عائلة عريقة من عائلات مدينة الكاظمية المقدسة عرفت بعشقها وتفانيها باحياء سيرة محمـد وآل محمـد، فتعاقب الاجداد والاباء والابناء والاحفاد على ادارة موكب تميز باسم عشيرتهم لتقديم الخدمة الى الزائرين وغيرهم من المحتاجين منذ (107) اعوام، بانفاق خاص من هذه العائلة حصرا، ودعموا ساحات القتال وساعدوا الناس خلال جائحة كورونا انهم موكب "آل ماجد".
(107) اعوام
هذا الارث العائلي الذي امتد عبر اجيال متعددة يقول عنه صاحب الموكب الحاج "سعدي آل ماجد" (64) عاما لوكالة نون الخبرية ان" الموكب تأسس عام (1918)، ولديه منذ ذلك الحين "نزلات" الزنجيل و"التشابيه" و "التطبير" ، والمجالس الحسينية التي تتضمن المحاضرات الدينية للخطباء وقراءة القصائد من قبل الرواديد، وتكون على مدار السنة وفي كل مناسبة لاهل البيت (عليهم السلام)"، مبينا ان" الموكب يقدم الكثير من الخدمات الجليلة، ومنذ تأسيس الموكب كان تمويله ذاتيا من عائلتنا فقط، من جدنا الكبير المرحوم "ماجد" وانتقلت الى ابنه المرحوم "احمد"، ثم انتقلت الى اولاده الثلاثة المرحومين والدي "حسون" و"حجي شهاب" و"حجي علي"، لان عائلتنا كان تمتلك معمل طابوق في منطقة "الدباش" التي اصبحت احدى مناطق مدينة الحرية في اربعينيات القرن الماضي وخصصوا نصف ريع المعمل للخدمة الحسينية، ومن الحوادث المشهورة عند اهالي الكاظمية القدماء، ان فيضان كبير حصل في اربعينيات القرن الماضي وغرقت منطقة الدباش بالكامل الا معمل طابوق جدي الذي كانت نصف ارباحه تذهب للخدمة الحسينية وترفع فيه رايات للحسين (عليه السلام) على مدار السنة، مبينا ان" الموكب هو الوحيد في الكاظمية الذي يحمل اسم عشيرة آل ماجد المعروفة في الكاظمية والى يومنا هذا تنفق عشيرة "آل ماجد" بمفردها على الموكب، وتنقل مكان الموكب في اكثر من موقع واتذكر ان مكانه في نهاية العقد الستيني كان داخل الصحن الكاظمي في صحن قريش، وقبلها كان في منطقة "الانباريين" ، كما اقيم في مناطق "الفضوة" و "السميلات" في خان اثري تراثي يسمى خان "قاسم خان" وهو عبارة عن بيت فيه مجموعة من السراديب، وكان موكب التشابيه ينطلق من هذا البيت، وآخر مقر للموكب هو "حسينية الزهراء" التي شيدناها منذ عشر سنوات".
