بقلم | مازن الزيدي
منذ اكثر من اسبوعين يواصل بريت ماكغورك، مبعوث الرئيس الامريكي الى التحالف الدولي ضد داعش، مشاوراته المكوكية (اقرأوها ضغوطاته) بين بغداد واربيل لدعم حظوظ العبادي في ولاية ثانية، ومنع الفريق المنافس (الفتح – القانون) من تشكيل الكتلة الاكثر عددا.
بدأ المبعوث السامي الامريكي، الذي غطّى على دور السفير دوغلاس سيليمان، مساعيه بشكل سرّي مع حلفاء تحالف النصر عبر الترغيب والترهيب لمنعهم من الانشقاق. انتقل لاحقاً الى ممارسة ضغوط من نوع اخر على القوى الكردية والسنية التي اجتمعت في اربيل بالتزامن مع اجتماع فندق بابل، في محاولة شبه علنية لاجبارها على الانضمام الى محور النواة الذي تشكل بعضوية (الصدر – الحكيم).
وبحسب التسريبات التي اكدتها اطراف مختلفة، فإن ماكغورك، الذي لاحق السنة والكرد الى اربيل، وضع امامهم طائرة خاصة لنقلهم الى اجتماع فندق بابل. ولم يكتف المرسال الامريكي بذلك، بل وجّه رسائل نصية تحمل عبارات الوعيد لزعيم سني رفض اغراءاته، ما دفعه الاخير للاحتماء بمنزل زعيم سياسي معروف.
وبالرغم من كونه يحمل صفة شبه عسكرية - امنية، باعتباره ممثلا للرئيس الامريكي في التحالف الدولي ضد داعش، إلا ان ماكغورك وسّع من دائرة صلاحياته لينصب نفسه راعياً سياسيا لتحالف النصر ودعم رئيسه للظفر بالولاية الثانية. لكن جهود المفوض الامريكي السامي باءت بالفشل، ليجرّب طعم الاخفاق والخيبة عندما خيّبت الاطراف السنية والكردية ضغوطاته للالتحاق بمحور فندق بابل.
واصل السفير الامريكي الخاص ضغوطه على الاطراف السياسية بشكل مختلف لم يوفّر خلالها التلويح بوضع بعض القوى السياسية على اللائحة السوداء او الحجز على ارصدة بعض السياسيين والغاء اقاماتهم في دول المنطقة.
وفي السياق ذاته، تشير التسريبات ذاتها الى ان قرار رئيس الوزراء باقصاء فالح الفياض من مناصبه الامنية في هيئة الحشد ومستشارية الامن الوطني وجهاز الامن الوطني، يحمل بصمة ماكغورك بهدف اقصاء اقوى منافس للعبادي، ومحاولة وضع اليد على الحشد كأقوى مؤسسة امنية عراقية.
الفشل الواسع الذي كان حليفاً لكل وعود ووعيد "ماكغورك باشا"، دفع وزير الخارجية الامريكي مايكل بومبيو، عشية انعقاد الجلسة البرلمانية الاولى، لاجراء اتصالات متزامنة مع كل من العبادي واياد علاوي واسامة النجيفي. وفيما نجحت مساعي صقر الصقور في الادارة الامريكية مع علاوي والنجيفي، الا ان الفشل كان حليفه مع مسعود بارزاني الذي رفض الانضمام لمحور النواة تحت الضغط الامريكي.
في الحقيقة ان الضغوط التي مارسها المبعوث الامريكي ماكغورك في هذه الدورة الانتخابية لم تكن مسبوقة بالمرّة، حتى انه كان من اوائل الواصلين الى قبة البرلمان في جلسة يوم الاثنين، محاولا بذل اخر محاولاته مع رئيس السن وبقية النواب قبل دخولهم للجلسة الرسمية. بعض الساسة تندّر حينها بأن المساعي التي يبذلها المبعوث الامريكي توحي بأنه احد المتنافسين على رئاسة الحكومة.
اليوم ومع انتقال الكرة الى ملعب المحكمة الاتحادية لتحديد الكتلة الاكثر عددا، فإن ضغوط ماكغورك والسفارة الامريكية ستتكثفان على القاضي مدحت المحمود لحمله على تقديم تفسير للمادة 76 من الدستور، يصبّ في صالح محور العبادي وحلفائه.
وتزامناً مع هذه المساعي المحمومة برزت الى العلن قصة الصواريخ الايرانية التي نشرت نهاية الأسبوع الماضي، وباتت تتحوّل إلى كرة نار تلوّح لمعارضي محور العبادي بحرب ستكون إسرائيل طرفا فيها، لاسيما بعد اختيار الحكومة رسميا موقف "المستغرب" من تسريب مثل هكذا معطيات تضع البلاد في قلب حروب المنطقة.
ويعيد مناخ التصعيد والتجييش الذي يقوده المبعوث الامريكي بالفترة التي شهدها العراق بعد انتخابات 2014 وانتهت باجتياح داعش لعدد من المحافظات. لكن المؤكد ان مثل هكذا خيارات جهنمية سيتم اجهاضها بموقف حاسم وحازم من المرجعية الدينية العليا في النجف كما عودتنا في فتوى الجهاد الكفائي.
وفي اغلب الظن، فإن ظهور الدور الامريكي – السعودي في صناعة ورعاية محور العبادي ستدفع زعيم التيار الصدري الى مراجعة موقفه وربما اعلان عدم مشاركته كتلته النيابية بتشكيل الحكومة.
أقرأ ايضاً
- فخامة الإنجاز النسوي
- فخامة الرئيس برهم.. السابقة الخطيرة هي في انتهاكك المستمر للدستور وبقائك رئيسا حتى اللحظة !!!
- فخامة الرئيس .. هل أنت مسلم حقا ؟؟