- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
تداعيات الزلزال السوري الجيوسياسية
حجم النص
بقلم:عباس الصباغ
اعلاميا لم يكن مفاجئا ان يقفز الشأن السوري الى واجهة التغطيات الاعلامية المباشرة والمصحوبة بسلسلة لاتنتهي من العواجل وتحليلات "الخبراء" الامنيين والاستراتيجيين ، ولا السقوط الدراماتيكي المدوّي للرئيس بشار الاسد الذي يمثّل النسخة الثانية من حزب البعث بعد سقوط دراماتيكي مشابه للنسخة الاولى في العراق لهذا الحزب على يد المحتل الامريكي وتكرار مآلات السيناريوين الليبي والعراقي وتشرذم النسيج الوطني وتشتت اللحمة الوطنية في هذين البلدين اضافة الى الاحتلال وتهديد عناصر السيادة فيهما ، وكان الخوف كل الخوف من تكرارهما في سوريا ومن انتشار حمامات الدم والفوضى العارمة بكافة اشكالها السياسية/ المجتمعية لان التغييرات الثورية البنيوية الحقيقية لاتصنعها مجرد فصائل متناحرة ومتشابكة وذات أيديولوجيات متعددة اغلبها ينتمي ولاؤها الى الخارج وانما بثورة شعبية شاملة ، ومن حق دول جوار سوريا (اسرائيل / لبنان/ الاردن / العراق/ تركيا) ان تشعر بالقلق ـ رغم فرحة الشعب السوري في التخلّص من كابوس دموي جثا على صدورهم لعقود طوال وكانت دولة الأسد البوليسية توصف بأنها واحدة من أشد الأنظمة الحاكمة قسوة في الشرق الأوسط مع انهيار شامل في ملف حقوق الانسان. فقد جاء التغيير السوري المزلزل في ظل مناخ إقليمي متوتر وملتهب كون ما يحدث الآن في سوريا سيعيد رسم خارطة الشرق الأوسط بأكملها، وتداعيات هذا السقوط ستتجاوز الحدود السورية لتؤثر على المنطقة برمتها، ولحد الان لم تطوَ صفحة حرب غزة ولبنان رغم عدم وضوح الصورة النهائية لهذا الزلزال وفي ظل اضطراب المناخ الاقليمي واستمرار إسرائيل في عدوانها الذي شمل حتى الاراضي السورية بعد غزة ولبنان واضطراب المناخ الدولي والاقليمي المتخوف بسبب طبيعة الجهات التي قامت بالتغيير وبعضها له توجهات ارهابية مثل داعش والتنظيمات الجهادية المتهمة بالارهاب ، لذا من حق العراق ان يقلق لارتباط اكثر الفصائل التي قامت بالتغيير باجندات ارهابية والخوف من تكرار سيناريو الموصل او هي متهمة بالارهاب على سبيل المثال لا تزال هيئة تحرير الشام مصنفة كجماعة إرهابية في الولايات المتحدة وتركيا والأمم المتحدة واوربا، على الرغم من أنها قضت أعواما في محاولة إضفاء الاعتدال على صورتها وتحسينها لطمأنة حكومات العالم والأقليات في سوريا. فضلا عن ارتهان الشأن السوري بفواعل اقليمية متعدة سواء مؤثرة او متأثرة سياسيا واقتصاديا فيها وامنيا (اسرائيل (الجولان المحتل من قبل اسرائيل ومايزال يتعرض لضربات معادية ) / لبنان (حزب الله وتداعيات حرب غزة ) / العراق / ايران (محور المقاومة) تركيا والمكون الكردي المتشابك بين البلدين اضافة الى ملف بي كي كي ) ومن الفواعل الدولية الولايات المتحدة وارتباطها الاستراتيجي بمصالح اسرائيل / روسيا ومصالحها الجيو سياسية في هذا البلد/ الاتحاد الاوربي ومصالحه الاقتصادية والسياسية المترتبة بالرغم من "طمأنة " تلك الفصائل المجتمع الدولي ودول الجوار والراي العام السوري ، وهي فصائل متناحرة سياسيا وطائفيا وعرقطائفيا ومناطقيا وايديولوجيا وجهويا ولأسباب طائفية /سياسية / جغرافية( الاكراد / الشيعة / السنة/ العلويون/ الدروز/ المسيح /بقية الطوائف) بان الامور ستسير حسب مايرام ولاخوف من تكرار سيناريو العراق او ليبيا من ناحية الفوضى الخلاقة كما حدث في العراق او الاحتراب الطائفي / المناطقي / الجهوي كما حدث في لبيبا ، ولهذا لم يتدخل العراق بالشأن الداخلي السوري، وكان الموقف السيادي الوطني بأن يترك القرار للسوريين بتقرير مصير بلادهم ومستقبلهم. الوقائع تفرض نفسها على طبيعة العلاقات السياسية فإذا سقط هذا النظام سيكون هناك نظام سياسي جديد والعراق مضطر للتعامل معه رغم ان العراق طالما اعلن بانه ينأى عن التورط في الشؤون الداخلية لاي طرف من الاطراف الاقليمية ومنها الشأن السوري المضطرب والمليء بالمطبات والالغام السيا/طائفية فهو شان لم يعش حالة استقرار سياسي / اجتماعي طيلة عصره الحديث خاصة منذ تولي حزب البعثي السلطة فيه ودخوله في متاهات الحزب الواحد والقائد الاوحد لذا كانت مخاوف العراق في التعاطي مع الشأن السوري في محلها مع تنسيق جهوده مع جميع الاطراف الإقليمية والدولية الفاعلة من اجل حفظ امن وسيادة سوريا الجريحة.
أقرأ ايضاً
- النتيجة المحتملة واحتمال النتيجة في قانون العقوبات
- هبّة ديموغرافية لشعب فتيّ
- هل آن الأوان لاحداث ثورة في التعليم العالي؟