- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الواقع الصناعي في محافظة كربلاء في القرن الماضي ـ مصانع التعليب إنموذجا
بقلم:عبد الرزاق عبد الكريم
في سنة 1959 ــ 1960م وبموجب اتفاقية التعاون الاقتصادي والفني بين العراق والاتحاد السوفياتي تأسست في محافظة كربلاء مؤسسة صناعية للتعليب سميت في أول الأمر (مصلحة التعليب في كربلاء) وبعد التوسعات الكبيرة التي شهدتها هذه المؤسسة الصناعية، غير عنوانها الى (الشركة العامة للتعليب) وذلك لتوسعها حيث أصبحت تمتلك عدة معامل صناعية في عدة محافظات.
ظلّت الشركة تعاني من مشاكلها الإنتاجية والفنية والإدارية والتسويقية وانعزالها عن جمهور المستهلكين وتراكمت عليها الخسارات المتوالية حتى كاد الأمر أن ينتهي بها الى التصفية.
في نهاية ستينات القرن الماضي توجهت الحكومة صوبها وقامت بتغيير ادارتها القديمة بإدارة جديدة، اهتمت بوضع الأسس الجديدة لمختلف مجالات عملها.. مما كان له أثره البالغ في تطوير أوضاع الشركة وتطورها بشكل واضح.
كان من أبرز الذين عملوا في ادارتها الأستاذ القانوني صبري رشيد مهدي ـ الذي سعى ومعه العاملون في المؤسسة الى بذل المزيد من الجهود لزيادة الإنتاج وتطويره وتنويعه ورفع كافة أنواع المنتجات حيث أصبحت من الجودة أن ضاهت مثيلاتها من المنتجات الأجنبية المماثلة.
مقارنة في الإنتاج ـ لو استعرضنا كميات الإنتاج السنوي للشركة من خلال سنوات التأسيس لظهر لنا بأن الإنتاج في زيادة مستمرة، ولو اعتبرنا سنة 1967/66 كأسس لهذه المقارنة حيث بلغت كمية الإنتاج فيها (1062) طن، وتطور في سنة 67/68 الى (1468) طن، وفي عام 68/69 بلغ الإنتاج (2047) طن، وفي عام 69/70 بلغ الإنتاج (2282) طن، وفي عام 70/71 (3568) طن، وفي عام 71/72 بلغ (8890) طن.
زيادة في حقل المبيعات ـ خطت الشركة في حقل المبيعات خطوات واسعة، حيث أثبتت منتجات الشركة مكانتها اللائقة في الأسواق، وأخذ المستهلكون يقبلون على شرائها يعد أن ثبت لديهم جودتها وميزتها الجيدة عن مثيلاتها من المنتجات الأجنبية المماثلة ولملائمتها ذوق المستهلك العراقي، كما استطاعت الشركة أن تشق طرقها أمام منتجاتها الى الخارج لتصريفها في الأسواق الخارجية وكسبها خدمة للاقتصاد الوطني والميزان التجاري، وقد خطت الشركة خطوات بعيدة في هذا الشوط، حيث تم تصدير كميات لا بأس بها من المخضرات والمنتجات الأخرى الى الكويت ودول الخليج العربي وجمهورية مصر العربية وسوريا.
مبيعات الشركة ـ نستعرض مبيعات الشركة خلال عدة سنوات حيث تظهر لنا بأن الزيادة في المبيعات تجري بصورة مستمرة الى الصعود من سنة الى أخرى، نبدأ من سنة 66/67 كأساس لهذه المقارنة أيضا حيث بلغت مبيعات الشركة (150) ألف دينار وفي عام 68/69 بلغت (268) ألف دينار وفي عام 69/70 بلغت (390) ألف دينار وفي عام 70/71 بلغت (818) ألف دينار وفي عام 71/72 بلغت (مليون وثمانمائة ألف دينار).
المنشآت اللاحقة ــ نتيجة للتوسع الكبير الذي شهدته الشركة في حقل الإنتاج والمبيعات عمدت الشركة على القيام بتطوير سريع في مكائن المعمل وأجهزته ومنشآته وهذا الإنجاز يعد طفرة عالية في ميدان التطوير الذي لم يسبق لأي شركة أن تنجز مثل هذه الأعمال بهذه السرعة وبهذه الكلفة التي تعتبر منخفضة جدا ويمكن تلخيصها بما يلي:
# ـ نصب خط كامل أتوماتيكي لصنع معجون الطماطة بطاقة (17) طن طماطة في اليوم، مع تشييد أبنية إضافية للخط، وكان لهذا الخط الإنتاجي الأثر البلغ في سد احتياجات المستهلكين من معجون الطماطة.
# ـ نصب خط جديد لصناعة الصفائح سعة (4) غالون وعلبة ذات (1) غالون. # ـ نصب خط جديد فنتاج عسل التمر "الدبس المحسن" مما زاد في قدرة الشركة الإنتاجية من جهة وتحسين نوعيته من جهة ثانية.
# ـ نصب عدة مكائن ومعدات ضخمة لخط انتاج المخضرات المطبوخة يعمل بصورة أتوماتيكية.
# ـ نصب مكائن أتوماتيكية جديدة لتعبئة وغلق العلب بطاقة إنتاجية عالية مما ساعدت بصورة مباشرة على مضاعفة الإنتاج.
# ـ شراء أجهزة ومعدات أخرى يتطلبها سير العمل بلغت قيمتها الكلية أكثر من (31) ألف دينار.
# ـ شراء عدد من سيارات الحمل لنقل الإنتاج وتوزيعه في انحاء العراق ولنقل المواد الأولية المستعملة في الإنتاج.
انشاءات أخرى ـ انشاء ستة مخازن جديدة للمنتجات كاملة الصنع والواد الأولية ومواد التعبئة والتغليف والعلب الفارغة، انشاء ورشة للتصليح والصيانة ومخزن للتمور، انشاء مطعم وحمامات ومرافق صحية لمنتسبي الشركة، انشاء الأبنية الخاصة لمعامل الصفائح ومبنى خاص للمخللات وأبنية خاصة للمراجل البخارية، انشاء عدة مسقّفات وكراجات للمواد والسيارات، تبليط أرضية المعمل بالكاشي والسيراميك، تبليط الساحات والشوارع التي تم انشاؤها في أرض الشركة، انشاء وشراء دارين لسكن المدير العام ومدير الإنتاج.
دور الشركة في تنمية القطاع الزراعي ـ ان صناعة التعليب في جوهرها تعتمد على تصنيع المنتوجات الزراعية من الفواكه والخضروات وذلك بامتصاص الفائض من هذه المنتجات، وهذا مما يساعد على تشجيع المزارعين في التوسيع على زراعة أراضيهم من مخضرات وفواكه وزيادة في حاصلاتهم الزراعية، ومن جهة ثانية بذلت الشركة جهود أخرى في دفع المزارعين لزراعة أراضيهم وذلك بتقديم الخبرة الفنية والبذور والسلف النقدية.
بعدها مر العراق بظروف عصيبة من حروب ومشاكل أدت الى شلل في العديد من المنشآت والمصانع، أقدمت الدولة على بيع تلك المصانع في عام 1989 لعدد من المستثمرين في القطاع الخاص، نقلت كوادرها العاملة فيها ومن ضمنها نحو 2500 عامل كانوا يعملون في مصانع كربلاء الى منشآت حكومية أخرى (معمل إطارات النجف)، وتغير اسمها من مصانع تعليب كربلاء الى شركة تعليب كربلاء.