بصمة في كربلاء
ولانهم تعلقوا بالخدمة الحسينية وبذلوا الغالي والنفيس فيها انتقلت خدمتهم الى مدينة كربلاء حيث يشير "الحاج سعدي" الى ذلك بقوله" عمدت عائلتنا الى تشييد حسينية "آل ماجد" في عام (1940)، والتي تعد اكبر حسيني ومساحتها كبيرة تصل الى (3500) متر مربع بمنطقة باب الخان في مدينة كربلاء المقدسة، ونعمل حاليا على اعادتها تأهيلها وصيانتها، باستثناء قاعة واحدة مبنية على الطراز البريطاني فحافظت عليها وجرت عليها عمليات صيانة فقط، وكانت تأوي جميع مواكب الكاظمية والمشاركين معهم فيها خلال محرم الحرام وصفر عند زيارة الاربعينية التي تستمر فيها الخدمة الى حوالي (10 ــ 12) يوما ومجالس يحييها خيرة الخطباء الحسينيون مثل الشيخ "هادي الكربلائي" والدكتور "احمد الوائلي" و"عبد الحميد المهاجر" والرواديد "حمزة الزغير" "حسين الاكرف" و" قحطان البديري" ونقدم ثلاث وجبات طعام اساسية وبينها حزمة من الوجبات الخفيفة، كما نمنح الفرصة للبحرينيين والسعوديين والايرانيين لاحياء مجالسهم في الحسينية ويوميا تقام فيها حوالي ستة مجالس"، وعند استلام اخوتي لمسؤولية الموكب بعد وفاة جدي ووالدي وهي وصيتهم لنا، بل هو ارث يسري في دمائنا ونهج عائلتنا ونحن من سلالة السادة الاشراف، لكن لقب خدام الحسين (عليه السلام) عرفنا به اكثر، وعرف عن موكبنا انه الجهة الوحيدة التي تنزل تشابيه عن "معركة الطف" داخل الصحن الكاظمي الشريف عند باب القبلة بيوم العاشر من محرم عند قراءة المقتل بطريقة "البانوراما"، ومع قراءة قصة المقتل تتجسد تمثيل الحوادث او دور الشخصيات تمثيلا من موكبنا ثم تنتهي بعملية حرق خيام معسكر الحسين (عليه السلام)، وفي رمضان نذهب الى مدينة النجف الاشرف لاحياء ليالي استشهاد امير المؤمنين "علي بن ابي طالب" (عليه السلام)".
"داعش" وكورونا
مهام اخرى انجزها خدمة هذا الموكب يقول عنها "الحاج سعدي" ان" جهودنا تمثلت في تقديم الدعم اللوجستي للمقاتلين خلال الحرب ضد عصابات "داعش" الارهابية عبر تسيير المئات من الشاحنات المحملة باطنان المواد الغذائية ومستلزمات اخرى للمجاهدين في ساحات القتال، ولدينا تنسيق مع قيادات المقاتلين لرفدهم بأي احتياج بسرعة وتلقينا العديد من كتب الشكر على دورنا الحيوي في المعركة، وشمل دعمنا اللوجستي جميع المحافظات التي شهدت المعارك، كما كان للموكب دور مميز في جائحة كورونا التي ضربت دول العالم ومنها العراق، وسخرنا امكانياتنا الذاتية في اكثر من اتجاه حيث شملت توزيع مواد غذائية وتجهيزات منزلية وثلاجات على العائلات والمحتاجين"، لاسيما ان" الحياة الاقتصادية اصبحت شبه مشلولة والكثير من العائلات تعيش على قوت يومها، كما وزعنا مواد طبية تتعلق بالتعقيم، والوقاية، وقناني الاوكسجين، وحوالي (100) جهاز من اجهزة التنفس استوردناها من الصين والكمامات، والكفوف الطبية، وعربات المعاقين، واهدينا اجرها وثوابها للامام الحسين (عليه السلام)".
بعد (2003)
سقط الطاغية وانفرجت الامور يصف هذه الفترة والى الآن بالقول" توسعت خدمتنا الى اقصى طاقة نتمكن من تقديمها، واهمها احياء مشروع اعادة تأهيل حسينية الزهراء في كربلاء المقدسة، واصبحنا نقدم الخدمة خلال الزيارة الاربعينية في الكاظمية وكربلاء المقدستين في وقت واحد بعد توافد ملايين الزائرين الايرانيين الى العراق، وفي محرم نستمر لمدة (30) يوما، ونقدم خلال استشهاد الامام الكاظم (عليه السلام) وعلى مدى (5 ــ6) ايام في الوجبات الرئيسة والخفيفة اكثر من (50) الف وجبة، كما نباشر في تقديم الطعام مع اي زخم بشري في الشارع، ويتناوب تقريبا مئة شاب على الخدمة في الموكب من شباب العشيرة واخرون".
قاسم الحلفي ــ الكاظمية المقدسة
أقرأ ايضاً
- فيديو:حجر عمره 80 عاما على قبر الامام الحسين يزين خاتم العتبة الحسينية
- في شارع باب المراد.. "بياعة المخضر" يخدمون زوار الجوادين منذ (86) عاما
- ساروا الى كربلاء في زمن البطش... "مضيف الجوادين" موكب يقدم (35) الف وجبة في استشهاد الامام الكاظم