طرف عتيق وبيوت تفوح منها رائحة العشق للعترة الطاهرة، دأب اهالي الطرف منذ عقود طويلة على تقديم مختلف انواع الخدمة والمشاركات في العزاء الحسيني، وكذلك في مناسبات استشهاد النبي الاكرم واهل بيته، حتى بات يقدم في العام الواحد الخدمة لعشرات الالاف من الزائرين، وفيه العشرات من الخدام ممن لبى نداء فتوى الجهاد المبارك وقاتلوا والى اليوم واقفون لحماية السواتر.
قبل التأسيس
جلس كفيل موكب عزاء طرف الانباريين الخادم "حسين ناجي مجيد " وهو من الجيل الرابع الذي تصدى لادارة الموكب يشرح لوكالة نون الخبرية قصة طرف الانباريين وعشقهم الحسيني والكاظمي بقوله ان" التأسيس الفعلي للموكب كان عام (1946) من قبل عائلات واهل الطرف، وتزامن مع بداية استلام والدي "الحاج ناجي الانباري" لكفالة الموكب، وهو من المواكب القديمة والعريقة والمعروفة في مدينة الكاظمية المقدسة، ولم يكن هذا التاريخ هو الوقت الحقيقي لتأسيس الموكب لان العزاء كان يقام في الطرف من غابر الزمان وليس هناك سوى الفطرة والبساطة، وقد يكون اجدادنا لم يهتموا بالتوثيق او تسجيل الموكب رسميا لذلك بدأ التنظيم والتوثيق والارشفة منذ (79) عاما، ومعنى "طرف" اي نهاية الشارع المؤدي الى مرقد الامامين الجوادين (عليهما السلام)، وهو احد اطراف مدينة الكاظمية مثل أطراف القطانة، والبحية، والسميلات، على غرار اطراف السلالمة وباب الخان وباب بغداد والمخيم بمحافظة كربلاء، والبراك والعمارة في النجف الاشرف، ولكون منطقتنا تسمى "الباب الجبيرة" وهي اوسع من باقي المناطق فينصب والدي خيمة قديمة بأوتاد خشب وتنطلق منها فعاليات مواكب الزنجيل في الايام العشرة الاولى من شهر محرم فقط، لاننا لا نملك حسينة او موكب مشيد، وحتى يفتح الطريق للناس، ولم تكن هناك محاضرات دينية لان المكان لا يسمح بذلك، فركزنا على الشعائر، اما في ذكرى استشهاد الامامين الكاظم والجواد (عليهما السلام) فكان موكبنا يحيي الشعائر ويقدم الطعام والذي حدد بالتمن والقيمة ومجموعة من (حبوبة الماء) وكان شباب المنطقة يوزعون الماء بالقرب (السقا) حتى في ايام التضييق الامني والمطاردات وكان والدي يصر على الخدمة دون خوف او وجل، وتشهد له الكاظمية بذلك".
المنع في الثمانينيات
يستذكر "ابو علي" ايام التضييق والمنع والممارسة التعسفية لأزلام وامن النظام المباد ويقول "كان للموكب شهرة كبيرة ويقصده الزائرون من بغداد والمحافظات، وهو موكب خرج اجيال من الخدام كونه انتقل من الاجداد والاباء والابناء لنا ولأبنائنا واحفادنا، وامانة الموكب تسلم من جيل لآخر، واكاد اجزم كل الذين تراهم الآن يخدمون من اهالي الكاظمية في مختلف المواكب هم احفاد اجدادهم الخدام، والانفاق على الموكب تكافلي بصندوق تجمع فيه الاموال من قبل اهل الطرف في كل مناسبة، ويخرج الموكب في الشعائر بالزنجيل والتطبير في محرم واستشهاد الجواد والكاظم (عليهما السلام) مواكب عزاء وطبخ وتقديم طعام، وفي الاربعينية تقف الشاحنات وتحمل معدات ومواد الموكب وخدامه وتنطلق نحو كربلاء لتقديم الخدمة والمشاركة بالعزاء، وحينها يقوم والدي بتأجير بيوت في كربلاء لاقامة الموكب، لذلك تجد الموكب كل مناسبة في مكان حسب توفر البيوت".
عند الفتوى المباركة
المواكب الحسينية كان لها دور مشرف في المعارك التي خاضها العراقيون لتطهير المدن من براثن عصابات "داعش" الارهابية يسرد "ابو علي" تلك الايام قائلا ان" اكثر شباب طرف الانباريين عند اعلان فتوى الجهاد المباركة التي اطلقها المرجع الديني السيد علي السيستاني هبوا لتلبية النداء والتحقوا بسوح القتال ووصل عدد المشاركين من الموكب في القتال تقريبا (30 ــ 40) خادم، وما زال عدد منهم متطوعا للقنال ويحرس السواتر مع فصائل الحشد الشعبي، وموكبنا تحولت مسؤوليته في العام (1979) بعد وفاة ابي وكانت الشعائر ممنوعة فتسلم اخي الاكبر الحاج "غازي مجيد"، المسؤولية عام (2003)، وبعد زوال نظام الطاغية تطورت الامور وقمنا بشراء دار قديمة في طرف الانباريين وهدمناها وشيدنا عليها الحسينية الحالية التي اصبحت مقرا دائما للموكب ومساحتها (125) متر مربع وشيدناها على ثلاث طبقات الاعلى مخزن لمعدات ومستلزمات الموكب، والثاني للصلاة، والارضي للموكب، والمجالس الحسينية، والصلاة ومبيت الزائرين، وفي استشهاد الامام الكاظم (عليه السلام) نخدم لمدة اسبوع كامل لحين انتهاء حركة الزائرين في الحسينية التي نستقبل ونخدم بها مواكب من المحافظات، ولدينا موقع اخر خصصته لنا العتبة الكاظمية بشارع صاحب الزمان، وننتقل بالخدمة الى كربلاء المقدسة في الزيارة الاربعينية منذ (20) عام عند دائرة الماء بالتعاون مع مسؤولي الدائرة، وحاليا في طور بناء حسينية قرب سيطرة الكفيل، وبعد وفود الملايين من خارج العراق للزيارة وقيامهم بزيارة الكاظمية قسمنا الموكب الى قسمين في الاربعين ليقدما الخدمات في كربلاء والكاظمية المقدستين، كما نقدم الخدمة في مدينة النجف الاشرف بوفاة الرسول الاعظم والامام علي (عليهما السلام)، وفي مدينة سامراء خلال زيارتي استشهاد الامامين العسكريين (عليهما السلام) ونخدم في العام الواحد عشرات الالاف من الزائرين".
قاسم الحلفي ــ الكاظمية المقدسة
أقرأ ايضاً
- ساروا الى كربلاء في زمن البطش... "مضيف الجوادين" موكب يقدم (35) الف وجبة في استشهاد الامام الكاظم
- خلال لقائه بحفاظ القرآن..ممثل السيد السيستاني: القرآن الكريم هو كتاب هداية وفيه مناهج متكاملة للحياة
- توجيه للسوداني قد يجد لها حلا :مناطق البستنة في كربلاء يعجز الجميع عن بناء مدارس لابنائها الطلبة فيها