- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
محاور شعائرية في قصة سجن الامام موسى بن جعفر (ع)
بقلم: عادل الموسوي
غرة رجب، من جامع الكواز في البصرة القديمة، انطلقت مسيرة الحرية مكبلة بحلق القيود، مخفورة بجند الخليفة، من سجن عيسى بن جعفر العباسي في البصرة الى سجن الفضل بن الربيع في بغداد الى سجن الفضل بن يحيى الى سجن السندي بن شاهك، الامام موسى بن جعفر ينقل من سجن الى ثان، وجنازة مطروحة على الجسر ببغداد، ونعش يسير الى المثوى الاخير، ينادى عليه الا من اراد ان يحضر جنازة الطيب بن الطيب.
مظاهر عدة اتخذت للتعبير عن الموالاة ﻷهل البيت (ع) واحياء امرهم وبيان مظلوميتهم، ومن العجيب ولا عجب من امر الله، ان بعض تلك المظاهر كانت منفصلة ولم يكن للقائمين عليها اتفاق على مضمونها، لكنها شكلت بمجموعها مرسوما متكاملا وكأن يد الغيب الهمت المقيمين له بتفاصيله، وأن كل مجموعة اخذت على عاتقها جانباً منه، تجلى ذلك واضحا في بعض الشعائر التي جسدت قصة مسيرة الامام وسجنه وشهادته مسوما محمولا مطروحا على الجسر ببغداد، وكان من ابرز تلك الشعائر محاور ثلاث تضمنت:
- مسيرة للجمال من البصرة الى بغداد.
- مسرحية مثلت قصة سجن الامام واستشهاده في السجن.
- مراسيم تشييع النعش الرمزي للامام ع.
مسيرة الجمال:
موكب صاحب الزمان ع، اهالي شيخ سعد في واسط:
تأسس هذا الموكب العريق عام 1900، كان له الدور الاكبر والاوسع في قصة سجن الامام ع، استوعبت هذه المسيرة من حيث الزمان والمكان قصة نقل الامام ع من سجن البصرة الى بغداد وكانت رائدة في هذا المجال ومثلت جانبا من حياة الامام ع وعلاقة اتباع اهل البيت ع وتفاعلهم مع تلك القصة، كانت رؤية الموالين بسيطة وعاطفية تنظر الى ظلم حكام الجور على جماهير مانقموا منها الا ايمانها بولاية امير المؤمنين ع والائمة من ولده ع، رؤية عالية المضامين تنظر بعين الحزن اماما مقيدا، لكنها تنظر بعين اليقين الى يدين تزخران بالعطاء وتدعو بيد الحاجة الى باب الحوائج الى الله.
كانت الاقضية والنواحي بين البصرة وبغداد ترتقب هذه المسيرة المباركة لهذا الموكب المبارك، مشتاقة الى مشاعر الغفلة عن الصورة الحاضرة والاحساس بصاحب الصورة الحقيقية.
تنطلق هذه المسيرة من جامع الكواز في البصرة في الاول من رجب وتصل الى مرقد الامام ع في بغداد من جهة باب المراد في الحادي والعشرين منه.
هذه المسيرة هي الثالثة عشر لهذا الموكب الموفق، وقد بدأت بعدد من الخيل والجمال وطورتها افكار المؤسسين وتفاعل معها جمهورها ايما تفاعل واستحقت بحق وقفة الاجلال والاكبار.
ولو كنا مع التجسيد الاكثر واقعية والاعمق تفاعلا، لألتماسنا من القائمين على المسيرة بأن يجعلوا من مكان السجن الاخير للامام ع بجانب المدرسة المستنصرية محطا من محطات ركابهم.
قصة سجن الامام ع:
مجموعة اخرى اتخذت جانبا تعبيريا اخر لمظلومية الامام ع، هم مجموعة من شباب وخدمة موكب احزان الطف في مدينة الصدر تعاضدت جهودهم لاحياء أمر اهل البيت ع بكتابة واخراج مسرحية تناولت جانبا من مسيرة الامام ع واحداث سجنه ومقتله، اقيمت هذه المسرحية في الكاظمية المقدسة وفي الصحن الكاظمي المقدس وفي اماكن عدة من بغداد، ولو اقيم هذا العمل في المكان الذي سجن فيه الامام ع لكان -العمل- مفعما بمناخ خالطته انفاس الامام ع وسجداته الطويلة.
مراسيم تشييع النعش الرمزي:
في وقت مضى انطلقت من مكان سجن الامام ع - بجانب المدرسة المستنصرية- مسيرة اخرى وشعيرة اساسية ومتميزة كانت محورا شعائريا وعاطفيا وبابا من ابواب قضاء الحوائج ببركة باب الحوائج، انها مراسيم تشييع النعش الرمزي للامام ع، والتي قام بها موكب جمهور الكاظمية.
تأسس هذا الموكب المبارك عام 1916 وبدأ مسيرة التشييع من المدرسة المستنصرية عام 1918 مرورا بجامع براثا ثم المبيت بعرصة قرب ساحة عبد المحسن الكاظمي ثم الانطلاق الى مرقد الامام ع، هذه العرصة اليوم هي منزل الاخ حيدر كرم الخزرجي، لقد كانت بالنسبة اليه تمثل موروثا مهما ومنطلقا للنعش ومحلا للتبرك وبابا لقضاء حوائج المحتاجين.
مسيرة الجمال ومسرحية المسيرة ومسيرة التشييع محاور ثلاث جسدت من غير اتفاق بين المقيمين لها تعبيرا عاطفيا عن ارتباط الموالين بالقضية الكاظمية، نامل ان ترتبط هذه المحاور بحلقة من الارتباط الزماني والمكاني بإلتماس ان يكون التأسيس على النحو الآتي:
ان تنطلق مسيرة الجمال من جامع الكواز في البصرة الى بغداد مرورا بالمدرسة المستنصرية، ثم تبدأ مسرحية المسيرة في المكان نفسه ويكون ختامها مراسيم نقل رمزي لجسد الامام ع يحمله السجانون الى جسر الشهداء، يسبق ذلك تجمع انتظار للموالين ضحى على الجسر ببغداد، لتبدأ بعدها مراسيم تشييع النعش الرمزي مرورا بجامع براثا ثم المبيت بمنزل الاخ حيدر كرم الخزرجي ثم الانطلاق في اليوم التالي لإعلان نداء:
الا من اراد ان يحضر جنازة الطيب بن الطيب والطاهر بن الطاهر فليحضر جنازة موسى بن جعفر.