- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الجعفري يكتب :العلاقة الزوجية وتعدد المجتمعات
د. إبراهيم الجعفري
العلاقةُ الزوجيّة حقيقةٌ إنسانية متجذرة بالحياة مهما اختلفت صورها وتعددت هيئاتها سواء كانت الأسرة أبوية (من الأب) أو أُموية (من الأُم) حيث تتواجد في بعض مناطق أفريقيا وتكون مرجعية الأسرة فيها للأُم بدل الأَب!!..
العلاقة الزوجية تقوم بين الرجل والمرأة على أسس الحب والوفاء والرحمة بالتعامل واقتسام المسؤولية وان يستعين احدهما بالآخر لإشباع حاجته البايولوجية وتحقيق مفهوم المعاشرة بالمعروف واقتسام مسؤولية الاسرة بالإنجاب وتربية الأولاد وإعدادهم إعداداً صالحاً يؤهلهم لبناء المجتمع ويتعاملان معاملة مركّبة كزوجين وكصديقين وكأبوين حتى يمضي مَرْكَبُ العلاقة الزوجية في تحمل واجباته بكلّ ثقة واطمئنان وقد توزّعت الاهتمامات بين كل أفراد الاسرة باعتدال وكذا مع أسرتي الزوجين والانطلاق الى العمل من دون ان يكون على حساب العائلة حيث يتكامل الزوجان في إداء دورهما إزاء الأسرة بكامل أفرادها مما يعني ان تكون الاسرةُ مؤسسةً لها أهدافها وواجباتها وحقوقها ومواجهة ما يحيطها من صعوبات وتحدّيات وما تعلّق من أمال وطموحات..
وقد أولت الشرائع السماوية عامة والشريعة الإسلامية بوجه خاص اهتماماً خاصاً بالزواج وأفردت له احكاماً في أصل إختيار الخطيبين وتنظيم الحياة الزوجية من جوانبها المختلفة وتثريها في مفاهيم من شأنها تجنّب الكثير من المشاكل كما تكفلت بطرح الحلول المناسبة..
إختزال الأسرة في الزوجين فقط وقصر النظر على الجانب العاطفي جعلها عرضةً للكثير من محطات الفشل والتي انتهت الى طريق مسدود كان ضحيتها ليس الزوجين فحسب بل تمتد تأثيراتها وبأسوء ما تكون الى الأطفال وربما الى عوائل الزوجين باعتبار مشروع الزواج ليس مشروعاً شخصياً فقط بل مضافاً لذلك هو مشروع عائلي واجتماعي أيضا وهو مما لا يخرج المشروع ابتداءً من قبضة الزوجين لكنه متفاعلٌ مع الكلّي العائلي لكليهما.. وهو وبهذا المفهوم قد وسّع من القاعدة الأساسية للعلاقة الزوجية وربط بين أفرادها..
التكامل بين الزوجين يتحقق من خلال تفاعل الاثنين عاطفياً وثقافياً وسلوكياً ويجمعهم في ذلك الاختيار الطوعي في العلاقة مضافاً الى الجعل الالهي الذي قضى بالمودة والرحمة وفي المودة حبٌّ في القلب وتجسيدٌ في السلوك وفي الرحمة ضمان استمرار العلاقة حتى اذا تخللها بعض الاختلاف.. وفي الجمال المعنوي سواء كان بالأخلاق أم بالثقافة أم بالسلوك والتضحية يتوفر رصيدٌ ضخمٌ من الجمالات التي تقاوم الزمن بل تتزايد مع تقدم العمر..
ويلعب إنجاب الاولاد دوراً مهماً في تعميق العلاقة بين الزوجين على اعتبار الابن يمثل مشتركاً تكوينياً يتبعه مشترك عاطفي بين الزوجين ما يجعل نظرة الأب وكذا نظرة الأم له على انه بضعةٌ مشتركة منهما..
دور الاسرة في بناء الأفراد سرعان ما يشق طريقه لبناء المجتمع والدولة وبكلمة فإن البيت هو الذي يصنع المواطن الصالح وهو وحدة بناء المجتمع الذي يشكل قاعدة الدولة وما من نظام اجتماعي وفي اي دولة من الدول الا وأدرك أهمية دور الاسرة في بناء المواطن الى الدرجة التي يكون فيها مستعداً للتضحية بحياته من أجل بلده والذود عن كرامته..
التوفيق بين المسؤوليتين المنزلية والاجتماعية ليست سهلة وتتطلب بذل أقصى الجهود لأدائهما وبهما معاً يكون المواطن الصالح قد أدى دوره تجاه نفسه وعائلته ومجتمعه.