحصن جيدا لمواجهتها، ولكن هل من ضمانات لاستمرار الوضع كما هو عليه أم أن خطر هذا الغزو سيحرق الأخضر واليابس ؟ وهل من ضمانات ببقاء أكبر عدد ممكن من أبناء هذا الشعب خارج دائرة الخطر أم أن ديننا وتاريخنا وثقافتنا قد أصبحت جميعها على شفا حفرة من النار ؟ نسأل الله أن يستنقذنا منها.
ماهي الحلول لمواجهة المواقع التي لاتناسب طبيعة مجتمعنا العراقي ؟ ماهي الآلية لذلك ؟ هل يمكن الاستفادة من تجارب الآخرين ؟ من المسؤول عن اتمام هذا الأمر، هل هي مسؤولية شخصية، أم أنها مسؤولية حكومية ؟ هل بمقدور الشخص أن يسد منافذ الشر عن بيته وأسرته مع استحالة ذلك تقنيا إلا أن يلغي خدمة الأنترنت نهائيا من بيته وهذا من الأمور التي ماعادت بالسهولة التي نتصورها مع وجود الشبكة خارج أسوار المنازل، وكذلك سيتسبب بحرمان الشخص من فائدة هذه الشبكة لما تحتويه من مواقع نافعة (دينية وتعليمية وأخرى للتواصل، وغيرها مما يسهل على الانسان حياته).
إذن لم يتبق سوى الإستعانة بإمكانيات الدولة لتفعيل أدواتها في حظر المواقع التي لاتتناسب وطبيعة المجتمع العراقي وخصوصياته ومصالحه العليا، فما هي هذه الأدوات ؟ لنقف عند بعض الآليات التي استخدمتها الحكومات الأخرى لحجب بعض المواقع دون النظر إلى الغاية منها إذ أن لكل دولة سياستها في ذلك، والذي يهمنا هو الجانب الفني وإمكانية تطبيقه وترجمته إلى واقع عملي.
ما هو الحجب؟
للفائدة نقتبس بعضا مما جاء في توضيح
أحد خبراء أمن المعلومات والاتصال الرقمي لإحد المواقع، الدكتور عمران سالم:" أن شركات الاتصالات تستطيع حجب أي موقع من خلال وضع الـIP الخاص به في قائمة العناوين المحجوبة. ونظرا لأن جميع البيانات تمر عبر خوادمها المربوطة بالشبكة العالمية، فإن المستخدم يستطيع استخدام ثلاث طرق لتجاوز هذا الحظر.
- أولا؛ استخدام برامج تقوم بتحويل العناوين من خلال خوادم أخرى حيث تقوم هذه البرامج ومن خلال خوادم خاصة بإعطاء المستخدم عنوان IP خاص حيث يظهر أنه في بلد آخر، وهذا البلد تكون فيه الخدمات مفتوحة، هذه الطريقة من المفترض أنها تقوم بإخفاء هوية المستخدم والـIP الخاص به.
- الطريقة الثانية؛ من خلال الدخول على بعض المواقع التي تطلب من المستخدم إدخال الموقع المحجوب وهي تقوم بإظهار الموقع له، حيث يقوم الخادم بالخدمة المشروحة في الطريقة الأولى.
- الطريقة الثالثة؛ وهي بإضافة بعض البرامج الخاصة (إضافات VPN للمتصفح) مثل "غوغل كروم" أو "فيرفوكس"، حيث تقوم هذه الإضافات الصغيرة بعملية البروكسي للمواقع المحجوبة (VPN addons).
واستدرك خبير أمن المعلومات بأنه في جميع الأحوال يمكن لشركات الاتصال حجب عناوين هذه الخدمات، لكن بعض هذه الخدمات تستخدم العشرات من الخوادم وأحيانا يتم تغيير عناوين الخدمة من أجل تصعيب عملية حجبها من شركات الاتصالات.
من أجل التعرف على هذه الطرق يمكن للمستخدم البحث في الشبكة العنكبوتية عن "Free Proxy Server" وسيجد المتصفح العديد من المواقع والبرامج المجانية الخاصة بهذا الموضوع، علما بأن هناك الكثير من هذه الخدمات مدفوعة الثمن باشتراك شهري أو سنوي من أجل ضمان استمرارية الأعمال لها واستمرار توفير الخدمة بشكل دائم للمشتركين".
انتهى الاقتباس.
ونتسائل هنا: ماذا لو ألقيت الكرة في ملعب الحكومة العراقية هل ستنجح - مع وجود أدوات كسر الحجب او مايسمى البروكسي - في تحقيق أعلى نسبة من النجاح في حجب المواقع التي تهدد المنظومة الأخلاقية للمجتمع العراقي ؟ وهل هي تمتلك فعلا الأدوات المناسبة لتحقيق ذلك ؟ فحجب هذه المواقع قد أصبح مطلبا جماهيريا وينبغي التحرك الجاد لتحقيقه.
أقرأ ايضاً
- أهمية التعداد العام لمن هم داخل وخارج العراق
- ضرائب مقترحة تقلق العراقيين والتخوف من سرقة قرن أخرى
- الأطر القانونية لعمل الأجنبي في القانون العراقي