- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الاستبداد السياسي لا يقبل شريك
بقلم: حـسـن رفعت الموسوي
أن السياسي المراوغ دائما ما يعطيك من طرف اللسان حلاوة ويروغ منك كما يروغ الثعلب، والمراوغة في أبسط تعريف لها هي التغطية بالكلام أو الممارسة على النيات غير الطيبة التي تنطوي عليها النفس البشرية، فالمراوغة أصبحت صفة لصيقة بالسياسيين الناجحين لكي يوجهوا الجمهور حسب مصالحهم وأهدافهم ولا توجد مبادئ لدى السياسي المراوغ بل توجد مسافة كالمسافة التي تفصل بين الصداقة والعداوة، حيث ان الاختلاف واضح، فالمراوغ ليس لديه عدو أو صديق دائم حسب المصلحة والمنفعة.
هذا ما يشاهده من يتابع الامور في معترك السياسة بدقة ولا تنطلي عليه اكاذيب و تصريحات و الصراخ بالوطنية و حب الاوطان.
ما يدار تحت الطاولة يختلف عما يدور اعلى الطاولة و ما يشاهده العامة. إذا كانت "الديمقراطية العراقية" قد سودت فيها صفحات كثيرة ورغم مرض العضال الذي تعاني منها الديمقراطية في العراق و المناكفات و المشاكل التي تحدث بين الحين الاخر الا ان المفرح في الامر عدم الانجرار نحو تحريك الشارع و الرجوع الى سلطة السلاح خارج اطار القانون و العودة الى المربع الاول فالمراقبين الذين يملكون ذاكرة جيدة يتذكرون ما حدث في 2008 وما رافقتها من احداث حيث سطوة العصابات و القوات الخارجة عن القانون ولولا صولة الفرسان و اعادة فرض القانون لحدث ما لا يحمد عقباه. أثبتت سياسة التوافق التي نتاجها السيد عادل عبد المهدي والتي تجمع كتلتي سائرون و الفتح وبعض الاقليات من الكتل التي خضعت للأمر الواقع انها سياسة فاشلة، لان هذه السياسة تخضع لإرادات طرفين و لابد للمصالح ان تتعارض وان الحفاظ على بقائها بتجنب اتخاذ قرارات مهمة ينتظرها الشعب على احر من الجمر، قد تتعارض مع مصالح احدى هاتين الكتلتين وبالتالي تتعرض للانفجار.
وهذا ما نتج لنا حكومة مشلولة متناقضة في القرارات وتنمو فيها بذور الخلاف بسرعة فائقة و طريقها مزروع بالغام.
المستفيد الأكبر من هذا التناحر السياسي و الفوضى السياسية هو من يود الشارع و يسيطر عليهم في التوجيه وهذه الميزة تخفي وراءها دوافع سياسية، فإن تحريكه يبقى خاضعاً لمد وجذر حسب تواجد المصالح وهذا ما يجعل الحكومة تهتز او تسقط لتقوم مكانها حكومة جديدة يفرض قيامها واقع جديد وتوازنات جديدة، فلا احد ينكر المكانة التي تحتلها الجماهير و الادوار التي لعبتها في مسرح التغيرات السياسية. الاستبداد باعتباره من ظواهر الاجتماع السياسي لا يولد اعتباطا ولا يتراكم جزافا، وإنما تحكمه مجموعة معقدة ومتشابكة من الأسباب والشروط والظروف، فهو ثمرة مجموعة مركبة من القوى والبواعث المختلفة في طبيعتها، المتفاوتة في درجة تأثيرها المتشكلة بظروف المكان والزمان. الى ذلك ينبغي مراقبة أي تحرك للمياه الراكدة وهي النذير بتحرك الشارع الذي قد يبدأ ببطء ثم يتصاعد وفقاً للإشارات التي تعطى في ضوء سير الحكومة في هذا الاتجاه او ذاك.