- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
سياسات واشنطن في سوريا تطغى على مصالح الشعب السوري
بقلم:د.محمد صادق الكاتب والباحث في شؤون الشرق الوسط وافريقيا
بعد سقوط النظام السوري مطلع ديسمبر الفائت، وانتهاء حقبة كاملة من حكم حزب البعث، تغيرت موازين القوى بين الدول المعينة بالملف السوري، وأصبحت القوى الكبرى تسعى إلى تحقيق مكاسب داخل الحدود السورية في ظل تغير اللاعبين المهيمنين بعد الانهيار المفاجئ لنظام الرئيس السابق بشار الأسد، الأمر الذي يتضح جليًا في الممارسات والسياسات الأمريكية والإسرائيلية في البلاد.
حيث يحتل النفوذ الأمريكي في سوريا الموقع الأكبر بسيطرة القوات المسماة بالتحالف على أجزاء كبيرة ومهمة من الأراضي السورية. فمنذ عام 2015 تتمركز القوات الأمريكية في 17 قاعدة و13 نقطة عسكرية وتنتشر معظم تلك القواعد والنقاط، في المنطقة الشمالية الشرقية من سوريا، وهي المنطقة الأغنى بالنفط والقمح، وتعتبر تلك المواقع قواعد ارتكازية، مهمتها دعم قوات سوريا الديمقراطية "قسد" ذات الغالبية الكردية والحليف العسكري والسياسي لواشنطن، والعدو اللدود لتركيا ولأمنها الإقليمي.
في حين توغلت إسرائيل، الطفلة المدللة للأمريكان، داخل الأراضي السورية واقتطعت أجزاء كبيرة من المناطق الجنوبية لسوريا، بحجة حماية المناطق الحدودية، كما انها شنت ما يزيد عن 500 غارة جوية على مواقع عسكرية سورية سابقة، بعد سقوط النظام، بذريعة تخوفها من سقوط الأسلحة العسكرية بيد الأشخاص الخطأ.
وواشنطن بدورها تسعى للانفراد بالساحة السورية بعد سقوط نظام الأسد، وانسحاب النفوذ الإيراني من البلاد، وبذلك تستمر في دعم القوات الكردية الانفصالية بدلًا من الدفع نحو توحيد البلاد، حتى أنها زادت تعداد قواتها العاملة في سوريا والداعمة للفصائل الكردية، من 900 إلى 2000 عنصر بحسب قناة "CNN" الأمريكية.
اللافت أن واشنطن سارعت في "الابتهاج" لموضوع اخلاء القواعد الروسية من سوريا بحسب مراقبين، على الرغم من أن وكالة أسوشيتد برس الأمريكية كانت قد أشارت إلى أن القواعد الروسية باقية في سوريا، والعلاقات الثنائية بين البلدين يعاد تقييمها.
وفي مقابلة مع الوكالة الأمريكية، دعا عبيدة أرناؤوط، المتحدث باسم الدائرة السياسية في الحكومة الانتقالية الجديدة، روسيا إلى "إعادة النظر في وجودها" في سوريا، وكذلك مصالحها. ولكنه لم يستبعد إمكانية بقاء القوات الروسية.
وأضاف أرناؤوط أن "مصالحهم (الروس) كانت مرتبطة بنظام الأسد المجرم، وعليهم أن يعيدوا النظر ويبادروا إلى التواصل مع الإدارة الجديدة ليظهروا لهم أنهم لا يحملون أي عداوة للشعب السوري، وأن عهد نظام الأسد انتهى أخيراً".
من جهته، قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف في اتصال مع الصحفيين إن موسكو تناقش القضية مع السلطات الجديدة. وأضاف: "نحن على اتصال بممثلي القوى التي تسيطر حاليا على الوضع في البلاد، وكل هذا سيتم تحديده في سياق الحوار".
ووفقاً للباحث والمحلل السياسي محمد ابراهيم، فإن واشنطن تسعى للتخلص من النفوذ الروسي في سوريا اعتقاداً منها بأن ذلك "سيكون له تأثير" على أنشطة موسكو في أفريقيا بحسب وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، دون أن تكترث بمصالح الشعب السوري.
وبحسب ابراهيم، فإن واشنطن تسعى لتحقيق ذلك من خلال وسائل الضغط والتهديد بورقة العقوبات التي لم يتم رفعها عن سوريا إلى الآن، الأمر الذي يزيد من صعوبة بناء الدولة وتأمين مستوى معيشة مناسب للمواطن السوري.
ونوّه ابراهيم إلى حقيقة أن روسيا دولة عظمى وذات ثقل سياسي وعسكري كبير في المنطقة. مشيراً إلى أن توجهات الإدارة السورية الجديدة وفتحها الباب لبناء علاقات ثنائية جديدة مع روسيا مهم للحكومة المؤقتة كونها تستطيع الاستفادة من خبرات الروس في إعادة بناء الجيش السوري وفي صفقات السلاح وخاصة بعد أن دمّرت إسرائيل كل إمكانيات الجيش السوري، واحتلت أراضي سورية. كما يمكن الاستفادة من النفوذ الروسي استراتيجياً بالحفاظ على التوازن الدولي في سوريا خاصة بوجود دول ذات وزن كبير كالولايات المتحدة الأمريكية وتركيا وغيرهم.
وأضاف ابراهيم، بأن موسكو أبدت استعدادً واضحاً للتواصل مع المعارضة السورية وصياغة تفاهمات مشتركة. كما أن موسكو لم تحتل أراضي سورية وليس لها مطامع توسعية، كما فعلت واشنطن وإسرائيل.
كما أشار ابراهيم إلى التقارب الروسي التركي ودورهما الأساسي في الملف السوري، خصوصًا وأن روسيا وسيط مهم للتفاوض بين القيادة السورية الجديدة وتركيا من جهة، والأكراد من جهة أخرى، بما يحفظ حقوق الجميع، فهي تتمتع بعلاقات جيدة مع كل هذه الأطراف.
أقرأ ايضاً
- التغير في سوريا موقف العراق المتأرجح
- من يحاسب المتطفل على الدين ؟
- سوريا... والمصير الكارثي الذي تنتظره / 3