علي حسين الخباز
قررت أن أحلّ ضيفاً على مملكة السنوات، التقاويم؛ لأعود بها لأزمنة تنوعت أحداثها، ولهذا حملت أوراقي وذهبت اليه، وعند أطراف الزمان جلست منتظراً، وإذا به يئنّ أمامي، كالصبح أراه ناهضاً يرحب بي، لقد عبرت كل هذه القرون، ولندرك يقظة الحزن التي أخضرت على اغصان القرون:
أنا عام الحزن، تلك حقيقة تئنّ تحت كوامن الوجع المحمدي، قلت له:ـ يا رسول الله (ص)، عذرا.. انا الذي سببت لك هذه المواجع، حتى صار الحزن عنوانا لمعاناتي:
أولاً: فقد خديجة الكبر (عليها السلام):
المرأة التي ميزها الله سبحانه وتعالى، إذ اصطفاها لتكون من أفضل نساء اهل الجنة (مريم، آسيا، وخديجة الكبرى، فاطمة الزهراء سلام الله عليهن)، فهي اول امرأة اسلمت وآمنت برسول الله (ص)، وأول امرأة أسلمت وآمنت به، وأول امرأة صلت خلفه.
لقد دعاها وأمير المؤمنين (عليه السلام): "إن جبرئيل عندي ويدعوكما الى بيعة الإسلام فاسلما تسلما واطيعا تهديا"، فقالا: فعلنا وأطعنا يا رسول الله، ويوم توفيت خديجة، كانت فاطمة الزهراء (عليها السلام) تلوذ برسول الله (ص):ـ يا أبت، اين أمي؟ فنزل جبريل:ـ أقرئ فاطمة الزهراء، وقل لها: إن أمك في بيت من قصب كعابه من ذهب، وعمده ياقوت أحمر بين آسية ومريم بنت عمران، فقالت فاطمة الزهراء حينها: "إن الله هو السلام، ومنه السلام، واليه السلام".
ثانياً: فقد أبي طالب (عليه السلام):
هو عمّ النبي (ص)، عندما أخبروا النبي (ص) بوفاته، تألم وحزن حزنا شديدا، وحضر الرسول مدفنه: "ياعماه، وصلت رحماً، وجزيت خيرا يا عم، ولقد ربيت وكبرت وكفلت صغيرا ونصرت وآزرت كبيرا"، وعند وفاة أبي طالب (عليه السلام)، نزل جبرئيل:ـ "ذهب ناصرك من الدنيا، فهاجر".
وقال مولاي محمد الباقر (عليه السلام:) "لو وضع ايمان أبي طالب في كفة ميزان، وإيمان هذا الخلق في الكفة الأخرى لرجح ايمانه"، ووجه عام الحزن سؤاله لي: "كيف كان رأيك لو حملت هذا العنوان المشؤوم عنواناً لك، يبقى خالداً ما دامت الدنيا..؟".