- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
المحافظات بين الفضيحة والنطيحة
بقلم: واثق الجابري
هناك فرق بين السارق العادي، والسارق السياسي؛ فالأول يسرق أشياء معينة منك. والثاني يسرق مستقبلك ومستقبل أبنائك ويدمر حتى تاريخ بلدك. الأول يختارك دون غيرك. والثاني تختاره دون غيره.
لا شك أن السياسة إختلاف في وجهات النظر، وسباق من منطلق واحد لهدف واحد، وأن تعددت الوسائل واختلفت الأدوات، بشرط أن تكون من جنس غاياتها.. على الأقل هكذا يجب أن تكون.
الشعوب هي مصدر السلطات في النظم الديمقراطية، سواء شاركت بمعظمها أو لم تشارك، وعدم المشاركة متأتية من قناعة بأن المرشحين ينوبون عنهم بحسن الاختيار، أو المقاطعة السلبية لفسح المجال للفاسدين بالتسلق مرة أخرى الى سدة السلطة.
عند الحديث عن الواقع العراقي، فهناك أسئلة كثيرة تثار، ولكن المستغرب أن الصراعات السياسية، وصلت الى مواقع الخدمة المباشرة.. فالإختلاف في وجهات النظر تجاه القضايا السياسية، لا يجب أن ينعكس خلافا حول الخدمة، إلاّ إذا الحسابات السياسية وصلت لقاع التدني، والطمع بسلب أبسط الحقوق، ولذا عملت بعض القوى السياسية على إدراج مجالس المحافظات ضمن سلسلة الخلافات، لتوسيع دائرة المعركة وعدد المشتبكين.
لما كانت مجالس المحافظات من أبناء المدينة الواحدة، فمن المتوقع أن يكون حجم الخلافات قليلا، لاختلافها عن مجلس النواب، الذي يكون فيه الخلاف أحيانا للحصول على مكاسب لمدينة على حساب أخرى تبعاً لفهم النائب لدوره النيابي، والمفترض ان لا يقتصر على منطقة ما، ولا يعرف أنه أصبح نائباً عن كل المكونات، وأما المحافظة فينحصر عملها بحدود مدينة واحدة، معروفة لديه كل جوانبها الإقتصادية والإجتماعية والخدمية والثقافية، وبما أن العمل ملخص بالجانب الخدمي المباشر، فلا علاقة له بالصراعات السياسية.
إن الخلافات التي تشهدها عدة محافظات بين أعضائها، وصولا للصراع على منصب المحافظ، ما هي إلاّ دليل على تضمين أجندة سياسية، وزج إحتياج المواطن المباشر ضمن النزاعات والمزايدات، فصار في بغداد محافظون، وفي البصرة وكركوك محافظون برلمانيون، وفي واسط مجلس محافظة يسحب دعمه لمحافظ شاب، بعد شهرين من تسنمه المنصب، دون ذكر الأسباب.
عندما يفوز المرشح ـ محافظاً كان أو وزيراً أو مواطناً ـ فبعد مصادقة المحكمة على الأسماء الفائزة، يصبح من الناحية القانونية برلمانيا، وما ترديد القسم سوى شروع بالعمل البرلماني، وفي حال رغبته بالإستقالة، فيفترض أن يقدم استقالة خطية لتعتمد قانونياً. وأما إقالة أية شخصية، فتتم بالأغلبية مع وجود المسببات، وإلاّ فإنها مزاجات سياسية، وكل تلك الأفعال خرق للقوانين النافذة.
أصبحت السياسة خلافات في وجهات النظر، وتسابق لا سباق من منطلقات متعددة، وبإستخدام مختلف الوسائل والأدوات، وأن خالفت القانون وخدمة الشعب.
تذوب كل الإختلافات إن تهددت المصلحة العليا للدولة، وتنحصر في أروقة القرار لتحقيق الخدمة، ولكن كما يبدو، أن السياسة كما يعتقدها بعضهم، أكل الأخضر واليابس، وزج خدمة المواطن في أجنداتها، ولذا لا يبالي إن اشتعلت المحافظات صراعاً، وأن تستخدم كل الأدوات التي وصلت بالعملية السياسية الى الفضيحة، وأن تأتي بأية نطيحة حزبية على حساب ما يمكن تحقيقه من خدمة، يمكنها أن تضمن مستقبل المحافظات، الذي سرق من فاسدين اختارهم أبناء المحافظات.
أقرأ ايضاً
- الفضيحة الاخلاقية فرصة لتصحيح مسار تعيين القيادات الجامعية
- مجالس المحافظات .. محنه الذات وعقدة اللامركزية
- مجالس المحافظات بين الإيجابيات والسلبيات