سالم مشكور
نتيجة الانتخابات، وما رافق إجراءها، تحتم أن يكون تشكيل الحكومة وأداؤها مختلفاً عما كانت عليه الحكومات السابقة. فالتغيير يعني اكتشاف مواطن الخلل ومعالجتها، والناخبون العراقيون، المقاطعون منهم والمصوتون يشتركون في مطلب التغيير في الأداء، بعد التعثر الذي شهده الأداء الرسمي منذ التغيير في نيسان 2003. وما لم يحدث هذا التغيير فان الشارع المتذمر، بوعيه المتزايد، سيتحول الى مراحل متقدمة من ردة الفعل التي قد تخرج عن حدود السيطرة. الطبقة السياسية هي الأخرى مدعوة الى مراجعة نتائج الانتخابات وما رافق العملية الانتخابية هذه من مقاطعة مبنية على التذمر وعدم الرضا، المراجعة لتصحيح المسار ومعالجة الثغرات. المنطق يفرض المراجعة من أجل تطوير العملية السياسية واخراجها من حالة الجمود التي وفرت لجهات مغرضة ترويج مقولات مثل أفضلية النظام السابق على الحالي، وهو ما يعني تناسي كل انتهاكات ذلك النظام وجرائمه بحق العراقيين قبل غيرهم.
من أهم أشكال الخلل حتى الان هي طريقة تشكيل الحكومات، وتحولها الى تجمع لممثلي الأحزاب التي تبقى هي مرجعيتهم الوحيدة وليس مجلس الوزراء أو رئيسه الذي يعجز عن محاسبة وزير أو تغييره تحاشياً لردة فعل حزبه أو كتلته، بينما تتحول كل وزارة الى مشروع استثماري لحزب الوزير، بدءاً من توظيف أفراد الحزب أو العشيرة، وليس انتهاء بالاستحواذ على العقود المليونية. المعالجة هنا أن يترك لرئيس الوزراء تشكيل حكومته التي يبقى مسؤولا عنها وعن أدائها أمام ممثلي الشعب في البرلمان، والتي تتمثل فيها كل المكونات الاجتماعية العراقية وليست الحزبية.
الخلل الاخر حتى الان هو الفساد المستشري في كل مفاصل الدولة ومستوياتها. العلاج يجب أن يبدأ بسد منافذ الفساد وتطبيق العقوبات الصارمة بحق الفاسدين. يحتاج الامر الى يد قادرة وضاربة وإرادة راسخة في ضرب رؤوس الفساد الكبيرة فضلا عن الصغيرة. استعجال الحكومة الالكترونية سيغلق الكثير من منابع الفساد.
الخلل الرابع هو العجز الاقتصادي وتزايد الفقر والبطالة. علاجه ترجمة ما يقوله الدستور عن هوية الاقتصاد العراقي الحر، الى خطوات عملية. سن قوانين وإصدار التعليمات لتشجيع الاستثمار الداخلي والخارجي وحمايته مما هدده حتى الان وحرم العراق منه.
مواطن الخلل عديدة لا تكفي سطور قليلة لاستعراضها لكن الأهم فيها ألا تكون الحكومة القادمة جامعة لكل الأحزاب الفائزة في الانتخابات. فالفوز في الانتخابات يضمن مقاعد في البرلمان، أما الحكومة فيجب أن تتشكل من ائتلاف سياسي أكثري، يتحمل المسؤولية، مقابل ائتلاف أو أكثر يلعب دور المعارضة في البرلمان، يراقب الأداء التنفيذي فيدفع الحكومة الى الإنجاز والا فانها تكون معرضة للمساءلة أو سحب الثقة.
أقرأ ايضاً
- نصيحتي الى الحكومة العراقية ومجلس النواب بشأن أنبوب النفط الى العقبة ثم مصر
- لماذا تصمت الحكومة أمام عقود أندية دوري "لاليغا" ؟
- ما هكذا تُورَدُ الإبلُ يا حكومة السوداني