خيروه بين استئصال الكبد او الموت... ماهي كرامة "موسى الكاظم" التي شافت خادما شابا واعادته الى موكبه؟
شاب في الثلاثين من عمره يسكن الكاظمية المقدسة التحق بالخدمة في مواكب مدينته منذ نعومة اظفاره وتدرج فيها حتى اصبح طباخا ماهرا يجهز الاف الوجبات من الطعام يوميا، ويحرص على خدمة الزائرين في ذكرى استشهاد الامام موسى الكاظم (عليه السلام) سنويا، اصيب فجأة بمرض دخل على إثره الى المستشفى وتأزمت حالته وخيروه بين استئصال الكبد او الموت في وقت قربت فيها ايام الزيارة، وفي خضم سوء حالته، خاطب باب الحوائج بقلب مكسور ولم تمضى بعدها الا يومان وحصلت الكرامة وشفي تماما وعاد الى خدمة الزائرين.
خادم صغير
يبدو القلق واضحا على وجه الشاب "ليث رعد" وهو يتذكر ما مر به من انتكاسة مرضية وظروف شفائه ويقول لوكالة نون الخبرية انا" من مواليد (1992) من اهالي منطقة "ام النومي" في الكاظمية المقدسة، وكان جدي يعمل "سقه" يروي الزائرين الماء بواسطة القربة، وتعلقت بحب المواكب الحسينية وكان ابي يأخذني معه الى الصحن الكاظمي للمشاركة في العزاء، وعملت مع استاذي "رياض" المتمرس بإدارة المواكب في العام (2004 ــ 2005) وهو من اقارب والدتي وكان يلتقي عندنا في المحل قرب خزان الماء وهو مكان الموكب، وبعد الحاحي الكبير على والدتي طلبت منه ضمي الى خدام الموكب بعبارة شديدة "اخذه خلصني من عنده"، وكنت اعشق اعداد الطعام بالقدور النحاسية ثقيلة الوزن والحطب يشتعل تحتها، فالتحقت مع الطباخين رغم صغر سني وكنت انام في ايام الخدمة ساعة او ساعتين يوميا، وتعلمت الطبخ تدريجيا لتحقيق هدفي في ان اصبح طباخا مثل "رياض" و"ابو رائد" الطباخين المشهورين، وكانت لدى" رياض" طريقة محببة في ادارة الموكب لانه يعلم من يخطأ ولا يزجره او يرفع صوته بوجهه، وهكذا جرت الامور معي واخطأت لمرات عدة لكنه علمني كيف اصبح طباخا ماهرا، واصبحت طباخا معه واخدم في الموكب بمدينة الكاظمية ثم خدمنا في الاربعينية في شارع السدرة بمحافظة كربلاء المقدسة، وذهبنا في وقت المعارك ضد عصابات "داعش" الارهابية الى سامراء واعداد الطعام لالاف المقاتلين والزائرين في مضيف العتبة العسكرية المقدسة، كما شاركت في الدعم اللوجستي للمقاتلين، ثم انتقلت مع "رياض" الى شارع النواب بعد ان استأجر محلا لمهنته، وقدمنا الخدمة لزائري الامامين الجوادين، واصبحنا انا وزميلي "حسين" اسطوات الطبخ في الموكب نعد الاف الوجبات سنويا".
انتكاسة مرضية
يعمل "ليث" منتسبا في العتبة الكاظمية المقدسة ويتمتع بالحيوية والنشاط ومعروف بتأدية الواجبات على اكمل وجه بين زملائه واقرانه، الا انه تعرض لوعكة صحية بل انتكاسه طرحته ارضا يقول عنها" في منتصف شهر كانون الثاني من العام الماضي (2024) تعرضت لمرض التحسس في المعدة والجلد، وظهرت علامات التحسس على وجهي وسقطت ارضا فحملوني الى المستشفى، وبعد الفحص اعطوني مجموعة من الادوية لكن حالتي تأزمت اكثر، فاصبح لديهم شك بأني مصاب بالحصبة واعطيت ادوية خاصة لعلاجها فتردت حالتي الصحية وانتفخ وجهي ولم يستطيعوا تشخيص حالتي، ثم اخبروني ان حالتي هي الاصابة بمرض ذات الرئة، وقاموا بعزلي في ردهة الامراض الوبائية ثم فقدت الوعي لايام عدة، وبعد اجراء مجموعة من التحاليل والفحوصات المختبرية والاشعاعية اخبروني اني تعرضت الى التهاب الكبد الفايروسي نوع (B)، وخيروني بين استئصال الكبد او الموت اذا لم استعجل باجراء العملية، وكل تلك المعلومات وصلتني وانا في ردهة العزل الوبائي فانتكست حالتي النفسية مع المرضية وانا شاب وعمري (31) عاما، ثم تحسنت حالتي قليلا بعد اخذ نوع من العلاجات، وكان اكثر ما يؤرقني ويؤلمني ان والدتي مريضة ولا تتحمل ان تراني بهذا الحال ووالدي تعرض قبل مدة الى جلطة قلبية وذبحة صدرية واخشى عليهم من الموت بسببي، واخوتي تعبوا كثيرا في مرافقتي والمراجعات الى المستشفى، ومع تفكيري هذا كنت افكر بعملي وباب رزقي وذكرى وفاة الامام موسى بن جعفر (عليه السلام) على الابواب فكيف اترك الخدمة فيها".
