- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
إدمان المخدرات من أسباب التفريق القضائي للضرر
بقلم: دعاء جليل حاتم
عرف الطلاق بانه إنهاء وحل الرابطة الزوجية ويقع في الغالب من قبل الزوج فهو حقاً من حقوقه وحده ولا تملك الزوجة حق الطلاق ما لم تكن قد وكلت أو فوضت به في عقد الزواج، ولا يقع إلا بالصيغة المخصوصة له شرعاً، وهذا ما نصت عليه المادة (34) من قانون الأحوال الشخصية العراقي رقم 188 لسنة 1959 المعدل بقولها: الطلاق رفع قيد الزواج بإيقاع من الزوج أو من الزوجة أن وكلت به أو فوضت أو من القاضي ولا يقع الطلاق إلا بالصيغة المخصصة له شرعاً.
بما ان حق الطلاق من الحقوق الحصرية للزوج مع ذلك، في بعض الأحيان قد يصيب الزوجة من الظلم والضرر ما يتعذر عليها استمرار الحياة الزوجية معه مما يدفعها الأمر إلى محاولة التخلص منه، وفي حال رفض الزوج إيقاع الطلاق واستمراره بصور الإساءة والضرر هنا وفي سبيل حماية الزوجة تدخل المشرع العراقي ووضع حداً لزواج يتعذر معه استمرار الحياة الزوجية مسايراً بذلك مبادئ العدالة وتماشيا مع روح الشريعة الاسلامية والعصر، فأناب القاضي محل الزوج وخوله حق ايقاع الطلاق بدلاً عنه وهذا ما يسمى بالتفريق القضائي، فهو تطليق الزوجة من زوجها بواسطة القضاء اذا توافر أحد أسباب التفريق المنصوص عليها حصراً في القانون العراقي أعلاه، ويتم التفريق دون رضا الزوج وموافقته ورغماً عنه، فالقاضي يمارس نيابة قانونية خولت له بموجب القانون باعتباره صاحب الولاية العامة، فيملك تطليق الزوجة من زوجها حسب أسباب التفريق المنصوص عليها في نص المواد (40 /41 /42 /43) من قانون الأحوال الشخصية العراقي رقم 188 لسنة 1959 المعدل.
من أبرز الأضرار التي تصيب الزوجة إن لم تكن أهمها والتي اصبحت بدورها شائعة في الوقت الحاضر هي الإدمان على تناول أو تعاطي المخدرات والمؤثرات العقلية، فيكون من باب الرد والإبعاد وإيقاع الجزاء لكل تصرف يخالف طبيعة الاسلام ويكون مجلب للضرر لفاعله أو ينتج عنه ضرر لغيره يجب أن يزال وفق مفهوم القاعدة الشرعية القانونية "لاضرر ولا ضرار"، فكان هناك تجريم لذلك الفعل في الشرع الاسلامي والقواعد الجزائية، كونه من مذهبات العقل الذي كرم الله به الإنسان وفي حال زواله تزول جميع العقائد الإسلامية والإنسانية مما يؤدي بالنتيجة إلى تعريض الاسرة إلى الانهيار والضياع، كل ذلك دعا مشرعوا قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المعدل المذكور أعلاه إلى إعطاء الزوجة حق طلب التفريق القضائي للضرر من زوجها المدمن على المخدرات وفق نص الفقرة الأولى من المادة (41) إذ نصت على أنه "إذا اضر أحد الزوجين بالزوج الآخر … ويعتبر من قبيل الإضرار الادمان على تناول المسكرات أو المخدرات، على أن تثبت حالة الادمان بتقرير من لجنة طبية رسمية مختصة …"، وبعد مراجعة عدة مواد من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم (50) لسنة 2017 وبالأخص نص المادة (33) منه التي أظهرت العقوبات التي يتعرض لها مدمن المخدرات والاستثناء الوارد ضمن نص المادة (39) التي تشمل حالات ايقاف تنفيذ تلك العقوبات والتي تنص على أنه "للمحكمة بدلاً من ان تفرض العقوبة المنصوص عليها في المادة ( 33) من هذا القانون أن تقرر ما تراه مناسباً مما يأتي:
أ. ايداع من يثبت إدمانه على المخدرات أو المؤثرات العقلية في إحدى المؤسسات الصحية التي تنشأ لهذا الغرض ليعالج فيها، إلى أن ترفع اللجنة المختصة ببحث حالة المودع تقريراً عن حالته إلى المحكمة لتقرر الافراج عنه أو الاستمرار بإيداعه لمدة أو مدد أخرى.
ومن خلال استعراض نص المادة الأخيرة يبرز لنا الجانب الإيجابي لفكرة التفريق القضائي، إذ يكون الأخير سبباً إيجابياً وليس بذات الصورة السلبية الشائعة، فيكون دافعاً ورادعاً إيجابياً يدعو الزوج المدمن إلى التخلص من هذا الادمان, لغرض الابقاء على حياته الزوجية والحفاظ على الروابط الأسرية فيكون التفريق من ضمن الاسباب التي تمنعه من الاستمرار على التعاطي، وبذلك نكون قد توصلنا إلى نتيجتين غاية في الأهمية الأولى إننا انقذنا الزوج من مشكلة الإدمان، والثانية إننا حافظنا على زواج كان معرض للانهيار ومن ثم حافظنا على كيان أسرة معرضة للهدم.
ختاماً يمكننا القول بأن الضرر الموجب للتفريق قد ورد في قانون الأحوال الشخصية العراقي بـصورة مطلقة وعليه، فـإنه ينصرف إلى كل حالة لا يستطيع معها استمرار الحياة الزوجية، وقد ترك لـقاضي المحكمة الذي ينظر الدعوى المجال في الكشف عن الضرر الموجب للتفريق من خلال البحث في الوقائع والأدلة المعروضة عليه، وذلك لأن الزوجة أو وکيلها مكلفين بـإقامة البينة على إثبات الضرر وبعد الوقوف على رأي الباحثة الاجتماعية حول الموضوع يقرر القاضي أما بـالحكم بـالتفريق أو رد الدعوى.
أقرأ ايضاً
- التأهيل اللاحق لمدمني المخدرات
- جدلية الاختصاص في ابرام الاتفاقيات القضائية
- دور الاعلام القضائي في تحقيق الأمن القانوني