في ظل التكهنات الكثيرة حول الارتدادات المحتملة للأزمة السورية على العراق وطبيعتها ومدى تأثيرها، أثارت تصريحات مستشاري رئيس الوزراء محمد شياع السوداني غضب الأخير، ودفعته إلى إصدار توجيهات خاصة بهم.
وذكر مكتب السوداني في بيان تلقته وكالة نون الخبرية، إن الأخير "وجّه المستشارين بعدم الاجتهاد في التصريحات الصحفية، بشكل يخالف السياقات العامة لإدارة الدولة، من خلال الإدلاء بآراء شخصية لا تمثل الحكومة، وأن لا يظهروا أو يصرحوا لوسائل الإعلام إلَّا بموافقة رسمية".
وبحسب البيان، فإن رئيس الوزراء "خيّر جميع المستشارين، بين الاستمرار بالعمل الرسمي، أو التنازل عن مناصبهم ومواقعهم الاستشارية، وبالتالي تكون لهم حرية الإدلاء بالتصريحات التي تعبر عن آرائهم الشخصية".
وجاءت قرارات السوداني بعد تصريحات مستشاره إبراهيم الصميدعي، يوم أمس الأول الثلاثاء، في حديث متلفز، قال فيه، إن "الحكومة العراقية ماضية في تطبيع العلاقات مع النظام السوري الجديد عبر خطوات دبلوماسية كثيرة"، مبينا اننا "حاولنا بقوة ان نجعل عدم التدخل في الشأن السوري ان يكون موقفا رسميا للدولة وان لا يكون العراق داعم لعودة الأسد الى المشهد العربي السياسي"، موضحا انه "يجب ان يكون هناك رؤية شاملة للأوضاع في الشرق الأوسط وما جرى في حلب وسقوطها خلال يومين دليل كبير على جدية الفصائل السورية في اسقاط الأسد وعدم التعويل على بقاء نظام الأسد الذي كان مهترئ من الداخل".
وأضاف: "الحكومة باشرت بغلق الحدود مع سوريا جاء بعد تفاهمات دولية وقرار ذاتي من الحكومة للابتعاد عن التورط بالشأن السوري"، مبينا ان "النظام السوري كان يستغل العراق لتثبيت امنه القومي وتنشيط تجارة المخدرات عبره على عكس العراق الذي لم يستغل هذا الامر والحفاظ على أمنه القومي".
وأشار الصميدعي الى ان "العراق كان قلق ومتخوف من عودة الوضع الى ما كان عليه في العراق في الحرب مع الفصائل العسكرية"، لافتا الى ان "النظام العراقي خلال اكثر من عشرين عاما غفل عن دور العراق كمحور في الشرق الأوسط وليس خادما لمشاريع الدول الأخرى وعلى مر التاريخ وهذا ما يجب ان ينتهي حتى لا ننسحق لان الاخر لن يجازف بنفسه من اجل العراق".
وبين ان "سوريا تمتلك حاليا موقع جغرافي متميز يجعل العراق في موقف قد تسلب منه مشاريع كبيرة مثل طريق التنمية وعليه يجب ان يكون لنا دور مميز مع سوريا الجديدة ويجب ان نكون نقطة تواصل بين العرب وايران وتركيا"، موضحا ان "العراق تلقى تطمينات من قبل سوريا حاليا بعدم الاضرار بالعراق والعراق استفاد من قطع طريق المخدرات العالمي عبر سوريا، ولذلك علينا ان نستعجل في الاستثمار في سوريا"، على حد قوله.
وشدد الصميدعي على "العراق ماضي في تطيع العلاقات مع النظام الحالي في سوريا عبر فتح السفارة العراقية في دمشق ورفع العلم السوري الجديد على سفارتها في بغداد"، مبينا ان "هناك اشتراط قديم مفروض على الحكومات العراقية بحل الفصائل المسلحة ونرى ان الوقت الحالي سيشهد فرض هذا الاشتراط لحل الفصائل المسلحة وتفكيكها"، على حد تعبيره.
وأوضح الصميدعي ان "الحشد الشعبي مؤسسة رسمية وقوية ولكن هناك فصائل منضوية تحت غطاء الحشد وهذا ما يثير الشكوك عند الغرب وامريكا ولذلك يطالبون بحل الحشد وانهاء نظام الدولة والدولة الرديفة"، مبينا ان "القرار السياسي قادر على انهاء هذه الحالة وتنفيذ حل الفصائل التي تمتلك وجود سياسي ونعتقد ان ثنائية الدولة والمقاومة ستنتهي قريبا"، بحسب تعبيره.
ويخشى العراق من عودة سيناريو أواسط العام 2014 عندما تمكن تنظيم داعش الإرهابي من السيطرة على مناطق تُقدر بثلث البلاد على خلفية امتداد الصراع في سوريا بين النظام والمجموعات المسلحة السورية في السنوات الماضية.
وقامت القوات العراقية بتعزيز قواتها في الشريط الحدودي مع سوريا بعد أن تراجع الجيش السوري أمام المجاميع المسلحة لغاية ان تمكنت من إسقاط حكم الرئيس بشار الأسد في غضون أيام معدودة.
وانهار حكم بشار الأسد الذي استمر قرابة ربع قرن، مع دخول هيئة تحرير الشام -المصنفة على قوائم الإرهاب الأمريكية- ومجموعات مسلحة أخرى دمشق فجر الأحد الثامن من كانون الأول الجاري، وفرار الرئيس السوري الى روسيا.
وأتى سقوط الأسد عقب هجوم واسع شنّته المجاميع المسلحة، انطلاقاً من معقلها في إدلب (شمال غرب سوريا) في 27 تشرين الثاني الماضي، سيطرت خلاله على مدن رئيسية قبل الوصول الى العاصمة.
وكان الهجوم غير مسبوق منذ اندلاع النزاع في سوريا عام 2011، والذي أسفر عن مقتل نحو نصف مليون شخص ودفع الملايين للفرار، لجأ بعضهم الى دول مختلفة في العالم.
وبعد سقوط الأسد، حضّت أطراف عديدة على تفادي الفوضى في البلاد، مشددة على ضرورة حماية كل المكونات السورية المتنوعة عرقياً ودينياً.
أقرأ ايضاً
- في جلسته المرقمة (38).. مجلس كربلاء: اجراءات عاجلة لتدارك مشكلة الوقود وتعيين (5771) موظف عقد
- السوداني يوجّه هيئة النزاهة بحسم المخالفات المسجّلة في نشاط الخطوط الجوية
- الإعلام الحكومي: عطلة يومي الأربعاء والخميس المقبلين تشمل أبناء المكون المسيحي حصراً