عند باب الحوائج
بعدما يأس "ليث" من التعافي والشفاء قرر ان يخرج، هكذا يصف ما جرى ويضيف " كان الوقت منتصف الليل فطلبت ان ترفع القنية الطبية "الكانيولا" من يدي وكان الجو باردا جدا واذا اردت قبلها دخول الحمام التحف "بطانية" واتكأ على شخصين، بينما هنا خرجت ببدلة المرضى اسير على وجعي والامي ومرضي الشديد بخطى ثقيلة واتوكأ على الحائط الى الباب لأرى منارتي الامامين الكاظمين الجوادين وهما تشعان في سماء الكاظمية المقدسة، فخاطبت الامامين بقراري النهائي وما يدور في نفسي بخجل وحياء والدموع تنهمر من عيناي "يا سادتي بعد ايام تنصب المواكب وانا لم افارق الخدمة لكما، وحالتي المرضية خطيرة وصحتي في تدهور مستمر، ووالدي مريضان وقلقان علي، فأما اموت وارتاح ويرتاحوا من بعدي، واما بشفاعتكم ومنزلتكم وشأنكم عند الله وانتم باب الحوائج للمحتاجين اتعافى واخرج من المستشفى"، وقررت في اليوم الثاني الخروج من المستشفى ووقعت تعهدا للاطباء على اني اتحمل المسؤولية وخرجت فعلا الى البيت".
كرامة الكاظمين
وفي نفس اليوم راجعت طبيب اختصاص في عيادته بمدينة الكاظمية، واستمع الى شرح مفصل عن حالتي واطلع على كل الفحوصات والتحاليل والعلاجات التي اعطيت لي، فاخبرني "على ما اراه امامي ان حالتك متأخرة ، ولكن سأرسلك الى مختبر فيه خدمات طبية متطورة واجهزة حديثة تعطي دقة في النتائج لعمل "زرع" لالتهاب الكبد الفايروسي والوقوف الى التشخيص النهائي"، واخذت مني الخزعة عبر فحص مسرع وصلتني نتيجته في اليوم الثاني، وكانت نسبة الالتهاب السابقة لا يخبروني بها بل يقولوا لي تحتاج الى عملية استئصال بمعنى انها نسبة عالية جدا وخطرة، ومن المعروف ان النسبة المطمئنة الطبيعية (1) بالمئة يكون فيها التهاب عادي نتيجة الدهون، وجميع المواطنين تكون النسب عندهم (0،85 ــ 0،90) تحت الصفر نسبة طبيعية، بينما عندما وصلتني النتيجة عبر الهاتف كانت تجلس بقربي شقيقتي وهي تعمل في التحليلات المرضية وعندما طلبت منها اعلامي بالنتيجة صدمت واصفر وجهها فقلت لها اخبريني مهما يكون الامر وكنت آيسا من الشفاء، فأخبرتني ان نسبة الالتهاب (0،24) بالمئة وهي اقل من الطبيعي بل كبدك افضل حتى من كبدي او كبد اي انسان سوي، فذهبت مسرعا الى الطبيب الذي ارسلني الى "الزرع" ودخلت دون استئذان مقتحما العيادة، وتعامل معي بإنسانية ولطف واجلسني وشاهد التقرير واخبرني اني سليما معافى بشكل تام، والتحقت بالموكب لأخدم سادتي الكاظمين الجوادين، واشكرهما على شفاعتهما".
قاسم الحلفي ــ الكاظمية المقدسة
أقرأ ايضاً
- (7) ملايين عاطل عن العمل في العراق.. علاوي: زيارة السوداني لبريطانيا مثمرة ولكن الأولويات غائبة(فيديو)
- "HMPV".. فيروس رئوي يثير مخاوف الصينيين
- بالصور:العتبة الحسينية تشيد "المستشفى العراقي للمحاكاة" لاول مرة في العراق